كشف تقرير عن ارتفاع ملحوظ في عدد أولئك الذين يخاطرون بحياتهم، بالنوم في صناديق القمامة، فيما يتزايد عدد المشردين الذين ينامون بالعراء، في شتى أنحاء بريطانيا.
وأمام هذه الظاهرة دعت شركات جمع القمامة والجمعيات الخيرية المعنية بحالات التشرد إلى تبني مقاربة جديدة على المستوى الوطني لمنع وقوع وفيات وحالات قريبة من الموت بعد وقوع حوادث عديدة شملت بعضاً من أولئك المقيمين في العراء والسكارى الذين وضِعوا دون قصد في شاحنات القمامة.
وحتى الآن، أُعلِن عن موت سبعة أشخاص من الجمهور في الصناديق المخصصة للقمامة ما بين عامي 2013 و2018، بمن فيهم أولئك الذين ينامون في العراء والأشخاص الذين كانوا خارج بيوتهم ليلا، حسب أرقام "مديرية الصحة والسلامة".
وزادت الحالات التي اكتشف فيها عمال جمع القمامة أشخاصاً يرقدون داخل الصناديق إلى 35 في المائة بين شركات جمع القمامة السنة الماضية، مقارنة بـ21 في المائة خلال عام 2014.
ووفقا للبحث، فإن هذه الممارسة أصبحت شائعة الآن خلال كل فصول السنة، بدلا عن أن تكون في الشتاء فقط، فحسب دراسة جديدة أعدتها شركة معالجة النفايات، بيفا، وجامعة "أوبن يونفرسيتي" و"المعهد المعتَمَد لمعالجة النفايات".
وفي السياق نفسه، قدرت دراسة قامت بها جمعية "كرايسيس" (الأزمة) المعنية بالمشردين و"جامعة هريوت- واط " أنه كان هناك 12.300 شخص ينامون في العراء عام 2017، في شتى أنحاء المملكة المتحدة (11 ألف في إنجلترا) وخلال أي وقت من السنة، مقارنة بـ7.250 في عام 2014.
وجاء في البحث أن "الاستنتاج الغالب هو أن حالات التشرد شهدت زيادة كبيرة منذ عام 2014".
وتتعقب هذه الدراسة الميدانية عدداً من الحالات البارزة التي تشمل أشخاصاً سكارى قضوا وقتاً في الليل وسعوا للحصول على ملاذ مؤقت.
ففي مدينة ساندرلاند، وُجد جاي ماكلارين، ميتاً في مشغل لتكرير القمامة ليلة عيد الميلاد (كريسماس) في عام 2017، بعد تسلقه حاوية تجارية، خلال ساعات خروجه من بيته ليلاً.
واستنتج تحقيق جرى حول موت الأب، البالغ من العمر الثامنة والعشرين، نتيجة لإصابات لحقت برأسه وصدره، وأن الحادث وقع عرضاً.
وفي السنة الماضية، توفي رجل مشرد آخر، عمره 47 سنة، بسبب إصابة أحد شرايينه بالتهاب، بعدما سُحقت قدماه بشدة حين دُفع إلى شاحنة قمامة في بلدة كينت.
وشاهدت اندبندنت شريطاً مصوراً قدمته شركة "بيفا"، ويدور حول عدد من عمال جمع القمامة لحظة اكتشافهم شخصاً نائماً في حاوية بمدينة نوريتش الاثنين الماضي، وآخر كاد يرفع إلى شاحنة القمامة في مرآب (موقف سيارات).
وقال أحد سائقي الشركة في مدينة واريك إنه ذات مرة شعر بخوف شديد من أن يكون جرش شخصاً ما حتى الموت بعد تسلق رجل إلى حاوية تجارية مخصصة لتكرير القمامة.
وفيما هو يستذكر أحداثاً مرت به، قال عامل اسمه ستيف، "خرجتُ من العربة، وتفحصت الحاوية، ودفعتها، وما إلى ذلك. حالما تحركتُ إلى المهمة اللاحقة، نظرتُ إلى الكاميرا، فتشكل لدي انطباع بأن هناك شيئاً ما غير طبيعي يجري، شيء ما يتحرك داخل خلفية الشاحنة".
وأفاد ستيف قائلا، "الشيء اللاحق الذي عرفته هو أنني كنت أرى يداً تتحرك إلى أعلى، فقفز قلبي إلى فمي، هذا ما حدث فعلاً. وصلت خدمات الطوارئ وتمكنوا أخيراً من إخراجه من القمة، وقالوا إنه سيكون بخير".
وأضاف "كان همي الأساسي سلامة الرجل لأني جرشت تماماً كل الحمولة".
كذلك هو الحال مع عامل آخر في مدينة كارديف (عاصمة ويلز) تمكن من تجنب وقوع وفاة في شاحنته، بعد ملاحظة أن الحاوية التي يسحبها باتجاه الشاحنة كانت أثقل مما يجب أن تكون عليه. وعند فتح الحاوية وتحريك ورق مقوى جانباً، اكتشف رجلاً نائماً في داخلها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونتيجة لكل هذه الأحداث، بدأت شركة بيفا الآن باختبار "تكنولوجيا تقصّي البشر" التي تراقب درجة الحرارة ومستويات ثاني أوكسيد الكربون في صناديقها.
وفي هذا الصدد، قال مايكل توبهام، الرئيس التنفيذي لشركة بيفا، إن نوم الناس في حاويات القمامة قضية مهمة بالنسبة لهم الآن مثلما كانت حين نشرت الشركة تقريرها الأول عنها عام 2014.
وأضاف، "من المؤسف، أن عدد المشردين ازداد بشكل درامي منذ صدور التقرير الأول، وهذا ما يجعل اتخاذ إجراء فعال في هذا الحقل أمراً أكثر إلحاحاً. نحن ملتزمون بإثارة هذه القضية أمام الشركات الصناعية وتطوير سياسات وإجراءات يتم تبنيها على نطاق واسع لمنع وقوع مآسٍ أخرى".
وقالت بولي نيت، الرئيسة التنفيذية لجمعية "شلتر" (الملاذ)، "ماذا يمكن قوله على مجتمعنا حين يُجبَر مواطنونا على النوم في صناديق القمامة؟ هذا حقاً هو الثمن الرهيب لأزمتنا في مجال السكن. لا أحد يجب أن يكون مستميتاً لملاذ إلى الحد الذي يجعله يخاطر بحياته بالنوم في حاوية مخصصة للفضلات".
وفي السياق نفسه، قال جون سباركس، الرئيس التنفيذي لجمعية "كرايسيس"، "أمر مأساوي جداً، وغير إنساني أن ينام الناس في العراء ويجبرون على البحث عن ملاذ في صناديق للقمامة للحفاظ على الدفء وعدم التبلل".
وأضاف سباركس أنه، "في الوقت الذي يمكن اعتبار ازدياد الوعي والتدريب لأولئك العاملين في جمع القمامة أمراً إيجابياً، فإن المسؤولية يجب ألا تقع على عاتقهم. فبصفتنا مجتمعاً، نحن، في المقام الأول، بحاجة إلى التركيز على الأسباب التي تجبر الناس على هذا النوع من التشرد".
أما بترا سلفا، مديرة المقيمين في العراء في سانت مونغو، فقد وصفت موت الناس وهم مشردون بأنه "مأساة كبيرة".
وأضافت أن "حالات الوفاة الرهيبة تقع حين يحاول الناس العثور على ملجأ في الحاويات. نحن نرى، في المقام الأول، أنه من غير المقبول أن يجبر الأفراد على النوم في العراء، لكن الأمر يبدو عسيراً على التصديق أن الناس مستميتون إلى هذا الحد بحيث يلتجئون إلى صناديق القمامة".
في المقابل، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الإسكان والكيانات المجتمعية والحكومات المحلية، إنه "من غير المقبول على الإطلاق أن يجبر أي إنسان على النوم في هذه الظروف في بريطانيا الحديثة. هذا لا يعكس المجتمع الذي يجب أن نكون فيه، ولهذا السبب نحن ملتزمون بإنهاء النوم في العراء قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية".
© The Independent