وصل العشرات من الطلاب اليمنيين وعائلاتهم، صباح اليوم الأربعاء، إلى مطار العاصمة الإماراتية أبو ظبي، قادمين من مدينة ووهان الصينية، في عملية إجلاء إنسانية طارئة على متن طائرة تابعة لشركة الاتحاد الإماراتية جراء انتشار فيروس كورونا.
وقال الطالب هيثم علي، المسؤول الإعلامي للطلاب اليمنيين في مدينة ووهان، إنّ الطائرة التي أقلّتهم فجر اليوم، من مطار ووهان (بؤرة انتشار فيروس كورونا المُستجد) حملت على متنها 58 طالباً وطالبة، في عملية إجلاء جرت بالتنسيق بين الحكومتين اليمنية والإماراتية.
وأوضح هيثم، خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أنّ "السلطات الإماراتية باشرت باستقبال الطلاب اليمنيين في مطار العاصمة أبو ظبي، ونقلتهم إلى الحجر الصحي المخصص لهم، الذي من المُقرر أن المكوث به نحو 25 يوماً حتى يُجرى استبيان أي حالة مصابة للتعامل معها، ثم الانتقال إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن".
وقدّم هيثم شكره إلى الإمارات على ما وصفه "التعامل الأخوي والإنساني والاستقبال الراقي والكريم الذي وجدوه منذ لحظة وصولهم".
لا إصابات
من جانبه أكد أديب الجعيدي رئيس اللجنة الأكاديمية لاتحاد طلاب اليمن بالصين، أنّه "لم تسجل أي إصابة بالفيروس في صفوف الطلاب اليمنيين حتى اللحظة".
وأوضح الجعيدي، إلى "اندبندنت عربية"، أنّه منذ بدء انتشار فيروس كورونا في الصين وبالأخص مدينة ووهان، والطلاب اليمنيون يعيشون مع عائلاتهم أسوأ حالات القلق والخوف المستمر جراء الانتشار السريع والمخيف للفيروس، خصوصاً بعد إعلان منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة الصينية عدم التوصّل إلى أي علاج أو لقاح لهذا الفيروس، سوى عملية الحجر الصحي التي فرضتها السلطات الصينية على كل المواطنين الموجودين في أراضيها، بمن فيهم الأجانب الذين جرى إجلاؤهم من قِبل حكومات بلدانهم بشكل شبه تام، بينما لم يتبقَ سوى الطالب اليمني وعائلته يناشدون الحكومة والخارجية باستمرار من دون جدوى.
وبقيام السلطات الإماراتية بإجلاء عشرات الطلاب اليمنيين من مركز انتشار الوباء، يؤكد الجعيدي أنه خلال كل هذه المراحل المصاحبة انتشار الفيروس في الصين فإنه "لا يزال هناك نحو 5000 طالب يمني مع أسرهم وأطفالهم، يتوزّعون على نحو 80 مدينة ومقاطعة صينية".
وعن كيف يقضي هذا العدد من الطلاب اليمنيين أوقاتهم؟ قال أمين عام اتحادهم، "يقبعون داخل منازلهم، وهم بطبيعة الحال ممنوعون من الدخول والخروج، وملتزمون بالحجر الصحي الذي فرضته الحكومة الصينية كونه الحل المتاح الوحيد للسيطرة على انتشار الفيروس حسب إعلامهم".
هكذا عايشنا المأساة
ويروي الجعيدي تفاصيل معيشتهم وسط هذه الأجواء التي يحيط بها الخوف جراء انتشار الفيروس، ويقول "عملية الحجر الصحي أجبرت الجميع على البقاء في منزله أو سكنه الجامعي، ومنعت أي تجمع أو خروج أو دخول، بمعنى أنّ الطالب يعيش في معزل تماماً عن العالم الخارجي لمنزله، وكأنّه في سجن داخل غرفته لا ينتقل إلى أي مكان خارج حدود الغرفة، ولا يلتقي أحداً سوى ما يصله من خدمات عبر جانب الحكومة الصينية بمقابل مالي، يدفعه الطالب عن كل الأشياء التي تصل إليه أو خدمة يستفيد منها".
ويضيف، "في ظل هذه الأجواء المرعبة لك أن تتخيل مشاعر أهلك وذويك وأقربائك في اليمن الذين يعانون الخوف والقلق علينا، كما هو حالنا وربما أشد".
تقصير رسمي
وتطرق رئيس اللجنة الأكاديمية لاتحاد طلاب اليمن بالصين، إلى الإجراءات الحكومية المتأخرة التي حالت، حتى اللحظة، من إجلاء آلاف الطلاب المبتعثين هناك.
وأفاد "منذ بدء انتشار الفيروس، ونحن نناشد الحكومة اليمنية ورئاسة الوزراء والسفارة اليمنية ومجلس النواب وغيرهم إجلاءنا قبل فوات الأوان، لكن مع الأسف كل المناشدات التي وجّهت إلى الجانب الحكومي لم تلق آذاناً مصغية، ولم تترجم على أرض الواقع سوى بمجموعة من التصريحات الإعلامية هنا وهناك، أو تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي".
ويضيف، "عجزت الحكومة أمام أبسط حاجات الطالب اليمني بالصين في ظروف استثنائية، التي تمثلت بأمرين: الأول سرعة الدعمَين المادي والنفسي للطلاب لمواجهة الصعوبات التي يواجهونها بصورة عاجلة، إضافة إلى صرف مستحقات الطلاب المُتأخرة لنصف عام ويزيد. والثاني سرعة الإجلاء إلى مكانٍ آمن، مع العلم أنّ الحكومة لم تصرف المستحقات المالية للطلاب، ولا يزال الربع الرابع للعام الماضي لم يصرف".
إجراءات بطيئة
وأمام ردّة فعل الحكومة البطيء، أوضح الجعيدي أن سفارة بلادهم أبلغتهم قبل نحو أسبوعين بأن هناك عملية إجلاء تُرتب لها الحكومة اليمنية مع الإمارات لطلاب مدينة ووهان فقط، الذين يبلغ عددهم نحو 220 طالباً.
ويقول، "هذا يعني ترك نحو 4800 طالب في بقية المدن يواجهون مصيرهم من دون النظر إليهم سوى بمنشور على موقع السفارة يدعو الطلاب إلى التزام التعليمات الصينية والحجر الصحي".
ومن خلال "اندبندنت عربية" وجّه الجعيدي رسالة مفادها "نطالب الحكومة اليمنية ورئاسة الجمهورية بسرعة معالجة وضع بقية المدن لصرف مستحقات الطلاب المتأخرة وإجلاء البقية في المدن الأخرى، والتعامل بمسؤولية تجاه هذا الأمر الطارئ والمخيف الذي قد ينتهي إلى كارثة حقيقية".
أول تعليق حكومي
وفي أول تعليق رسمي لها، قدّمت الحكومة اليمنية شكرها إلى الإمارات على إجلاء الطلاب اليمنيين من مدينة ووهان الصينية.
وقال رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك سعيد، في تغريدة له على (تويتر)، "إجلاء إخواننا وأبنائنا الطلاب وعائلاتهم من ووهان في الصين موقف كريم وأصيل من أشقائنا في دولة الإمارات"، كما شكر عبد الملك الحكومة الصينية على رعايتها واهتمامها بالطلاب اليمنيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعيش نحو 220 يمنياً من الطلاب وعائلاتهم في مدينة ووهان، التي تخضع ضمن مقاطعة هوبي، للحجر الصحي وإجراءات مشددة، منذ ظهور فيروس كورونا العابر الحدود فيها مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقد جرى تحديد فيروس كورونا في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2019 في مدينة ووهان وسط الصين، وفي يناير (كانون الثاني) 2020، جرى تأكيد وجود ما يقرب من 75,775 حالة في الصين.
وقامت حكومات ووهان و15 مدينة صينية بعمل حظر تنقّل شمل أكثر من 57 مليون شخص انطوى ذلك على إيقاف جميع وسائل النقل العام في المناطق الحضرية، والنقل إلى الخارج عن طريق القطار، والطيران والحافلات ذات المسافات الطويلة.
وبلغت الوفيات حول العالم حتى ساعات متأخرة من مساء الثلاثاء، 3168 حالة، بينما ارتفع عدد المصابين إلى أكثر من 92 ألفاً و870 مصاباً، منها 80152 إصابة سُجّلت في الصين، وبلغ عدد الوفيات فيها نحو 2945، حسب إحصاءات رسمية.
وتقول السلطات الصينية، إنّ معدل الإصابات بالفيروس يتراجع بشكل مستمر، وتؤكد منظمة الصحة العالمية الرواية الصينية، وتشيد بالنتائج التي حققتها في مكافحة الوباء، لكنها تعبر في الوقت ذاته عن قلقها من انتشار الفيروس في دول أخرى.