حصيلة عقود... "البدر" ينثر إبداعاته في "ليلة عمر"

"ليلة لو باقي ليلة في عمر" البدر" لأضاف للكلمات فنوناً هندسية جديدة كما اعتاد منذ عقود، جمع من خلالها بين جزالة القلم وعنفوان الريشة، واحتفاءً بـه خصصت له "ليلة"، فكانت "ليلة عمر"، اختزلت ما قدمه من تاريخ أدبي وفني، "وش كثر كانت جميلة".

متعنا الشاعر والفنان الأمير بدر بن عبدالمحسن الذي حلق "فوق هام السحب" بقصائده، في احتفالية استضافها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء" ليلة الإثنين الماضي بالمدعوين في رحلة فنية من إبداع أنامله التي هندست الكلمات ولعبت بريشة الألوان، التي ألهمت عديداً من الفنانين والشعراء والكتاب، وهو الذي علم محبيه قواعد العشق والهوى من "عطني المحبة" وحتى "وترحل"، والحد من ألم الفراق في "مرتني الدنيا" فأصبح "أسهل من الكذبة على شفة طفل"، ومرارة الآلام في "حسايف"  والاعتذار عن كل شي "إلا الهوى ماله عذر".

ليلة شعرية ثرية

ليلة، اختزلت ما قدمه البدر في عقود من الزمن، بين حوار وشعر وغناء وأداء مسرحي في مشهد اختلطت به مشاعر الحب والحنين والوطنية فشهدت إلقاء عديد من قصائده، أذهلت الجمهور المكتظ والتواق لعذوبة أشعاره وجزالة كلماته على مسرح إثراء، وناخت أفكارهم عند  "الرسايل"، "قمرها لي"، على الغدير"، "إنتِ اللي وحدك"، وجميعها شكلت بطاقة عبور لمحبي الشعر الأصيل، إذ قام بأداء بعضها كل من زينة عماد، نواف الجبرتي، ومعاذ بقنة، وتقدمهم على خشبة المسرح الفنان الدكتور عبدالرب إدريس الذي شدا بأغنية "الفجر البعيد".

تضمن المعرض 25 لوحة فنية رسمها الشاعر المحتفى به (اندبندنت عربية)

"إثراء" مثر

وثمن الأمير بدر بن عبدالمحسن دور مركز "إثراء"، الذي أكد أنه أعطى الفرصة لإثراء كل ما هو ثري، ووصفه بأنه فخر للجميع، ومع سرده الشعري والنثري المنساب، استكمل الأمسية بجلسة حوارية، الأستاذ تركي الدخيل الذي سلط الضوء على محطات الفنان الشاعر، وعلاقته بالشعر والنثر، في محاولة من الدخيل للتعمق في قصائده وعديد من أشعاره، لا سيما الوطنية منها.

 معرض البدر

خلال الحفل، دشن الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية معرض" البدر" للشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن المصاحب لأمسية "البدر في إثراء" بحضور الأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة الشرقية وذلك في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي إثراء، وتضمن المعرض 25 لوحة فنية مزجت بين الحداثة والمعاصرة، وجمع المعرض الذي يقام لأول مرة في المملكة ويستمر إلى نهاية شهر مايو (أيار) المقبل لوحات عدة للفنان الشاعر "البدر" منذ الثمانينيات وحتى الوقت الحاضر.

نصوص نثرية تعانق التمثيل

وإلى جانب الثراء اللغوي وهندسة الكلمات التي يتمتع بها الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن، أخذ على عاتقه دعم المواهب الشابة من خلال ترجمة كلمات قصائده بالأداء على خشبة المسرح، فمنح كل من أسيد الشامي وسارا الدهكالي أداء نصوصه النثرية على خشبة إثراء لتكون حدثاً في ليلته في أربعة مشاهد، (الحب، والشعر، والتأمل، والوطن). وأفصح الممثل  المؤدي الصوتي أُسيد الشامي لـ "اندبندنت عربية" عن مدى فخره بكونه أحد المشاركين في هذه التظاهرة الثرية وفي ليله مثل  "البدر في إثراء"، قائلاً، "توجت بحضور الأمير بدر بن عبدالمحسن وتواجد جمع غفير من الضيوف الكرام ومشاهدين خلف الشاشات" واعتبر الشامي تجربته في "معلقاتنا امتداد أمجادنا" بالمفتاح الذي فتح له باب المشاركة في تظاهرة مثل ظاهرة "البدر في إثراء" وأضاف، "خلال التدريبات وجدنا إشادة وتعليقات جميلة من الأمير بدر، إذ كان حريصاً على دعمنا وتشجيعنا وتطويرنا، ونحن في بيئة داعمة جداً للشباب بالذات في مجال التمثيل والغناء".

أما سارا الدهكالي التي وافقت على المشاركة من دون أي تردد على رغم أنه العمل المباشر لها، بعد أدائها 15 عملاً مسرحياً، اعتبرت ذلك كما أفصحت لـ "اندبندنت عربية" بأنها فرصة كونها من الأمنيات التي تحققت، مشيرة إلى أن الأمير بدر كان متابعاً ومشرفاً شخصياً على أدائها خلال التدريبات.

الأمسية جمعت الشاعر والفنان

قالت رئيسة قسم التسويق وإدارة الهوية بإثراء وضحى النفجان لـ "اندبندنت عربية"، "البدر في إثراء" أمسية نحتفي فيها بالأمير بدر بن عبدالمحسن شعراً وفناً من خلال العرض الذي قدم والمعرض الفريد من نوعه الذي يقدم لوح البدر، وهذا جزء من برامج مختلفة نقدمها في إثراء خلال هذا العام، وخلال السنوات الماضية قدمنا برامج معرفية في مجالات الأدب والإبداع والمسرح والفن وغيرها، لكون إثراء له دور كبير في تطوير الإبداع عند الشباب السعودي".

وأوضحت أن إثراء يركز على ثلاثة أمور رئيسة، وهي تطوير المحتوى المحلي من طريق دعم الشباب في صناعة المحتوى الإبداعي، وإيجاد منصة للشباب كالمواهب التي شاركت في حفل البدر، وإحضار ثقافات العالم وثقافات السعودية للجمهور.

وعن سبب اختيار الاحتفاء بشخصية الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن قالت، "إلى جانب كونه شخصية سعودية يقدرها الجميع ويحترمها وقامة فنية وثقافية في السعودية، فهو يتميز بكونه فناناً وصاحب ريشة فنيه، وهذا ما أبرزناه من خلال المعرض". وأشارت إلى أن صناعة محتوى العرض نابعة من فكر وإنتاج الأمير بدر بن عبدالمحسن.

يحرص المركز الثقافي على الاحتفاء بالرموز السعودية في شتى المجالات (اندبندنت عربية)

من جهتها، أكدت رئيسة قسم التواصل والمحتوى بإثراء هديل العيسى لـ"اندبندنت عربية" أن المركز يحرص على الاحتفاء بالأيقونات والقامات في شتى المجالات، واحتضن المسرح أكثر من 50 عرضاً مسرحياً، إضافة إلى كثير من الفعاليات المختلفة مثل برنامج (اقرأ) الذي استضاف كثيراً من الكتاب المرشحين لجائزة نوبل وغيره من المثقفين والشخصيات البارزة،  إضافة إلى الاحتفاء أخيراً بأم كلثوم من خلال عرض مسرحي للدكتورة منى خاشقجي.

وقالت، "اليوم نحن في أمسية مختلفة جداً عن كل ما قدمه إثراء، كوننا استضفنا البدر بمحتواه وإنتاج ضخم من تنفيذه وإبداعه وإخراجه، وهذا شيء لم يسبق لنا عمله في إثراء، إضافة إلى تزامنها مع عام الشعر العربي والذكرى الخامسة لافتتاح مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي إثراء".

وأشارت العيسى إلى مشاركات الأمير بدر بن عبدالمحسن مع إثراء السابقة، منها تسجيل خاص لقصيدة له في اليوم الوطني، ومجلة "إثرائيات" التي شارك بجانبه كفنان، فحكى عن ريشته وإلهامه وعلاقته بالصحراء وعلاقة الشعر والفن في حياته وتأثيرهما فيه، معتبرة الأمسية تاريخية في مسيرة إثراء، وترى العيسى أن المجتمع السعودي بحاجة إلى هذا التوجه الثقافي وتنفيذ عديد من البرامج والمحافل والمعارض التي ترتقي بالذائقة الفنية والأدبية والثقافية.

بدوره، بين مدير مركز إثراء المهندس عبدالله الراشد أنه في حفل البدر تجتمع أطياف الفن من الكلمة الشعرية المغناة والأداء المسرحي الملهم والصورة المعبرة، تأكيداً على دور إثراء المتمثل في دعم المشهد الثقافي والفني قائلاً، "نطل عليكم من العام الذي خصص ليكون عاماً للشعر العربي، فيأتي احتفاؤنا بمن جمع بين جزالة القلم وعنفوان الريشة تزامناً مع مرور خمسة أعوام على افتتاح المركز".