Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النيجر بين رئيسين... مصير المخلوع والموقت

دروس التاريخ تتوقع بقاء قائد الانقلاب تشياني في السلطة وأفول نجم بازوم

نجم الرئيس المخلوع محمد بازوم ومعاونيه بدأت مرحلة الأفول في النيجر بعد انقلاب عسكري قاده  الجنرال عبدالرحمن تشياني  (اندبندنت عربية)

ملخص

مطالبات أطلقها سياسيون في النيجر لإعادة الرئيس المنتخب محمد بازوم لكن دروس التاريخ تميل لكفة قائد الانقلاب عبدالرحمن تشياني

تتباين مسارات حكام النيجر الجدد والسابقين الذين أزاحهم الانقلاب العسكري، قبل أيام، فبينما تفتح التجربة الجديدة الباب أمام الضباط والعسكريين المتمردين لقيادة البلادة في المرحلة الانتقالية، يعيش الطرف الثاني في مرحلة أفول نجم الرئيس محمد بازوم ومعاونيه وخروجهم المحتمل من الحياة السياسية.

يكاد هذا المنحى يكون قاعدة في جميع الانقلابات العسكرية بغرب أفريقيا، إن لم يكن بالعالم أجمع مع بعض الاستثناءات لمن اختار العودة للسياسة بعد هدوء عاصفة الانقلاب، ومن فضلوا تسليم الحكم لغيرهم.

وعلى رغم المطالبات التي أطلقها سياسيون، أمس السبت، بإعادة الشرعية للرئيس بازوم، وإنهاء الانقلاب العسكري، وأيضاً التهديدات التي أطلقتها فرنسا والاتحاد الأفريقي بوقف المساعدات وإمهال الجيش 15 يوماً للعودة لثكناته، فإن ذلك لن يوقف العسكر عن المضي قدماً في مشروعهم بالسيطرة على الحكم ورفض كل المطالب والتهديدات.

الإقامة الجبرية

يتساءل كثيرون عن مصير الرجلين الأكثر إثارة للجدل في النيجر حالياً، وهما الرئيس المخلوع محمد بازوم وقائد الانقلاب العسكري الجنرال عبدالرحمن تشياني، فما المصير الذي ينتظر كل منهما؟

لتشابه الانقلابات العسكرية في غرب أفريقيا من حيث دوافعها ومراحلها وطرق تنفيذها والأحداث التي تصاحبها، فإن مصير محمد بازوم (63 سنة) لن يخرج عن غالبية الرؤساء الأفارقة الذين انتهى حكمهم بانقلاب عسكري، بخاصة في الفترة الأخيرة، إذ لم تعد التصفية الجسدية والإعدامات أسلوباً مستحباً لإنهاء حكم رئيس سابق، كما كان يحدث في الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتوقع المراقبون أن يظل بازوم معتقلاً إلى أن يتم التوصل إلى حل توافقي بين العسكريين والجهات الغربية التي تضغط حالياً من أجل عودته للحكم، مشيرين إلى أن الرئيس المخلوع سيظل محتجزاً في جناح سري بالقصر الرئاسي خوفاً من تدخل جهات خارجية لتحريره، وسيتم بعد التوصل إلى اتفاق مع المنظمات الأفريقية وجيران النيجر، تخييره بين البقاء قيد الإقامة الجبرية الموقتة أو السماح له بالسفر خارج البلاد وربما اللجوء إلى دولة غربية.

المتخصص الموريتاني في الشأن الأفريقي محمود الشيخ أحمد قال إن بازوم يحظى باحترام كبير في الغرب، خصوصاً في فرنسا، وهو ما سيجعل سلامته والإفراج عنه في صدارة أية محادثات ستجري الآن أو لاحقاً مع قادة الانقلاب.

وذكر أن الأمر سيستغرق بعض الوقت، لأن العسكر متخوفون من تأثير حضور بازوم على مشروعهم في حال سمحوا له بالخروج في هذه الفترة.

وقال الشيخ أحمد في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، "بالنظر إلى ما حدث في الانقلابات السابقة والمشابهة لحالة النيجر فإنه سيستمر احتجاز بازوم لفترة من الزمن، تتراوح بين شهر وستة أشهر، بحسب سير المفاوضات ومزاج العسكر". وأضاف "هذا ما حدث سابقاً بمالي وغينيا وبوركينافاسو، فمثلاً في مالي تم اعتقال الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا على رغم أنه استقال بضغط من العسكر، وتم اقتياده إلى قاعدة عسكرية قرب العاصمة، حيث طبقت عليه حراسة مشددة، إلى أن انتهى العسكر من مفاوضاتهم مع الاتحاد الأفريقي و(إكواس)، بعدها تم نقله لمنزل، حيث خضع للإقامة الجبرية، ولاحقاً استجاب العسكر لطلبه بأن وافق على سفره للعلاج بالإمارات، وبقي هناك لفترة، ثم عاد لبلاده وهو في حالة صحية حرجة، ثم توفي لاحقاً متأثراً بإصابته بجلطة دماغية أثناء اعتقاله من قبل العسكر".

وإذا كان كيتا (76 سنة)، الذي حكم ما بين 2013 و2020، قد استسلم بسرعة للعسكر وأجبر على الاستقالة، فإن محمد بازوم (63 سنة) الأصغر سناً والأكثر صبراً على ما قد يواجهه بعد العسكر في فترة اعتقاله، بالنظر إلى أنه رفض حتى الآن الاستقالة على رغم الضغوط التي مورست عليه، فإن أي سيناريو آخر قد يحدث له يرتبط أساساً بمدى قوة وصلابة المجموعة التي قادت ضده الانقلاب، فأي شرخ داخل هذه المجموعة سيعيد بازوم المساند تلقائياً من المجتمع الدولي إلى الحكم.

سيطرة قائد الانقلاب

على عكس الرئيس المخلوع يبدو نجم رئيس البلاد الحالي قائد الانقلاب عبدالرحمن تشياني ساطعاً، وفي طريقه إلى تحقيق كل ما سعى إليه منذ وضع خطة لتنفيذ الانقلاب على محمد بازوم.

في هذا الصدد، يقول محمود الشيخ أحمد إن "الجنرال تشياني هو قائد الحرس الرئاسي ورئيس المجلس الوطني لحماية الوطن الذي تأسس بعد الانقلاب، وهو أيضاً الرئيس الحالي للبلاد، بالتالي فكل السلطات في يديه، ومصيره أيضاً بيديه إن أحسن تنفيذ الخطة التي عادة ما تحول جنرالاً متقلباً على نظام الحكم إلى رئيس مدني مدى الحياة".

ويشير إلى أن "هناك أمثلة عدة لعسكريين قادوا انقلابات وبقوا في السلطة لفترة انتقالية ثم ترشحوا للانتخابات ونجحوا في إحكام سيطرتهم على الحكم لسنوات".

ويسوق المتخصص الموريتاني المثال على أن ما تشهده النيجر حالياً يشبه ما حدث في موريتانيا عام 2008، ففي البلد الأخير قاد رئيس الحرس الرئاسي محمد ولد عبدالعزيز انقلاباً على معاوية ولد الطايع، بعد أن نجح في إفشال انقلابين عسكريين ضد معاوية، وهو نفس ما حدث بالنيجر، حيث إن الجنرال تشياني هو رئيس للحرس الرئاسي ونجح أيضاً في إفشال مشروعي انقلاب سابقين.

ويمضي في حديث "تحت ضغط المجتمع الدولي والقوات المحلية تنازل ولد عبدالعزيز عن السلطة لصالح رئيس مجلس الشيوخ وقبل بإجراء انتخابات حرة ثم ترشح بعد أن استقال من الجيش وحكم البلاد لولايتين رئاسيتين بين 2009 و2019".

ويرى الباحث أن حظوظ الجنرال تشياني قوية في البقاء في السلطة شأنه شأن باقي الدول التي تعرف تنظيم فترة انتقالية بعد الانقلاب على رئيسها.

المزيد من تقارير