Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نتنياهو يسعى إلى إدارة مدنية بديلة في غزة

خلافات متدحرجة مع واشنطن وتمسك ببقاء الجيش الإسرائيلي في القطاع

ملخص

قال نتنياهو "قطاع غزة لن يتحول إلى حماستان ولا فتحستان بعد التضحيات الهائلة التي قدمها مواطنونا"

أصبح رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة موازياً لإصراره على القضاء على حكم حركة "حماس" في القطاع، عبر اعتباره أن اتفاقية "أوسلو" المؤسسة للسلطة الفلسطينية "جلبت الجهة الأكثر عداء للصهيونية واليهودية" إلى الأراضي الفلسطينية. ولذلك، فإن نتنياهو يتمسك ببقاء الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بعد الحرب، على أن تقوم إدارة مدنية بإدارته من دون أن يحدد طبيعة هذه الإدارة سوى أنها ليست السلطة الفلسطينية أو حركة "حماس"، وأوضح نتنياهو أن دول الخليج العربي ستعمل على إعادة إعمار قطاع غزة بعد نهاية الحرب، متعهداً بعدم الاستسلام للضغوط الدولية.

أوسلو

"قطاع غزة لن يتحول إلى حماستان ولا فتحستان بعد التضحيات الهائلة التي قدمها مواطنونا ومقاتلونا"، قال نتنياهو في إشارة إلى "حماس" و"فتح".

"إسرائيل تحت قيادتي لن تكرر خطأ أوسلو"، في إشارة إلى رفضه عودة منظمة التحرير الفلسطينية للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1994 وتأسيس السلطة الفلسطينية، مشدداً على أنه سيعمل على منع "فتح" و"حماس" من حكم القطاع.

ويرى نتنياهو أن حركة "فتح" تريد "تدمير إسرائيل على مراحل، فيما تعمل حماس على تدميرها دفعة واحدة"، ولذلك، فإن نتنياهو يرى أن "اتفاقية أوسلو كارثة أسفرت عن عدد الضحايا نفسه، كما حدث في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خلال فترة أطول من الزمن"، مؤكداً أن حكومته لن تسمح "بجلب أولئك الذين يقومون بتعليم الإرهاب ودعم الإرهاب وتمويل الإرهاب إلى غزة"، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية.

تحويل الأموال

وكانت الحكومة الإسرائيلية رفضت قبل أيام تحويل الأموال التي تجبيها لمصلحة السلطة الفلسطينية كاملة، ومن دون حسم الأموال التي تدفعها السلطة لقطاع غزة. واقتطعت إسرائيل من تلك الأموال التي تشكل المورد الأساس لخزانة السلطة الفلسطينية نحو 140 مليون دولار تدفعها السلطة للقطاع، مما سبّب في رفض وزارة المالية الفلسطينية تسلمها وعجزها عن دفع رواتب موظفيها للشهر الثاني على التوالي.

ولأن الحكومة الإسرائيلية لا تمتلك خطة واضحة مفصلة لما بعد الحرب على قطاع غزة، فإنها شكلت فريقاً لوضع تصورات تتعلق بإدارة القطاع وإعادة الإعمار، يتألف من مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمرن ومسؤولين من جهازي "الموساد" والأمن العام (شاباك).

ولم يستعبد نتنياهو اندلاع اشتباكات مسلحة بين الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وقال "هذا سيناريو معروف لنا ومطروح على الطاولة ونحن نناقشه ونريد الوصول إلى وضع يتيح وجود طائرات هليكوبتر في الجو في غضون دقائق قليلة للرد على حدث كهذا في حال حدوثه".

لكن السلطة الفلسطينية ترفض "الانجرار إلى مواجهة عسكرية خاسرة يريدها نتنياهو لأن إسرائيل ستتفوق فيها"، وقال مسؤول فلسطيني لـ "اندبندنت عربية" إن نتنياهو "يسعى إلى استدراج الأمن الفلسطيني لدائرة العنف لأنه يتفوق فيها عسكرياً وإعلامياً"، موضحاً أن نتنياهو يهدف من وراء ذلك إلى "إيصال رسالة للعالم بأن الفلسطينيين جميعهم إرهابيون ولا يستحقون دولة لهم".

دولة فلسطينية

وأشار المسؤول الفلسطيني أيضاً إلى أن نتنياهو لا "يخفي موقفه الرافض لإقامة دولة فلسطينية، ولذلك هو يعارض اتفاقية أوسلو ويعمل على إفشالها لأنها ستقود إلى إقامة الدولة"، وتابع أن نتنياهو أسهم "في تعميق الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية خلال الأعوام الماضية، وتوفير البيئة المناسبة لتحويله إلى انفصال دائم، باعتباره خياراً استراتيجياً لإجهاض إمكان إقامة دولة فلسطينية"، ولذلك، "فإن إسرائيل دعمت حركة حماس"، مضيفاً "على رغم كلفة ذلك، فإنها تبقى أقل من توحيد الكيان والنظام السياسي للفلسطينيين، ومن هنا يأتي رفض نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة"، واعتبر أن نتنياهو "يعمل على إقامة إدارة محلية بعيداً من الكيانية الوطنية الفلسطينية".

وفي شأن الخلافات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بادين ونتنياهو، أشار المسؤول الفلسطيني إلى أن تلك الخلافات "كانت قائمة قبل الحرب الحالية"، قائلاً إن الدعم الأميركي "الهائل هو لإسرائيل، وليس لنتنياهو، لأنها كيان وظيفي يجب الحفاظ على استقراره وبقائه"، واعتبر أن الموقف الأميركي "يتدحرج باتجاه تغيير الحكومة الإسرائيلية، فمن دون ذلك لا يمكن عودة السلطة إلى قطاع غزة، ولن يكون هناك حل سياسي قائم على حل الدولتين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسط هذه الأجواء، رفضت الرئاسة الفلسطينية دعوة نتنياهو إلى إنشاء "سلطة مدنية تابعة للاحتلال" في قطاع غزة باعتبارها "تحدياً للمجتمع الدولي برمته وللمواقف المعلنة للإدارة الأميركية"، وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن "قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين وإن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثلة الشرعية والوحيدة للشعب الفلسطيني"، مطالباً الإدارة الأميركية "بتحمل مسؤولياتها وإلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي وقف جرائمها المتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".

وفي ظل دعم أميركي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فإن الخلافات بين الجانبين بدأت تظهر إلى العلن، بخاصة في ما يتعلق باليوم التالي للحرب. فالإدارة الأميركية تتمسك بعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة الغربية، وترفض إعادة احتلال إسرائيل للقطاع أو تقليص مساحته كما تسعى إليه تل أبيب.

وفي "انقلاب ناعم" على نتنياهو، طالب بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بتغيير حكومته "الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل وترفض حل الدولتين، لإيجاد حل طويل الأمد للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي".

خسارة إسرائيل

ووصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة "الخليل" بلال الشوبكي تصريحات بايدن ضد حكومة نتنياهو وبدء خسارة إسرائيل الدعم الدولي بسبب قصفها العشوائي لقطاع غزة بأنها "انقلاب ناعم على نتنياهو بهدف الضغط لحل حكومته"، مشيراً إلى أن نتنياهو يحاول منذ بدء الحرب "استغلالها بهدف ترميم الوضع الداخلي في إسرائيل، إضافة إلى إصلاح علاقته مع إدارة بايدن بعد وصولها إلى أزمة حقيقية بسبب التعديلات القضائية التي يعمل عليها". لكن الشوبكي أوضح أن نتنياهو "فشل في ذلك بسبب إخفاق الجيش الإسرائيلي في تحقيق الأهداف التي أعلنتها تل أبيب منذ بداية الحرب قبل أكثر من شهرين"، لذلك فإن واشنطن تريد "استثمار الحرب وتحقيق من ورائها ما فشلت فيه قبلها، من تغيير للحكومة الإسرائيلية وتشكيل حكومة جديدة تتوافق مع الرؤية الأميركية للمنطقة".

ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة "بيرزيت" أحمد جميل عزم أن نتنياهو "معارض تاريخي لاتفاقية أوسلو"، معتبراً أنها "خطأ استراتيجي ارتكبته إسرائيل، وما نشهده في هذه الأيام نتيجة رفض الحكومة الإسرائيلية فكرة أوسلو، وحتى أي احتمال مستقبلي لوجود كيانية وطنية فلسطينية"، وقال إن حكومة نتنياهو تقوم على نفي الوجود الفلسطيني و"تعمل لإلغاء أي وجود لمنظمة التحرير الساعية إلى إقامة دولة فلسطينية".

وتابع أن بقاء رئيس الحكومة الإسرائيلي في الحكم "قائم على التخويف وصناعة أعداء جدد"، مشيراً إلى أنه كان "سعيداً بالتعامل مع حماس أكثر من السلطة الفلسطينية لأن الأخيرة لديها مشروع سياسي له روافع سياسية ودبلوماسية لتحقيقه عكس حماس".

واعتبر عزم أن واشنطن تدرك أن سياسات نتنياهو "مدمّرة لإسرائيل على المدى الطويل، وللمرة الأولى هناك احتمال خسارة رئيس أميركي بسبب تأييده تل أبيب"، موضحاً أن بايدن "يخشى من تأثير معارضة الشباب في الحزب الديمقراطي للدعم المطلق لتل أبيب في حظوظه خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة"، ولفت إلى أن الرئيس الأميركي يريد حكومة إسرائيلية بديلة لحكومة نتنياهو، مشبهاً الأزمة بين نتنياهو وبايدن بتلك التي نشبت بين الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينون ونتنياهو في نهاية تسعينيات القرن الماضي، حينما دعم كلينتون إخراج نتنياهو من الحكم لمصلحة خصمه من حزب العمل الإسرائيلي إيهود باراك.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط