Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نساء يفقدن شعرهن بسبب الأزمة المناخية

مع تحول المياه النظيفة إلى مصدر ثمين ونادر، تستحم السيدات في الأحواض المالحة والملوثة وهو أمر لا يسبب لهن الأمراض وحسب

شيامولي، 50 عاماً، تحمل شعراً تعتقد أنها فقدته نتيجة الاستحمام في مياه البركة الملوثة بالمياه المالحة والمبيدات الزراعية (ووتر أيد)

ملخص

مع تزايد ندرة المياه النظيفة، تلجأ النساء إلى الاستحمام بالمياه العسرة وهو أمر لا يؤدي إلى إصابتهن بالتهابات وأمراض وحسب، بل يسبب تساقط الشعر وصولاً إلى فقدانه مما يسلط الضوء على الآثار العميقة لأزمة المناخ، ويكشف عن جروح أعمق تؤثر في المجتمعات

تعاني النساء في جنوب آسيا عواقب مقلقة لأزمة المناخ. ففي وقت أصبحت موارد المياه النظيفة الضرورية للشرب والاستحمام شحيحة بصورة متزايدة، أصبحن ضحايا صامتات لتساقط الشعر.

في المناطق الساحلية لبنغلاديش حيث أكثر من نصف المياه ملوثة بالأملاح والملوثات، يجب على النساء أن تقطعن مسافات طويلة للحصول على مياه أكثر أماناً للشرب.

مع تزايد ندرة المياه النظيفة، تلجأ النساء إلى الاستحمام بالمياه العسرة (التي تحوي نسبة مرتفعة من المعادن) وهو أمر لا يؤدي إلى إصابتهن بالتهابات وأمراض وحسب، بل يسبب تساقط الشعر وصولاً إلى فقدانه مما يسلط الضوء على الآثار العميقة لأزمة المناخ، ويكشف عن جروح أعمق تؤثر في المجتمعات.

في منطقة ساتخيرا الواقعة جنوب غربي بنغلاديش حيث يعتمد السكان على محاصيل الأرز وصيد الأسماك حصراً لتأمين سبل عيشهم، تقول النساء إنهن يفقدن شعرهن بمعدل مثير للقلق. وقد عبرت البعض منهن عن خوفهن من الصلع المبكر فيما كشفت أخريات عن قيامهن ببيع شعرهن للباعة في محاولة للاستمرار في العيش وتدبير قوتهن اليومي.

وفي هذا السياق، تقول أنينديتا هريديتا مديرة برنامج مواجهة التغيرات المناخية في منظمة "ووتر آيد" WaterAid بنغلاديش في حديثها لـ"اندبندنت": "تفتقر النساء في منطقة ساتخيرا إلى إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي اللائقة وممارسات النظافة الكافية، كما أن تأثير أزمة المناخ يؤدي إلى تفاقم هذه التحديات... وتقول النساء إن تعرضهن المستمر لموارد المياه الآسنة لا يتسبب في أمراض خطرة منقولة بالمياه وبحسب بل يجردهن من شعرهن وهو ما يعتبر ظلماً إضافياً ويزيد طبقة من اللاعدالة على واقع مزر أصلاً".

جالت هريديتا برفقة فريقها في المنطقة خلال أيام وجمعت قصص نساء يعانين الآثار المتعددة الجوانب لأزمة المناخ في قرى منطقة ساتخيرا.

"إن المياه التي أستحم فيها تتسبب في جفاف بشرتي وغالباً ما تظهر عليَّ بثور" تقول شيامولي موندا وهي مزارعة رز وصيادة أسماك في بلدة بهيتخالي في منطقة ساتخيرا، وتضيف: "البثور تصبح أحياناً جافة للغاية لدرجة أنها تنزف". شيامولي ذكرت أنها فقدت كمية كبيرة من شعرها خلال السنوات الأخيرة لدرجة أنها تخشى أن تصبح صلعاء. وتتابع قائلة: "يتساقط كثير من شعري كل يوم، بقدر قبضة يد تقريباً. يتساقط في كل مرة أمشط شعري. كوني امرأة، يعتبر الشعر كل شيء بالنسبة إلينا، ولهذا في كل مرة أفقد بعضاً من شعري أشعر بالخوف من أن أصبح صلعاء أو ما شابه".

 

وفي سياق متصل، أظهرت الدراسات العلمية بأن المياه العسرة تجعل الشعر والبشرة جافتين وضعيفتين. ولكن تعرض هؤلاء النساء للمياه المالحة بصورة كثيفة يتسبب لهن بمزيد من الآثار الأكثر حدة وخطورة.

في ساتخيرا، حيث نسبة ملوحة المياه مرتفعة أكثر، تعاني النساء اللاتي ينتقلن من مناطق أخرى من فقدان أسرع لشعرهن. وفي هذا الإطار، تقول هريديتا بأن النساء اللاتي انتقلن إلى القرية بعد زواجهن أخبرنها بذلك. فإن كن يفقدن مقدار قبضة يد من الشعر في السابق، أصبحت تلك الكمية مضاعفة اليوم.

وتقول غورنا موندا، 22 سنة، من سكان بهيتخالي في ساتخيرا: "نستخدم مياه البرك للاستحمام وغسل الملابس. المياه ليست جيدة، ولكننا لا نملك بديلاً. أخشى بأن أفقد كل شعري في نهاية المطاف".

تتخطى إشكالية فقدان الشعر الناحية الجمالية إذ إنها تحمل أبعاداً ثقافية وشخصية على حد سواء. وفي هذا الصدد، تقول هريديتا بأن المسألة "تتعلق بعمق" ليس بالصحة النفسية للنساء وحسب، بل أيضاً بموقعهن في المجتمع وحتى بمستقبلهن. وتضيف هريديتا أنه "في جنوب آسيا، وقبل ترتيب الزواج، تأتي أسرة العريس لرؤية العرائس المحتملات وتستعرض النساء جمالهن وثقتهن. يشكل الشعر عنصراً بغاية الأهمية".

 

وفي حين أن المسألة تصيب الرجال أيضاً، إلا أن هريديتا تكشف بأنهم لا يبالون بمشكلة تساقط الشعر بالقدر نفسه كالنساء اللاتي يمثل فقدان الشعر بالنسبة إليهن بمثابة فقدان لهويتهن.

وليست المسألة محصورة ببنغلاديش وحسب، ففي المناطق القاحلة في أوغندا، تواجه النساء تحديات مماثلة. وفي هذا السياق، تقول لينا لوكول، 30 سنة، وهي أم لستة أطفال تعيش في بلدة أرياماو في منطقة كاراموجا في أوغندا: "كوننا نحصل على المياه من منطقة بعيدة، فأنا أستخدم القليل منه لغسل شعري. نتيجة لذلك، لا يغسله بصورة جيدة ونظيفة في بعض الأحيان. يتكسر شعري باستمرار بسبب أعمالي المنزلية اليومية. أبقي شعري نظيفاً ومرتباً لكي أظهر بصورة مناسبة في المجتمع. هنا في كاراموجا، إن كان للمرأة شعر رث وغير مرتب يسخر الآخرون منها ويعتقدون أنها مجنونة. أما إذا حلقت شعرها بالكامل قد يعتقد الناس بأنها فقدت زوجها. عندما يكون شعري غير مرتب، أصبح عاراً على زوجي وقد يهجرني من أجل نساء أخريات أكثر جمالاً وشعرهن مصفف بصورة جيدة".

في غالبية المنازل في المناطق الريفية في بنغلاديش وأوغندا، النساء هن مسؤولات عن إحضار المياه. ولهذا يذهبن في رحلات شاقة ويجتزن مسافات طويلة لجمع مياه الشفة لعائلاتهن. ومع كل ما تتمكن من جلبه في الجرار، تكون الأولوية في استخدام المياه للأعمال المنزلية فيما تحتل نظافتهن الشخصية وغسل الشعر المرتبة الثانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول لينا: "عندما أذهب لجمع المياه وجلبها، أحمل جرة (كولوش kolosh في اللغة المحلية) سعتها 10 ليترات من المياه. أخاف من الطريق لأنها ليست آمنة وأخشى بأن أتعثر وأسقط خصوصاً في الظلام... أجد تلك الرحلة شاقة للغاية ومتعبة جداً. يجب أن أحمل الجرة على جانبي وأثبتها على خاصرتي ولهذا فالأمر مضن ومتعب على ذلك الجزء من جسمي".

واستجابة للتحديات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب خسائر المحاصيل المرتبطة بالمناخ، لجأت بعض النساء إلى بيع شعرهن. تقليديا، كانت جنوب آسيا مركزاً لتجارة الشعر، وكان مصدرها في البداية من خلال التبرعات. ومع ذلك، فإن المرأة البنغالية تتجه الآن إلى هذا الخيار كوسيلة لكسب الدخل.

وتقول شايمولي، وهي أم لثلاثة أطفال وتعاني محاصيل الرز لديها بسبب المناخ المتطرف: "أقوم ببيع شعري لكي أشتري البقالة. أشعر بالأسى حيال ذلك، ولكن ليس لديَّ خيار آخر، فما من سبيل آخر للحصول على الحاجات الضرورية. أبيع شعري مقابل 600 أو 700 تاكا (4-5 جنيهات استرلينية) في كل مرة". وتضيف هريديتا أن ذلك أصبح ممارسة شائعة في المجتمع "لو امتلكت تلك النساء سبيلاً إلى المياه النظيفة لكانت حياتهن أسهل بكثير". وقالت إن فريق عملها في منظمة "واتر آيد" يساعد النساء على الحصول على المياه من خلال تجميع مياه الأمطار، ولكن لا يزال هنالك كثير من العمل الذي يجب بذله لجعل المياه النظيفة متوفرة للنساء اللاتي غالباً ما يشكلن آخر فرد في العائلة يسمح له باستخدامها على رغم أنهن كابدن وأحضرنها بأنفسهن.

© The Independent

المزيد من بيئة