Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المواجهة المباشرة بين النظام وإسرائيل انتهت ومعاناة الشعب الإيراني مستمرة

العالم الحر لم يساعد المحتجين قبل عامين في حراكهم ويواجه تحدياً أمنياً كبيراً ويبحث عن طرق لاحتواء هذا التهديد

كان الرد الإسرائيلي قد أدى إلى أن تفيق مدينة أصفهان موطن الفن الإيراني على أصوات انفجارات مدوية (رويترز)

ملخص

العالم الحر لم يساعد الشعب الإيراني، قبل عامين، في حراكه ضد النظام لكنه اليوم يواجه تحدياً أمنياً كبيراً من قبل النظام الإيراني، ويبحث عن طرق جادة وفورية من أجل احتواء هذا التهديد.

مضت ثلاثة أسابيع من التوتر بين النظام الإيراني وإسرائيل، وكان الرد الإسرائيلي، أمس الجمعة، قد أدى إلى أن تفيق مدينة أصفهان، موطن الفن الإيراني والمعروفة باسم "نصف العالم"، على أصوات انفجارات مدوية.

وشنت الطائرات الإسرائيلية هجوماً مباغتاً على النظام الإيراني رداً على هجوم أطلقته إيران، وشمل 300 صاروخ ومسيرة بعدما هاجمت إسرائيل مبنى القنصلية الإيرانية لدى دمشق.

وذكرت المصادر الإيرانية أن الهجوم على القنصلية قد أدى إلى مقتل سبعة من قادة الحرس الثوري، وكان النظام الإيراني يتوعد بالرد و"الانتقام الصعب" على مدى أسبوعين.

 

الصواريخ والمسيرات الإيرانية قطعت 1500 كيلومتر حتى وصلت إلى الأراضي المقدسة أو كما يقول العرب "بيت المقدس"، وكانت المقاتلات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية والبريطانية بانتظار هذه الصواريخ والمسيرات لتدميرها قبل وصولها إلى سماء إسرائيل وقبل إسقاطها بواسطة "القبة الحديدية".

والصواريخ التي اجتازت "القبة الحديدية" وأصابت قواعد عسكرية خلفت أضراراً سطحية طبقاً لما أعلنه مسؤولون أميركيون وإسرائيليون. وقد عرض الإسرائيليون صوراً لحفر صغيرة في قاعدتين عسكريتين وأعلنوا ان الهجوم قد أدى إلى أضرار قليلة.

وعلى النهج نفسه، أعلن مسؤولو النظام الإيراني عن إسقاط "أجسام صغيرة" في سماء أصفهان وتفعيل المضادات الجوية وذكروا أنها لم تصب أي هدف على الأرض.

وفي الساعات الأولى من صباح الجمعة أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية عن تفعيل المضادات الجوية في سماء عدد من المدن الإيرانية منها تبريز، ولم توجه أي اتهام إلى إسرائيل بعد إعلان تصديها لـ"أجسام صغيرة" في السماء وحاولت بث رسائل تظهر أن الوضع طبيعي في البلاد.

وعلى رغم استمرار القلق من توسع المواجهة بين طهران وتل أبيب، قال مصدر مسؤول لقناة "سي أن أن" إن المواجهة المباشرة بين إسرائيل والنظام الإيراني قد انتهت، وأضافت "سي أن أن" أنه بعد هذا الهجوم يمكن أن نعتبر أن المواجهات المباشرة بين البلدين انتهت، لكن تستمر معاناة 85 مليون إيراني يعيشون تحت حكم النظام الإيراني المستبد ولم ينته هذا الوضع بعد.

عشرات الملايين من الإيرانيين الذين يعانون مشكلات صغيرة وكبيرة ولديهم هواجس يومية في الحياة لا يرون أن هناك مجالاً للمواجهة مع إسرائيل. فالغلاء والبطالة وارتفاع الأسعار والعملات الأجنبية بصورة يومية تؤثر بصورة مباشرة في حياة الشعب ولا يمكن غض الطرف عن مثل هذه المشكلات بسهولة، والفقر واليأس من أي تغيير إيجابي يؤثران في حياتهم اليومية، أما القمع والكبت الاجتماعي والسياسي فيعدان وجهاً آخر للمعاناة داخل الحدود الإيرانية.

وفي حين أن الملايين من الإيرانيين تابعوا باضطراب وقلق شاشات التلفزيون أو هواتفهم الذكية للاطلاع على احتمال نشوب حرب بين إيران وإسرائيل، حرك النظام، مرة أخرى، عجلة قمع النساء والرجال وأطلق دوريات "شرطة الأخلاق" في شوارع عديد من المدن بخاصة في طهران.

وفي الأسبوع الماضي نشرت صور ولقطات كثيرة عن اعتقال وضرب المواطنين بسبب عدم التزام الحجاب، ولم يهتم النظام بالقلق الذي يبديه الشعب من احتمال نشوب حرب كبيرة، وواصل النظام قمع المواطنين في الشوارع. هذا السلوك يظهر جلياً الشرخ الكبير بين النظام والمواطنين، كما يمهد لعمليات قمع كبيرة من النظام أمام الحركات الاحتجاجية المحتملة ضد الحرب والمواجهة مع إسرائيل، إذ يعرف النظام جدياً أن نسبة كبيرة من المواطنين يعارضون نشوب حرب مع إسرائيل.

وفي وقت يحارب النظام النساء بسبب رغبتهن بارتداء ملابس معينة، لا يستطيع المواطنون اتخاذ خطوات عملية لمعارضة سياسات النظام الإقليمية وأي نوع من النشاط المعارض في هذا المجال من شأنه أن يحمل المحتجين كلفاً كبيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في سبتمبر (أيلول) المقبل ستكون ذكرى الاحتجاجات الكبيرة في إيران، هذه الاحتجاجات التي لم يسبق لها نظير خلال الأعوام الـ45 من عمر النظام الإيراني. وهذه الاحتجاجات حدثت بعد مقتل مهسا أميني في معتقل "شرطة الأخلاق" وخرج المواطنون إلى الشوارع للاحتجاج على النظام وطالبوا بتغييره، هذه التظاهرات لم تترك أي شك بأن إيران مقبلة على تغيير كبير.

الاحتجاجات الشاملة رافقت مقتل وجرح المئات كما اعتقل النظام عدداً كبيراً من المحتجين، وأصدر أحكاماً بالإعدام ضد عدد من المحتجين، وأعدم عدداً منهم، وكان العالم الحر قد اكتفى بإصدار بيانات تنديد صورية في الرد على القمع الشديد الذي استمر أياماً متعددة، في حين أن الشعب توحد في الداخل والخارج لإسقاط النظام، وتحركت أياد خفية تثير القلق من مستقبل البلد بعد ثورة الشعب وإسقاط النظام. وكانت بعض الدول ترى في بقاء النظام مصلحة لها، ودعمت استمرار الوضع الراهن والتسامح مع النظام وحثت على إصلاحه كخيار أساس مقابل تغيير النظام.

وبهذه الصورة، وقفت أمام ديمومة الحراك واكتفت بالوعود الفارغة واستمرت بالمفاوضات الخفية مع مسؤولي النظام الإيراني.

العالم الحر لم يساعد الشعب الإيراني، قبل عامين، في حراكه ضد النظام لكنه اليوم يواجه تحدياً أمنياً كبيراً من قبل النظام الإيراني، ويبحث عن طرق جادة وفورية من أجل احتواء هذا التهديد.

ترى البلدان الحرة أن تهديدات النظام الإيراني تسبب أخطاراً لمصالحها وكذلك أمن إسرائيل، وتبحث عن طرق رادعة لإنهاء مثل هذه التهديدات بصورة عملية. لكن العقوبات التي يتحدثون عنها وينوون تنفيذها من أجل استهداف صناعة الطائرات المسيرة والصواريخ كيف تؤدي إلى تغيير سلوك النظام؟ كلما ازداد الضغط على النظام فإنهم يلجؤون أكثر وأكثر إلى ثروات الشعب لتوفير الموازنة اللازمة لتنفيذ برامجهم. فارتفاع قيمة الدولار وسقوط العملة الوطنية بصورة غير مسبوقة والتضخم الكبير والغلاء هي نتيجة مباشرة للعقوبات التي لا تستند إلى برامج مدروسة تؤدي إلى نجاة إيران.

العالم الذي ينوي تحديد ومواجهة قدرات إيران العسكرية إذا كان قد اختار خيار دعم الشعب الإيراني، قبل عامين، مقابل النظام، فإن الأمور لم تصل إلى مثل هذه المواجهة العسكرية.

الشعب الإيراني لا يرغب بالحرب لكنه سئم من هذا النظام والحكومة التي تمارس عليه ضغوطاً كبيرة. الشعب الإيراني ينشد السلام والصداقة وإقامة علاقات مع الشعوب المختلفة. يشهد التاريخ والجغرافيا والثقافة في المنطقة أن الإسرائيليين والفلسطينيين بإمكانهم الحياة بسلام جنباً إلى جنب.

مفتاح السلام في الشرق الأوسط ليس في الحرب. تغيير النظام الإيراني يسبب تغييرات مهمة وأساسية في المنطقة، وكذلك أداء وتوجهات إسرائيل. وصول الحكومات اليمينية المتطرفة إلى الحكم في إسرائيل مثل حكومة بنيامين نتنياهو هي نتيجة سلوك وتصرفات النظام الإيراني المتشدد والمتطرف. دعم الشعب الإيراني لا يعني التدخل في الشؤون الداخلية لإيران، بل يعني وقف المفاوضات السرية مع النظام ومساندة الشعب بصدق، وليس بأساليب صورية، من أجل تحقيق أهدافه في إسقاط النظام.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء