على وقع مزيد من "الشائعات اليومية" وفق التعبير الرسمي، تكثف الحكومة المصرية جهودها الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، وعينها على قطاع السياحة الاستراتيجي، بعد كشف أولي لبؤر انتشار الوباء على متن باخرة نيلية في الأقصر، قبل أيام، بعدد إصابات وصل في أحدث إحصاءاته الرسمية لـ59 إصابة، وتسجيل حالة وفاة كانت الأولى على صعيد أفريقيا.
واليوم الثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية، أن الحالات التي تحولت نتيجة تحاليلها من إيجابية إلى سلبية لفيروس الكورونا المستجد (كوفيد_ 19)، ارتفعت إلى 26 حالة سلبية، من أصل الـ59 حالة.
قلق بشأن السياحة
وما يشير إلى "القلق" بشأن تداعيات الوباء على القطاع السياحي، عقدت وزيرة الصحة والسكان هالة زايد، ووزير السياحة خالد العناني، ووزير الإعلام أسامة هيكل، ورئيس الاتحاد العام لغرف السياحة أحمد الوصيف، مؤتمراً صحافياً عصر اليوم، دعيت إليه وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في مصر، للرد على الشائعات وتوضيح الأوضاع بشأن تطورات المرض في مصر وتأثيره في الأوضاع السياحية في ظل التداعيات السلبية التي يلقي بها الفيروس المستجد عليه. حيث يأمل المسؤولون المصريون في خفض الأضرار الناتجة عن فيروس كورونا المستجد على السياحة الى أقصى حد ممكن.
وبحسب العناني، فإنه وعلى الرغم من الركود الذي ضرب العالم في حركة الطيران، فإن انعكاساته السلبية على القطاع السياحي المصري لا تزال "مقبولة جدا"، موضحاً أن نحو 900 ألف سائح زاروا مصر في فبراير (شباط)، بزيادة 4 في المئة عن نفس الشهر العام الماضي. وأنه خلال الأيام السبع الأولي من مارس (آذار) الحالي، زار مصر 210 آلاف سائح وهو المعدل الطبيعي تقريباً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح العناني، خلال المؤتمر الصحافي، حضرته "اندبندنت عربية"، أن "مصر لا تزال من أقل الدول التي تعاني المرض، وأن هناك تنسيقاً بشكل يومي بين كافة أجهزة الدولة. لحماية المصريين العاملين في السياحة والزائرين من الخارج".
في المقابل، يقول عاملون في قطاع السياحة تحدثوا لـ"اندبندنت عربية"، أن عدد السياح انخفض بشكل ملحوظ على مستوى حجوزات الفنادق، فضلاً عن إلغاء عدد من الوفود برامجهم الترفيهية إلى مصر، لا سيما من فرنسا وإيطاليا والصين.
وذكر أحد المسؤولين في القطاع الخاص، طلب عدم ذكر اسمه، "على سبيل المثال تراجعت السياحة الصينية والإيطالية بشكل حاد، التي كانت تشهد رواجاً في ذلك التوقيت من كل عام، لا سيما جنوبي مصر، وذلك منذ ظهور كورونا في الصين أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي".
وقطاع السياحة في مصر مصدر مهم للعملة الصعبة. وتعد الأقصر وأسوان أحد أهم مقاصد السائحين الأجانب لما تحتويه من معابد قديمة وتحف ومقابر أثرية سواء داخل المدينة أو حولها.
وكانت السياحة بدأت بالتعافي في مصر بعد سنوات طويلة من التراجع بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية التي أعقبت ثورة عام 2011 التي أطاحت حسني مبارك. وطبقا لبيانات البنك المركزي، بلغت إيرادات السياحة مستوى قياسياً هو 12.57 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في يوليو (تموز).
ويشير الخبراء إلى أن تدابير السفر الوقائية التي تفرضها دول عديدة على مواطنيها ستؤدي بالضرورة إلى انخفاض حركة السياحة الوافدة إلى مصر خصوصاً من الدول العربية.
وحتى الآن، أوقفت الكويت والسعودية الرحلات الجوية من وإلى مصر وقامت مصر للطيران بوقف مماثل لرحلاتها إلى هاتين الدولتين. كما حظرت قطر دخول المصريين بشكل مؤقت وردت القاهرة بإجراء مماثل تجاه المواطنين القطريين.
من جانبها، توقعت منظمة السياحة العالمية أن يتسبب فيروس كورونا المستجد في "انخفاض عدد السياح الدوليين في العالم في عام 2020 بنسبة تراوح بين 1 في المئة و0.3 في المئة، وأوضحت على موقعها الرسمي، أن ذلك "يمكن أن يترجم إلى خسارة ما بين 30 إلى 50 مليار دولار في إنفاق الزوار الدوليين (إيرادات السياحة الدولية)".
لا نزال في السيناريو (أ)
من جانبها، وبعد استيضاح تطورات كورونا في البلاد، قالت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد، أن الحكومة تنتهج خطة للتعامل مع الوباء على ثلاثة مراحل (أ، ب، ج)، موضحة، "لا نزال في المرحلة أ، أو السيناريو أ" المتعلق بتشديد التوعية بالوباء وعدم الحاجة إلى اللجوء لغلق المدارس والجامعات".
ودون توضيح للسيناريوهين الثانيين (ب، ج)، ذكرت زايد، "لدينا إجراءات احترازية قوية للغاية، وتوسع مصر دائرة التقصي والرصد، وهو ما لم تشهده أغلب دول العالم"، مؤكدة "لا تزال مصر من بين الدول المنخفضة في الإصابة بالفيروس".
بدوره، شدد وزير الإعلام المصري أسامة هيكل، على "عدم إخفاء أي شيء فيما يتعلق بتطورات كورونا"، قائلاً، "ليس في مصلحتنا إخفاء شيء عن أحد، هي أزمة عالمية، ونحن دولة ذات إصابات منخفضة وأي تطور سيقع في أي وقت، ستبادر الحكومة المصرية بالإعلان عنه"، داعيا لعدم الاستسلام للإشاعات.
ومنذ الإعلان عن أول إصابة بكورونا في مصر منتصف فبراير (شباط) حتى اليوم، بلغ عدد المصابين 59 شخصاً، بينهم 45 كانوا على متن باخرة تقوم برحلة في النيل بين أسوان والأقصر (جنوب) وتقل سياحاً فرنسيين وأميركيين وهنود. وسجلت مصر، الأحد، أول وفاة بسبب الفيروس إذ فارق سائح ألماني الحياة في مدينة الغردقة على البحر الأحمر.
وذكر المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية خالد مجاهد، اليوم الثلاثاء، عدم رصد أي حالات مصابة أو مشتبه في إصابتها بفيروس كورونا المستجد بجميع المحافظات سوى ما تم الإعلان عنه، مشيراً إلى أنه فور الاشتباه بأي إصابة سيتم الإعلان عنها فوراً، بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية.