بعد أن وصل إلى أكثر من 85 دولة، وتجاوز عدد المصابين به 100 ألف حالة بينهم أكثر من 3 آلاف وفاة، لا تزال المختبرات العلمية حول العالم عاجزة عن إيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) بعد مرور نحو 3 أشهر لأول ظهور له في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي الصينية، أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وذكرت تقارير "نجاعة" بعض العلاجات أو اللقاحات البديلة في التخفيف من حدة الوباء أو الاستشفاء منه، وهو ما نفاه مسؤولون بمنظمة الصحة العالمية لـ"اندبندنت عربية"، وكذلك دراسات متخصصة، من أن يكون "أيّ من العلاجات التي قيل إنها تُسهم في العلاج من الفيروس أثبتت فعّاليتها"، مؤكدين "الأمر لا يزال يحتاج إلى أسابيع وأشهر".
العلاج ليس قريباً
وحسب ريتشارد برنان، مدير الطوارئ الصحية الإقليمي بمنظمة الصحة العالمية، فإنه ووفق آخر البيانات والإحصاءات "لا يزال أمام العالم الكثير لفهم طبيعة الفيروس، وكيفية انتقاله بين البشر ومدى خطورته".
ويقول برنان، "جاء (كورونا) المستجد في الأصل من مصدر حيواني، ونكثّف جهودنا حالياً في البحث عن المصدر الوسيط لانتقال المرض من الحيوان إلى الإنسان، وعما إذا كان انتقل من حيوان إلى آخر قبل انتقاله إلى الإنسان".
ويؤكد برنان، "الفيروس لا يزال لم يُعرف بشأنه الكثير بعدُ، ومع جهود المنظمة الدولية في إجراء ووضع اختبارات لتشخيصه والتعرف عليه، فضلاً عن التعاون مع الباحثين والعلماء والمتخصصين للتوصل إلى لقاح للوقاية أو علاج المرض، إلا أنه من غير المرجّح الوصول إلى علاج له في الأمد القريب".
وقبل أيام، كشف نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، والمسؤول عن ملف مكافحة الفيروس في بلاده، أنّ "علاج الفيروس قد لا يتوفّر قبل نهاية العام أو العام التالي، لكن العلاج لتخفيف آلام الأشخاص الذين يلتقطون العدوى قد يصبح متوفراً بحلول الصيف أو بداية الخريف".
وجرى استخدام عقار ريميدسفير الذي تنتجه شركة "غيلياد ساينسيز" لمعالجة مصاب في الولايات المتحدة كجزء من التجارب الطبية، كما أنّ هذا المضاد للجراثيم أدرج ضمن التجارب والجهود التي تقوم بها دول آسيوية لمكافحة الفيروس.
ومن بين العلاجات الأخرى المُحتملة يوجد عقار تطوّره شركة "ريغينيرون" للأدوية التي تستخدم مضادات أحادية المنشأ لمحاربة العدوى سبق أن أثبتت نجاعتها ضد فيروس إيبولا.
وأخيراً، أعلنت منظمة الصحة العالمية، أنّ "فيروس كورونا لا يمكن علاجه بالمضادات الحيوية، رغم تشابه أعراضه الأولية مع بعض الفيروسات الشبيهة الأخرى"، معتبرة أن "المضادات الحيوية تعمل فقط في علاج البكتيريا".
وتذكر الصحة العالمية، أنه "وفي إطار عدم وجود لقاح ولا دواء محدد مضاد للفيروسات للوقاية من مرض (كوفيد 19) أو علاجه حتى يومنا هذا، إلا أنه يجب أن يتلقى المصابون به الرعاية لتخفيف الأعراض. وينبغي إدخال الأشخاص المصابين بمرض وخيم إلى المستشفيات. حيث يتعافى معظم المرضى بفضل الرعاية الداعمة"، مشيرة إلى أن "السُّبل الأكثر فعالية للحماية من المرض في المواظبة والعناية بالنظافة والتطهير".
تخوفات منظورة
تقول دراسة حديثة لمجلة "إم آي تي تكنولوجي ريفيو" التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في بوسطن الأميركية، "علينا توقع الأسوأ من هذا الفيروس"، محذرة من أن يتطوّر "كورونا ويصبح وباءً يشمل العالم بأسره"، وما لذلك من "نتائج كارثية على مختلف القطاعات".
وفي تقييم أولي، نشر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) "مذكرة تقنية" تتناول تأثير فيروس كورونا في التجارة بين الدول، وتقيِّم الآثار الاقتصادية المرتبطة بالتفشي بمختلف درجاته، الذي شهده كثير من دول العالم، ومن بينها الصين.
ووفق التقرير التقني للمنظمة التابعة للأمم المتحدة، فإنّ انكماشاً بنسبة 2 في المئة في إنتاج الصين له آثار مضاعفة تظهر على مجمل انسياب الاقتصاد العالمي، وهو ما ألحق أضراراً بالاقتصاد العالمي الناجم عن فيروس كورونا الجديد وصلت إلى "انخفاض قدره 50 مليار دولار" خلال شهر فبراير (شباط) وحده، في مجال التجارة بين الدول فقط.
سباق للبحث عن لقاح
من جانبها، ذكرت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، أنّ عشرات المختبرات في جميع أنحاء العالم يتسابقون لتطوير لقاح لعلاج "كورونا"، مشيرة إلى أن التجارب البشرية على اللقاح من المقرر أن تبدأ في أبريل (نيسان) المقبل، وذلك في وقت تقوم فيه العديد من المختبرات الدولية بتجريب لقاحات أولية على الحيوانات.
ونقلت الصحيفة عن أنتوني فوسي، رئيس المعهد الوطني الأميركي لأمراض الحساسية والأمراض المعدية، قوله إن "التجارب البشرية ستبدأ خلال ستة أسابيع"، مرجحاً أن يكون اللقاح "جاهزاً خلال 12 إلى 18 شهراً".
وكانت شركة فارما مودرنا، في ولاية ميريلاند الأميركية، أعلنت اعتزامها بدء تجارب على 45 شخصاً في أبريل (نيسان)، وقالت الشركة "من الممكن توفّر لقاح على نطاق واسع أوائل العام المقبل".
كما بدأت شركة نوفافاكس، في ميريلاند أيضاً، تجاربها على الحيوانات، ومن المتوقع أن تنتقل إلى التجارب البشرية بحلول فصل الربيع، في حين قالت شركة ريجينيون في نيويورك، إنها ستكون "مستعدة لمرحلة التجارب البشرية خلال شهرين".
وفي أماكن أخرى، تقوم جامعة كوينزلاند في أستراليا بتجربة عقارها المرشّح على الحيوانات، كما أكد شي نان بينغ نائب وزير العلوم والتكنولوجيا في الصين أن تجارب اللقاح البشري ستبدأ مع نهاية أبريل (نيسان) المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي أحدث إحصاءاته، تجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا حاجز الـ100 ألف اليوم الجمعة، بينها 3385 وفاة، في 87 بلداً ومنطقة. ففي الصين القارية (أي من دون اعتبار هونغ كونغ وماكاو)، حيث ظهر الوباء نهاية ديسمبر (كانون الأول)، سجّلت 80552 إصابة بينها 3024 وفاة.
وأعلن اليوم الجمعة 143 إصابة و30 وفاة جديدة. وفي سائر أنحاء العالم سُجّلت 17571 إصابة (706 جديدة)، بينها 343 وفاة (9 جديدة)، وتصدرت قائمة المتضررين عالمياً كوريا الجنوبية (6,284 إصابة، بينها 196 جديدة، و42 وفاة)، وإيطاليا (3858 إصابة، و148 وفاة)، وإيران (3513 إصابة، و107 وفيات)، وفرنسا (423 إصابة، بينها 46 جديدة، و7 وفيات).
ويشير أحدث ما توصّل إليه العلماء والمتخصصون بشأن أعراض المرض، فإنها تبدأ بحمّى متبوعة بسعال جاف، وبعد نحو أسبوع يشعر المصاب بضيق في التنفس، ما يستدعي علاج بعض المرضى بالمستشفى.
ونادراً ما تأتي الأعراض في صورة عطس أو سيلان مخاط من الأنف، ولا تعني ظهور تلك الأعراض بالضرورة أن الشخص مصاب بالمرض، فهي أعراض تشبه تلك المصاحبة أنواع الفيروسات الأكثر شيوعاً، مثل نزلات البرد والإنفلونزا، كما يمكن أن يسبب فيروس كورونا، في حالات الإصابة الشديدة، الالتهاب الرئوي، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد، وقصور وظائف عدد من أعضاء الجسم وحتى الوفاة.
ووفق دراسات صينية بشأن الفيروس، فإنّ كبار السن، والأشخاص الذين يعانون ظروفاً صحية سابقة (مثل الربو، والسكري، وأمراض القلب)، هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة الشديدة به.
وتستمر فترة حضانة الفيروس، ما بين الإصابة وظهور الأعراض، نحو 14 يوماً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لكن بعض الباحثين يقولون إن هذه الفترة ربما تستمر حتى 24 يوماً.