داخل كنيسة مار توما في الحي القديم بالموصل، أقيم قداسٌ حضره مسيحيون ومسلمون بعد قرابة سنتين على إخراج تنظيم داعش من المحافظة الواقعة شمال العراق.
وقد ترددت ترانيم في الكنيسة القديمة، حيث انضم عشرات المسلمين إلى الصلوات المسيحية ووقفوا إلى جوار المسيحيين كتفاً لكتف، استجابة لدعوة نشطاء طالبوا بتجمع مسلمين لمساندة المسيحيين، الذين لا تزال عودتهم إلى المحافظة خجولة وبأعداد قليلة جداً.
المسلمون الذين حضروا القداس أكدوا أن الخوف الذي تركه التنظيم الإرهابي لا يقتصر على المسيحيين فحسب بل كذلك على الطوائف كلها، وأن الهدف من هذه المبادرة هو كسر الخوف والحواجز الموجودة.
رئيس أساقفة كركوك والموصل المطران جون بطرس، الذي ترأس القداس، شدد على أن لا استقرار حتى اليوم في المنطقة، وأن المستقبل غامض في ظل غياب الخدمات.
عمليات نهب
وكنيسة مار توما التي تعود إلى القرن الثالث عشر، كان استخدمها عناصر داعش قاعدة تدريب إبان وجودهم في الموصل، ودمروا معظم جدرانها والمعالم فيها.
ومنذ تحرير المنطقة من داعش، أقيمت قداديس قليلة، أولها ليلة 24 ديسمبر (كانون الأول) عام 2017 لمناسبة عيد الميلاد في كنيسة مار بولس بحي المهندسين شرق الموصل، أي في الجانب الأيسر من المدينة، وفي شهر يوليو (تموز) عام 2018، أقيم قداس في الجانب الأيمن من المدينة في كنيسة مار توما المجاورة لجامع النوري، الذي فجره أيضاً عناصر داعش.
تنظيم داعش كان دخل محافظة نينوى في شهر يونيو (حزيران) عام 2014، وسيطر عناصره على مدن المسيحيين في المحافظة، ونهبوا المنازل والكنائس وحرقوا جميع القطع الأثرية الثمينة وحطموا الآثار القديمة.
خيارات المسيحيين
والمسيحيون كانوا أمام خيارات صعبة، إما دفع الجزية أو اعتناق الإسلام أو الموت، وهذا ما أرغم غالبيتهم على الفرار نحو بلدات ومدن قريبة، أو لجأوا بشكل دائم إلى الخارج.
أما معركة تحرير الموصل من داعش فبدأت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016، واستمرت أكثر من 9 أشهر، أفضت إلى تحرير الجانبين الأيمن والأيسر من المدينة في شهر أغسطس (آب) عام 2017.
وعلى الرغم من إعلان تحرير المنطقة من سيطرة داعش، فإن عودة أبنائها المسيحيين اقتصرت حتى الساعة على عشرات العائلات، في حين تقلص عدد المسيحيين في الموصل من 1.5 مليون إلى نحو 400 ألف منذ الغزو الأميركي عام 2003.