إن كنتَ تعلّمتَ درساً صعباً واحداً في التعايش مع قيادة سيارة كهربائيّة، فهو أنّها عربة لا تناسب أيّ شخص. على الأقل، ليس في الوقت الحاضر.
لا ريب في أنّ ثمة أموراً رائعة كثيرة في مقدورك قولها في الكهربة، وكلها صائبة. في المرة المقبلة، عندما تحظى بفرصة ارتياد حانة برفقة الأصدقاء والعائلة، في وسعك أن تجادل في صحّة كون السيارات الكهربائيّة أفضل في ما يتعلّق بـ"تقييم دورة الحياة"، مقارنةً بسيارة تعمل بمحرك احتراق داخلي. شخصياً، اطّلعتُ على نظريات عدّة في هذا المجال، تشتمل على فرضيات شتّى بشأن كمّية الكهرباء المطلوبة لتصنيعها، والطاقة اللازمة لاستخراج المعادن النادرة للبطاريات، وما إذا كانت عبارة عن تفكيك سيارات تقليديّة سليمة تماماً بغية تحويلها إلى نسخ هجينة (هايبرد) تعمل بالبنزين، أو الديزل والكهرباء. (عموماً، أعتقد أنّ السيارات الكهربائية تبقى دائماً وفق مبدأ المثل بالمثل أكثر مراعاة للبيئة في نطاق أي معايير تقريباً، وفي النهاية ستصل إلى ما يُسمّى "نقطة التعادل" (لا ربح ولا خسارة) على مدى حياتها في فوائدها البيئية). يمكنك، أثناء فترة احتسائك كأساً آخر، الاستمتاع بالخوض في مناقشة عقلانيّة في ما إذا كانت السيارات الكهربائيّة عالية الجودة ذات السعر المتوسط تبدو معقولة بشأن عدد الأميال التي تقطعها، وموازنة تكاليف الأسعار، أو كلفة الاستئجار، مع تكاليف كمية من الوقود أقل بأشواط وفواتير الصيانة (يبدو أنّه كلما ازدادت المسافة التي تقطعها، كان الخيار الكهربائي أكثر رشداً). في استطاعتك أيضاً أن تكوِّن رأياً عن إبقاء تلك السيارة على "متعة" القيادة من عدمها (بشكل عام، لا تقضي على المتعة). وهلمّ جرا.
بيد أنّ الحقيقة الأكثر بروزاً لا تكمن في نوع السيارة الكهربائيّة التي تريدها، إنّما في نوع المنزل الذي تعيش فيه. في حال كنتَ تسكن في شقة، على سبيل المثال، أو منزل ملاصق حيث لا تجد أيّ موقف إلى جانب الشارع (وتالياً لا تتوفّر طريقة سهلة لشحن سيارتك)، تبدو السيارة الكهربائيّة خياراً غير عمليّ. أمّا في حال تمكّنت من توصيل سيارتك بمقبس حائط خارجي سريع الشحن، فأنتَ على ما يرام من حيث المبدأ. المسألة بهذه البساطة. لذا يُعتبر عددٌ كبيرٌ من الشكاوى من عدم كفاية ولا موثوقية شبكة الشحن، نقطة ثانوية إلى حدٍّ ما. في الواقع، لا تحتاج السيارة في غالبية الأحيان إلى إعادة شحن بعيداً من المنزل. تركب السيارة، وتقوم بجولة في الأرجاء لبعض الوقت، ثم تعود أدراجك إلى البيت، وتوصلها في المقبس لتكون جاهزة لاستخدامها في اليوم التالي.
ولكن، كما أصررت في الأسبوع الماضي، ليس مستبعداً أن يتوجّب عليك في بعض المرات شحن سيارتك بعيداً من المنزل، أو ربما ترغب في القيام بذلك أحياناً، عن طريق، على سبيل المثال، الجمع بين أخذ استراحة خلال رحلتك وفي الوقت ذاته تعبئة العربة. إن حدث ونسيت ربما توصيل السيارة بنقطة كهربائية، أو اضطُّررت إلى الخروج في رحلة طويلة طارئة... في هذه المرحلة، يمكن أن تسوء الأمور قليلاً.
إحدى المشاكل التي تطرأ، وتثير بصورة مسوّغة غضب أصحاب المركبات الكهربائيّة، عندما تَشغل سيارات غير كهربائيّة منافذ الشحن الخاصة بمركباتهم. بالمناسبة، يمكن أن تحتلّ تلك النقاط سيارة هجينة أيضاً. نعم، يحقّ للأخيرة استعمال نقطة الشحن الكهربائيّة بشكل ما (في النهاية، يشتمل هذا النوع من المركبات على بطاريات للشحن)، بيد أنّ حاجتها تبقى أقلّ مقارنة بحاجة مالك السيارة الكهربائيّة بالكامل، الذي لا يمكنه الاعتماد على وحدة بنزين أو ديزل كحلّ بديل. أمّا بالنسبة إلى السيارة العاملة بالبنزين، أو الديزل، المركونة في منافذ الشحن الكهربائيّ، فلا أعذار (ولكن لم تُفرض عقوبات للحيلولة دون وقوع ذلك).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقودني ذلك تماماً إلى "أتفيلدز فارمز شوب" المتجر الساحر في مقاطعة ليسترشير، و"باتويكست كوزبي" و"كاونتسثورب". بعيداً من التخطيط، وعلى سبيل التجربة، حاولتُ استخدام بعض برامج "تشارج بوينت" Chargepoint للعثور على مقبس شحن، ووجّهني التطبيق إلى متجر "أتفيلدز فارم شوب" مجهّزاً بأربع نقاط شحن، لا أكثر، إحداها، كما صودف، تحتوي على وحدَتَيْ شحن كي يتشاركها ذوو الاحتياجات الخاصة. عظيم، باستثناء أنّه عند وصولي كانت النقاط الأربعة كافة، تُستخدم لمواقف السيارات غير الكهربائيّة، وكان علي الانتظار إلى أن ينتهي أحد السائقين من تعبئة سيارته ويتحرّك كي يتسنّى لي توصيل سيارتي بالكهرباء.
عند هذه النقطة تحديداً، ينبغي أن أعترف أنّني لم أكن أقود سيارة كهربائيّة خالصة، خوفاً من أن يبغتني هذا السلوك تحديداً. عوض ذلك، كنتُ أستخدم سيارة هجينة، من طراز "مرسيدس- بنز إي- كلاس" التي تجمع بين الديزل والكهرباء في حزمة واحدة مصمّمة بمستويات عالية300 de) ). "سخيف"، أسمعك تعترض. حسناً، لجأت إلى هذا النوع من "الغش" لأنّني ببساطة لم أجد نفسي بلا خيارات عندما أخذت في تجربة، أو محاكاة، بعض سيناريوهات السيارات الكهربائيّة. إضافةً إلى ذلك، الجو بارد في الخارج، وتُعدُّ مرسيدس وسطاً مريحاً على نحو خاص للأوقات العصيبة.
لسوء الحظ، محطة الشحن التي قادني إليها برنامج "تشارج بوينت" هي "تشارج بوينت" رقم واحد، لكنها نقطة شحن تديرها مجموعة تُسمّى "نيو موشن"، لم أصادفها سابقاً، على الرغم من أنّها جزء من شركة "رويال داتش/ شيل" العملاقة للنفط. على أيّ حال، لم تقبل نقطة الشحن بطاقتي للصرف، وكي أفلح في الحصول على بعض الكهرباء لبطارية سيارتي كان عليّ أن أطلب مساعدة مالك متجر "أتفيلدز فارم شوب"، وقد سمح لي على النحو الواجب بشحن السيارة. كان ذلك تصرفاً لطيفاً. بعد ذلك، توجّهت إلى مطعم "المطبخ الشعبي" في المتجر ذاته لتناول غداء لذيذ من سمك السلمون ورقاقات البطاطس الطازجة والخضروات المنوّعة، والتنعّم بقراءة متمهِّلة لـ"ذي إيكونوميست"، فضلاً عن تمضية بعض الوقت على "تويتر". ابتعتُ أيضاً بعض الأغراض، واشتريتُ شريحة جبن من "ريد ليستر"، الخلف اللذيذ لـ"سباركن هو" لآخذها معي إلى المنزل. استغرق الأمر حوالى ساعة كي أملأ البطارية من الحد الأدنى للشحن إلى حوالى 60 في المئة، أو ما يعادل 11 ميلاً للتنقّل بالطاقة الكهربائيّة وحدها (كان جانب الديزل من السيارة لا يزال نافعاً لحوالى 400 ميل، السيارة الهجينة القابلة للشحن بالكاد تكون كهربائيّة على الإطلاق). ثم تحرّكت بسلاسة وهدوء إلى وجهتي التالية.
كما أقول، ليس في مقدور أيّ شخص شحن سيارته في المنزل كل الوقت، وثمة طلب على نقاط الشحن الكهربائي. ويُفترض أنّها موجودة لهذا السبب، حتى بالنسبة إلى سيارة "تيسلا" الكهربائيّة الجبارة، التي تقطع مسافات بعيدة. يمكن القول إنّ ذلك السبب أيضاً هو ما حمل وزير الخزانة في ميزانيته الأولى التي قدّمها أخيراً إلى إعلان أنّه سيُسخّر 500 مليون جنيه استرليني، على مدى السنوات الخمس المقبلة، من أجل المساعدة في تنمية شبكة الشحن السريع. يرمي بذلك إلى ألاّ يبعد السائقون أبداً أكثر من 30 ميلاً عن نقطة الشحن السريع (مقارنة بمحطات الخدمة اليوم...). ولكن يعيب المخطط أنّ الصندوق مصمَّم بشكل أساسيّ لتغطية تكلفة الشركات التي تثبّت نقاط شحن سريعة في مبانيها، فيما أنّها يجب أن تكون متاحة على نطاق واسع وعامة أيضاً. عموماً، ستكون الأمور أكثر بساطة وستلقى مزيداً من الترحيب إذا كانت كل نقاط الشحن تعمل ببطاقات الدفع من دون لمس، وكان في مقدورنا التعويل عليها. ولا يشغلها سائقو السيارات العاملة بالبنزين والكهرباء في آن.
© The Independent