كانت مسلسلات رمضان على شفا حفرة أكيدة، وهي الإلغاء التام، تجنباً للجائحة العالمية كورونا، التي سيطرت على العالم، وأسوة بما جرى بالفعل من إلغاء وإجراءات احترازية في الاستوديوهات العالمية.
لكن، وبعد تأجيلات وبعض التوقفات نجحت معظم المسلسلات المصرية في العبور إلى بر الأمان وضمان التصوير والعرض الرمضاني، رغم قرار أشرف زكي نقيب الممثلين بإغلاق المسارح ودور العرض، واتخاذ الإجراءات الاحترازية في استوديوهات التصوير الدرامي، وكان قاب قوسين أو أدنى من إلغاء المسلسلات ومنع التصوير.
وكان زكي قال، في تصريح سابق، "توجد نية للإلغاء، حفاظاً على أرواح الفنانين وجميع العاملين"، إضافة إلى انتشار حملات تطالب بالتوقف، وعدم ملاءمة الظروف لفكرة وجود مسلسلات، وترفيه في ظل الوفيات والمآسي التي يشهدها العالم.
تعديل السيناريوهات
استطاعت المسلسلات المصرية تجاوز الخطر بعددٍ من الأفكار التي أنقذت الموقف، وكان أهمها تعديل السيناريو، وإلغاء مشاهد السفر والأفراح وأعياد الميلاد والمقاهي والاحتفالات بكل الأعمال، والتصوير الليلي في ظل فرض حظر تجوّل أيضاً.
كما جرى تعديل غالبية الأحداث، لتكون داخلية تصوَّر في شقق واسعة، وديكورات خاصة ببعض الاستوديوهات، إضافة إلى التعقيم الدائم لكل العاملين، وارتداء الجميع الكمامات، كما قُلّلت مشاهد الحب وألغيت الأحضان، واُكتفيّ بالمشاهد التعبيرية أو لمس الأيدي على أقصى تقدير.
لكن، كما قال بعض صنّاع الدراما "ما باليد حيلة"، والمهم عرض العمل وعدم الدخول في دوامة الخسائر المادية الضخمة التي قد تؤدي إلى إفلاس كثير من المنتجين، خصوصاً أن هناك عقوداً مع القنوات العارضة تُلزمهم دفع الملايين في حالة عدم تسليم المسلسلات وعرضها، لأن القنوات بطبيعة الحال متعاقدة على صفقات إعلانية ضخمة، ستخسرها إن لم تكن هناك مسلسلات تُوضع من خلالها الإعلانات الكبيرة وفق التعاقدات بين القنوات والمُعلنين.
أبرز الناجين من مذبحة التأجيل
وأفلت كثير من المسلسلات من مذبحة التأجيل والخسائر الفادحة، وعلى رأسها مسلسل "ونحب تاني ليه" للفنانة ياسمين عبد العزيز، الذي يشارك في بطولته كريم فهمي وشريف منير، إذ صوِّر معظم المشاهد الخارجية قبل فترة الحظر وانتشار الفيروس، وتتبقى المشاهد الداخلية التي تصوّر بالفعل، وسط تقليل عدد العمال بقدر المستطاع، وانتشار المعقمات والكمامات ومنع التجمعات والوجبات المجمعة.
وبالنسبة إلى الفنانين، حرص كل منهم على أن يكون له "كارافان" خاص حتى لو على حسابه، لا يدخل إليه الغرباء أو فريق العمل، ويقوم الفنان بالتعقيم، لدرجة أن ياسمين عبد العزيز تحمل كرسياً خاصاً داخل التصوير.
مسلسل يسرا "خيانة عهد"، الذي تشارك في بطولته حلا شيحة وجومانا مراد وعبير صبري أيضاً، أُلغيت مشاهد السفر والتجمّعات، وغالبية مشاهده في بلاتوهات وديكورات خاصة، ويرتدي صنّاع العمل الكمامات بعد تصوير المشاهد، وتعقّم الديكورات والأثاث بعد كل مشهد.
وكان المسلسل الأكثر حظاً هو "سكر زيادة" لنادية الجندي ونبيلة عبيد وهالة فاخر وسميحة أيوب، الذي يصوَّر في لبنان، إذ اُستغني عن المشاهد الخارجية تماماً، واُكتفيّ بما صوِّر من لقطات خارجية قبل تفشي جائحة كورونا، ونظراً إلى أنّ المسلسل يدور حول أربع سيدات يعشن بإحدى الفيلات، ويتعرّضن إلى ظروف كوميدية فإنه رُكِّز على المشاهد الداخلية تماماً.
ونجحت ياسمين صبري أيضاً في إنجاز مسلسلها "فرصة تانية" بعمل بعض التعديلات الفنية في السيناريو، للاستغناء عن المشاهد الخارجية التي بها زحام أو تجمّعات، وصوِّرت لقطات خارجية في أماكن شبه خالية خوفاً من التجمّعات، إضافة إلى تكثيف المشاهد الداخلية وبناء ديكورات مشابهة لأماكن خارجية، مثل الكافيهات والفنادق حتى يُستعاض بالتصوير فيها بدلاً من الأماكن الحقيقية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يختلف مسلسل "رجالة البيت" لأحمد فهمي وأكرم حسني عن الأعمال السابقة في التعديلات وبناء ديكورات داخلية بصورة أكثر كثافة، إلا أنّ المخرج أحمد الجندي قام بعمل جدول زمني للتصوير لا يتعدى ساعات الحظر حتى لا يتعرّض أيٌّ من الفنيين أو المشاركين بالعمل لخرق القانون وإحداث أزمة، وضاعف الجندي المشاهد، إضافة إلى أنه منع الزيارات بالبلاتوه تماماً منعاً لتضييع الوقت، وألزم الفنانين الحضور جاهزين للتصوير حتى ينتهي من المشاهد المحددة وفقاً للجدول الزمني.
أمّا مسلسل نيللي كريم "100 وش" وبعد تعرّضه لأزمة كبيرة، لأن مشاهدها وآسر ياسين خارجية، إذ يقومان بدور نصابَين، تأكّد لحاقه بالموسم الرمضاني في اللحظات الأخيرة، والتصوير جارٍ على قدم وساق.
الخارجون من ماراثون رمضان
ورغم قيام معظم المسلسلات بعمل حيل للخروج من الأزمة والتصوير فإن هناك مسلسلات أخرى فشلت في ذلك، نظراً إلى أنّ طبيعة المسلسلات تعتمد بالأساس على المشاهد الخارجية والمجاميع الكبيرة، ويستحيل الاستعاضة بديكورات أو أعداد قليلة في التصوير.
وعلى رأسها "الهيبة 4" للنجم تيم حسن وديمة قندلفت وعبدو شاهين وروزينا لازقاني، إذ استحالت فكرة تصوير المطاردات والمشاهد الضخمة في ظل هذه الظروف، وخرج المسلسل للمرة الأولى منذ أربعة أعوام متوالية من العرض الرمضاني.
وللمرة الأولى أيضاً ستخرج الفنانة اللبنانية نادين نجيم من السباق الرمضاني بسبب طبيعة مسلسلها "20 – 20" مع النجم قصي خولي، الذي يتطلب التصوير الخارجي وعمل مطاردات، حيث تؤدي نادين دور ضابطة شرطة، وغالبية مشاهدها خارجية.
وخرج مسلسل أحمد عز "ضربة مرتدة" أيضاً للأسباب نفسها، إذ تتطلب طبيعة المسلسل تصويراً جماعياً وسط عدد كبير من الممثلين والكومبارس والمجاميع، إضافة إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع المسلسل سيصوّر بأماكن خارجية رسمية، لأن العمل يدور حول إحدى بطولات المخابرات العسكرية، وهذه الأماكن معظمها مغلق بسبب الاحترازات من كورونا التي فرضتها الدولة المصرية، ولذلك بات من المستحيل أن يصوّر المسلسل أو تعديل السيناريو لإنقاذ الموقف.
هؤلاء هم المحظوظون
ويعدُّ أكثر المحظوظين هذا العام النجوم عادل إمام وأمير كرارة وياسر جلال، إذ انتهى الزعيم من تصوير مسلسل "فلانتينو" منذ فترة طويلة، وقبل انتشار الفيروس، خصوصاً أنه صوّر معظم مشاهد العمل خلال العام الماضي، وانتهى تقريباً المخرج رامي إمام من مونتاج المسلسل بالكامل.
أمّا أمير كرارة فبدأ تصوير مسلسل "الاختيار"، الذي يروي بطولة الضابط المصري أحمد المنسي مع الإرهاب منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وبدأ بالمشاهد الصعبة والتدريبات العسكرية والتصوير بالمواقع الرسمية، حيث انتهى من كل اللقطات الخارجية منذ فترة طويلة، ولا يصوِّر إلا ما تبقّى من لقطات داخلية حالياً، وقريباً ينتهي من تصوير المسلسل بالكامل.
الأمر نفسه تكرر مع الفنان ياسر جلال الذي بدأ تصوير مسلسله "الفتوة" منذ أواخر ديسمبر (كانون الأول)، وانتهى من المشاهد الخارجية والمجاميع والأكشن، ويصوّر حالياً بعض اللقطات بالديكورات الداخلية، التي صُمّمت للعمل، وهي مصر القديمة والحارات، إذ يدور المسلسل عام 1900، وتشارك في بطولته نخبة من النجوم.