فتحت أزمة جائحة كورونا جدلاً كبيراً في الأوساط الاقتصادية والسياسية الأميركية بعد أن بلغ عدد المتقدمين لطلبات الإعانة 33 مليون أميركي، أصبحوا فعلياً في عداد العاطلين عن العمل، وبدأ الاقتصاد يهدد بركود قادم عاجلاً أم آجلاً.
وأصبحت إدارة ترمب بين المطرقة والسندان، إذ تواجه ضغوطاً من المواطنين الذين فقدوا أعمالهم لفتح الاقتصاد والسماح بالعمل من جهة، في مقابل تحذيرات الطاقم الطبي بأن أي عودة للأعمال ستزيد من الإصابات بالفيروس، وستؤدي إلى زيادة أعداد المتوفين منه التي تجاوزت 76 ألف حالة وفاة.
أزمة ترمب
ويواجه ترمب شخصياً أزمة مزدوجة حيث يعتزم خوض انتخابات رئاسية ثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وكانت حملته الانتخابية في السنوات الثلاث الأخيرة تركز على كيفية استمرار نمو الاقتصاد الأميركي في عهده، حيث سجل الاقتصاد عاشر سنة من النمو قبل بدء أزمة كورونا. كما ركزت الحملة الانتخابية على تحطيم رقم تاريخي في تدني نسبة البطالة التي وصلت إلى 3 في المئة، كما في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وهي أدنى نسبة بطالة منذ 50 عاماً، قبل أن تنهار الآن إلى نسبة 15 في المئة كما في أبريل (نيسان) الماضي. ولعبت الحملة أيضاً على وتر الارتفاعات القياسية للبورصات، قبل أن تنهار في الشهرين الأخيرين مع تفاقم أزمة كورونا.
تعارض بين ترمب وحكام الولايات
ودخلت الأزمة في منعطف حاد أخيراً بعد أن أظهرت تعارضاً بين الإدارة الأميركية وحكام الولايات الأميركية، حيث اعترضت ولايات عدة على أوامر الحكومة الاتحادية باستمرار الإغلاق حيث اعتبر ذلك بمثابة انتحار اقتصادي سيؤدي إلى تفاقم الأزمة أكثر فأكثر، وبدل أن يموت الناس في أزمة كورونا، سيموتون من الجوع.
ونزلت جموع من المعترضين حاملين أسلحتهم في ولاية ميتشغان وهددوا مقر حاكمة الولاية غريتشن ويتمر الديموقراطية التوجه.
وكان الرئيس غرد قبل هذه التظاهرات بـ "حرروا ميتشغان" كما غرد بتحرير ولايات عدة، ما اعتبره بعض المحللين سبباً رئيساً في ظهور مظاهرات عمت معظم الولايات الأميركية وتطالب بالعودة للعمل.
ترمب يريد عودة الأعمال
لكن تغريدات ترمب هذه على "تويتر" كشفت بأن هناك صراعاً غير معلن بين الإدارة الأميركية والطاقم الطبي الذي يصدر توصيات بناء على أبحاث مراكز الأوبئة والأمراض، حيث تفسر تغريداته أنه يريد العودة للعمل وفتح الاقتصاد، بينما يبدو أنه يتخوف من اتخاذ هذا القرار وسط توصيات مراكز الأوبئة باستمرار الإغلاق، أو فتح الاقتصاد على مراحل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووضعت الإدارة الأميركية شروطاً للعودة عبر مراحل، تقتضي من خلالها المرحلة الأولى بفتح المطاعم ودور السينما مع التأكيد على التباعد الجسماني الصارم، بينما تسمح المرحلة الثانية للولاية التي سجلت تراجعاً في عدد المصابين أن تعيد الأعمال من دون تجمعات كبيرة، وتلغي المرحلة الثالثة الإغلاق تدريجياً.
صراع بين الديموقراطي والجمهوري
وكان هناك صراع بين حكام الولايات الديموقراطية مع إدارة الرئيس ترمب منذ بداية كورونا، لدرجة أن كثيرين اعتبروا أن بعض الحكام يتعمدون إحراج الرئيس لإظهار إدارته عاجزة عن مواجهة الأزمة.
وحتى الرئيس الأميركي اعتبر أن حاكم ولاية نيويورك اندرو كومو يُسيس قضية كورونا، حيث ظهر كومو بشكل شبه يومي على التلفزيونات مباشرة عندما أصبحت نيويورك بيئة للإصابات بالفيروس قبل شهرين، وطالب الحكومة بتوفير أجهزة التنفس التي ادعى أنها تملكها ولا تريد إعطاءها للولاية التي أصبحت في حالة طوارئ منذ تفشي الفيروس فيها بشكل دراماتيكي.
وبينما عادت ولايات للعمل الآن، تستعد أخرى للعودة، بينما تعارض ولايتا نيويورك وكاليفورنيا، هذا الأمر، وهما ولايتان ديمقراطيتان، وذات ثقل سياسي واقتصادي كبير في الولايات المتحدة، بل هما أكبر الولايات المساهمة في الناتج المحلي، علماً بأن كاليفورنيا بدأت تحرر اقتصادها بشكل خجول.
الإنقاذ... الأمل المفقود
وحاولت الإدارة الأميركية أن تنتشل العائلات بخطة تريليونية دفعت من خلالها 1200 دولار لكل عائلة محتاجة لمرة واحدة، وهي مبالغ متواضعة إذ تعادل نحو ثلث متوسط الدخل الشهري للعائلة الأميركية عند 3700 دولار. كما خصصت حزمة دعم من 350 مليار دولار لإقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة، لكنها واجهت أزمة جديدة في عمليات استفادة الشركات الصغيرة التي تزاول أعمالها بناء على رخص من الشركات الكبيرة مثل سلسلة الفرانشايز على معظم القروض، حيث مكنتها شبكة العلاقات مع الشركات الكبيرة ووجود محامين متخصصين لتقديم الأوراق المطلوبة في التمكن من الحصول سريعاً على هذه القروض، بينما لم يتمكن أصحاب المشروعات الصغيرة من الحصول على المبالغ قبل أن تنفذ الحزمة.