من خلف قضبان الحجز، يحاول سُجناء مغاربة المشاركة في الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا، من خلال صنع 20 ألف كمامة يومياً، في مبادرة لافتة.
وأشار إدريس أكلمام، مدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء وإعادة إدماجهم بالمندوبية العامة لإدارة السجون، إلى أنّه "بدأ التخطيط لإنتاج الكمامات بداية الشهر الماضي".
20 ألف كمامة يومياً
وقال "جرى التنسيق مع وزارة الصناعة والمعهد المغربي للتقييس، لأجل استيفاء المعايير المعتمدة كافة".
وحسب أكلمام فإنّ مُعدل إنتاج الكمامات الواقية بلغ 20 ألفاً في اليوم، وهي تُصنّع في 22 مؤسسة سجنية، بعدما كانت تُنتج الأسبوع الماضي في ثماني مؤسسات سجنية، معرباً عن أمله في أن يزيد العدد الأسبوع المقبل. وشدد على أنّ الهدف الأساسي من إنتاج الكمامات في السجون "تأهيل المعتقلين لتحقيق الاندماج وتعزيز قيم المواطنة".
تشجيع السجناء وتحفيزهم
وإلى جانب المساهمة في إدماج السجناء، تتيح هذه المبادرة لهؤلاء الموقوفين فرص الحصول على مكافآت مالية مقابل العمل، وفقاً لمدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء بالمندوبية العامة لإدارة السجناء.
فالهدف من تصنيع الكمامات ليس الاكتفاء الذاتي، بل تشجيع السجناء أيضاً، وفق أكلمام الذي شدد على "أهمية أنّ يشعروا أنّهم أناس فاعلون في المجتمع المدني من خلال المساهمة في عملية الوقاية، وبطبيعة الحال، يُمكننا إذا حافظنا على الوتيرة نفسها أن نُحقق أعداداً كبيرة من إنتاج الكمامات في المستقبل".
ويستفيد السجناء المغاربة من التكوين المهني والتأهيل، ضمن ما يُعرف بسياسة المغرب بـ"أنسنة السجون" وإدماج السجناء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذا الصدد أكد محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أنّ مندوبية السجون المغربية، تعمل وفقاً لمحاور أساسية، أهمها "أنسنة ظروف الاعتقال" وإعادة الإدماج.
وكانت المندوبية شيّدت مؤسسات جديدة، تستجيب للمتطلبات الحديثة المرتبطة بالأمن والصحة وإعادة الإدماج.
كمامة بثمن زهيد
وفرض المغرب وضع الكمامات الواقية على كل الأشخاص المسموح لهم بالتنقل خلال فترة الحجر الصحي، ويتعرض المخالف لعقوبات من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة مالية، حسب بيان مشترك لوزارات الداخلية والصحة والاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، والصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي.
وتُباع الكمامات "المطابقة المعايير الدولية" بالمغرب في علب من عشر وحدات بثمن زهيد، لا يتجاوز 80 سنتيماً (أقل من عشرة سنتات للدولار) في محلات البقالة، وتُحارب وزارة الصناعة المغربية احتكارها.
فائض في إنتاج الكمامات
وأكد حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، أنّ نحو 23 معملاً لإنتاج الكمامات، أسهمت في تجاوز البلاد عشرة ملايين وحدة يومياً. ولفت إلى أنّ السوق المغربية لا يُمكنها استهلاك هذا الكم الكبير من الإنتاج.
وفي ردّه على سؤال في مجلس النواب، حول تداعيات جائحة كورونا وأثرها في المقاولة المغربية، أكد العلمي أنّ السوق "انتقلت إلى مرحلة الفائض في إنتاج الكمامات"، كاشفاً أنّ الوزارة أعدّت "مخزوناً استراتيجياً منها لما بعد رفع الحجر، يبلغ 50 مليون كمامة".
فتح باب التصدير
ويُشار إلى أنّه الأحد الماضي، قرر المغرب فتح باب تصدير الكمامات إلى الخارج، وكانت بلدان عدّة عبّرت عن رغبتها في استيراد هذه الكمامات، حسب وزارة الصناعة.
ويُؤكد المصدر ذاته أنّ هذا الطلب جاء عقب فحص الكمامات، ومطابقتها المعايير الصحية، مشيراً إلى أنّه سيتم توقيف التصدير في حال وجود حاجة إلى تلك الكمامات لدى المغاربة بعد رفع الحجر.
وبخصوص كمامات الثوب التي يُمكن استعمالها أكثر من مرة، أعلن العلمي أنّ المغرب أنتج مليوني كمامة منها، لكن لا يُمكن الآن تصديرها، وقال "عددٌ من الشركات يُطالب بالتصدير، وأنا أقول هذا مستحيل ما لم يؤمِّن المغرب حاجاته".
وأعلن أنّه سُمِح لهذه الشركات بتصدير 50 في المئة إلى الخارج، موضحاً "إذا تطلب الأمر وقف التصدير سنفعل ذلك، على الرغم من الضغط الذي يُحاولون فرضه عبر الإعلام وغيره من آليات الضغط. لكن أقول إنّ المغرب أولاً".
الجيش الفرنسي يرغب في استيراد الكمامات المغربية
ونالت الكمامات المغربية اعترافاً دولياً، عقب إقرار مطابقتها معايير السلامة للحماية من فيروس كورونا. وكشفت إحدى الصحف المغربية أنّ الجيش الفرنسي وافق على استعمال عينتين منها، من دون تسجيل أي تحفّظ، ومن المتوقع أن يرسل طلب استيراد كميات كبيرة خلال الأيام المقبلة.
كما أكد وزير الصناعة المغربي، مصادقة الجيش الفرنسي على استيراد كمامات مغربية، واعترافه أيضاً بجودتها التي تتطابق مع المعايير الدولية.
وجاء الاعتراف الرسمي الفرنسي بجودة الكمامات المغربية بعد تراخيص كل من المعهد المغربي لفحص الجودة المعروف بـ"إيمانور" والمركز التقني للنسيج والملابس.
الكمامة ورقة جديدة في الدبلوماسية المغربية
وأعرب حفيظ العلمي عن انتقاده من يُقللون من قيمة الكمامات المغربية، متسائلاُ في مجلس النواب، "هل ننتظر حتى يُعترف بنا من الخارج، ويقال لنا إنّ منتجونا جيد لنثق به؟ ألا يُمكننا تغيير هذا المنطق في التفكير، ونعمل بشكل جديد لنُدرك حقاً إمكانات شبابنا وقدراتهم".
وحسب وكالات أنباء فرنسية، سيُصدّر المغرب قريباً الكمامات إلى بلدان عدة، بما فيها فرنسا وألمانيا وسويسرا ورومانيا والسنغال وغيرها من الدول، واصفة ذلك بـ"الإنجاز الاقتصادي وورقة رابحة جديدة في دبلوماسية المغرب".