أعلن أبناء جمال خاشقجي الصحافي السعودي الذي قتل في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 العفو عن قاتل والدهم، وذلك بعد سلسلة طويلة من المحاكمات التي انتهت بالحكم بإعدام خمسة مدانين وسجن ستة آخرين في القضية المثيرة للجدل.
وغرّد نجل خاشقجي الأكبر صلاح عبر حسابه الرسمي في "تويتر" ببيان مقتضب جاء فيه "في هذه الليلة الفضيلة من هذا الشهر الفضيل، نسترجع قول الله تعالى في كتابه الكريم"، وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمن عفا وأصلح فأجره على الله، إنه لا يحب الظالمين"، مضيفاً "لذلك نعلن، نحن أبناء الشهيد جمال خاشقجي، أننا عفونا عمن قتل والدنا، رحمه الله، لوجه الله تعالى، وكلنا رجاء واحتساب للأجر عند الله عزّ وجلّ".
"المجموعة المارقة"
وتعود قضية جمال خاشقجي التي أثارت الجدل كثيراً واشتعل بسببها تراشق دبلوماسي بين تركيا والسعودية إلى عام 2018 بعد اختفاء خاشقجي في قنصلية بلاده لتتهم السعودية بعد ذلك مَن وصفتهم بـ "المجموعة المارقة" وراء مقتله.
وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 2019، أعلنت النيابة العامة الحكم بإعدام خمسة أشخاص بعد إدانتهم وسجن ستة آخرين لمشاركتهم في قتل الصحافي المعروف على نطاق واسع داخل بلاده وخارجها، وكانت السلطات السعودية أصدرت بياناً أعلنت فيه توقيف 18 شخصاً في إطار التحقيقات معهم حول هذه القضية.
10 جلسات وحضور دبلوماسي
وامتدت محاكمات المتهمين، تسع جلسات، حضرها دبلوماسيون ومندوبون عن عدد من السفارات الأجنبية في السعودية، إلى جانب منظمات حقوقية، وصدر الحكم الابتدائي في الجلسة العاشرة، بينما لم تعلن السلطات السعودية حتى الآن تصديق محكمة الاستئناف على الحكم الابتدائي الذي قضت به محكمة الدرجة الأولى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويفرض سلّم المبادئ القضائية في السعودية، نظر قضايا الإعدام من عدد كبير من القضاة، وفق سلسلة من درجات التقاضي تبدأ بالمحكمة الابتدائية ثم الاستئناف والمحكمة العليا، قبل أن تذهب لمصادقة المجلس الأعلى للقضاء، لكن تنفيذ الحكم لا يتم إلا بموافقة أعلى سلطة في البلاد، الممثلة في الملك، إلا أن الملك غير مخوّل وفق القانون السعودي بالعفو عن الحق الخاص الذي تقرر الشريعة الإسلامية أنه حقّ محض لأولياء الدم وحدهم، أي أقارب القتيل من الدرجة الأولى، بينما يسمح القانون بإصداره العفو في جانب الحق العام.
الحق العام
وفي قضية الصحافي السعودي من غير المعروف حتى الآن، إلى أي حد ستخضع السلطات العليا في الدولة الجناة لعقوبة الحق العام، بعد تنازل أولياء الدم عن حقهم الخاص، أم لا.
وكانت الساحة السعودية قد ضجّت قبل سنوات بمحاكمة أحد أفراد الأسرة الحاكمة في قضية قتل أحد مواطنيه، ولم يعف عنه أولياء الدم إلا في ساحة تنفيذ القصاص بجوار قصر الحكم في الرياض، لكن مواطناً آخر بعد ذلك بسنوات، رفض العفو عن القاتل من الأسرة الحاكمة فتم تنفيذ القصاص فيه.
انتقادات دولية والسلطات تقرّ بالمسؤولية
وبعد اتهامات دولية وجهت نحو القيادة السعودية، خرج ولي عهد البلاد الأمير محمد بن سلمان في سبتمبر (أيلول) 2019 في تصريحات صحافية قال فيها إن عملية مقتل جمال خاشقجي "جريمة بشعة" ولم تأمر القيادة السعودية بها ولا مصلحة لبلاده في مقتل أي صحافي.
أضاف الأمير محمد بن سلمان أنه على الرغم من ذلك، فإنه يتحمّل المسؤولية كاملة لأنها حدثت في "ظل إدارته"، وقال إنه لا يمكن تصور الألم الذي صنعته هذه الجريمة لدى قيادة وحكومة بلاده.