ها قد انتهينا، رحلة في منتصف الليل إلى ستراسبورغ وعرض مسرحي على جانبي القناة (الإنكليزي)، لكن - بالطبع - لم يتغير شيء. يمكن لرئيسة الوزراء أن ترقص على رأس دبوس كما تود، ولكن تغييراتها "الملزمة قانونًا" ليست كذلك، وفي "اتفاقية الانسحاب" لا وجود لكلمة تختلف عن الوثيقة التي تم رفضها (بالأغلبية التاريخية) في يناير. لا يوجد شيء جوهري هنا لإقناع مجموعة البحث الأوروبي أو حزب المحافظين والمعتدلين من العمال. وبالتالي تبقى الأسوأ بين الصفقات في العالم.
لهذا السبب نحتاج الآن للتركيز على سبل تأحيل المادة 50 (او البند الاوروبي الذي ينظم عملية الخروج من الاتحاد الاوروبي). الوقت ينفذ فيما تصر رئيسة الوزراء على مطالبة النواب بعدم رفض صفقتها مرة أخرى (في مفارقة بالنسبة لأولئك الذين يقومون بحملة لتمكين الجمهور من استفتاء ثاني) من دون ان يكون للاتفاق اي فرصة حقيقية لتمريره.
إن ما ترغب الحكومة القيام به واضح: إعتماد سياسة "حافة الهاوية" نفسها التي سبق أن وفرها تاريخ 29 مارس، على أمل أن يتم الضغط على النواب حتى يستسلمون. لذلك ستطلب ماي أقصر مدة تمديد ممكنة - ربما شهرين أو ثلاثة. ولكن باستثناء رئيسة وزرائنا المحاصرة، فإن التمديد هذا لن يجدي نفعاً. إنه مجرد تمديد لسُلّم السفينة (نفسها) وليس جسرا نحو أي حل.
بالطبع، نحن لسنا وحدنا في هذا (المخاض) اذ سيتعين أن يكون الاتفاق على أي تمديد مع المجلس الأوروبي. أخبرني أصدقائي وزملائي عبر أوروبا - بعبارات لا لبس فيها - أن آخر شيء ينوون تقديمه لماي هو مطرقة سياسية قد تفشل تيريزا ماي معها مرة أخرى في تمرير اتفاق بركسيت (او الخروج من الاتحاد الاوروبي). إنهم يريدون حلاً يمنح بريطانيا المجال والوقت للتنفس، للتفكير، ثم العودة إلى بروكسل بحل يمكن أن ينجح فعليًا. هذا هو السبب في أنهم يفكرون في التمديد لفترة أطول تصل لـ 21 شهرًا، كما يفكر الرئيس ماكرون.
ومن شأن هذا أن يمنح لمواطني المملكة المتحدة فرصة للتفكير مرة أخرى في ما نريده بالفعل، بدلاً من مجرد إجبارنا من قبل رئيسة الوزراء على الاختيار المتكرر بين حلّين لا يريدهما أحد تقريبًا: الخروج بصفقتها أو الخروج بلا صفقة. كما أنه سيتيح لإيرلندا والمملكة المتحدة وشركائنا التجاريين الفرصة للتخطيط بصدق لأسوأ الاحتمالات - حتى إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فإننا على الأقل سنكون قد أخذنا فرصة للاستعداد، شريطة إقناع كريس غرايلينغ على إنهاء تمسكه بوزارة النقل طبعاً.
هذا التمديد الطويل تم رفضه من قبل الكثيرين هنا في المملكة المتحدة قبل الإعلان عنه، وذلك بسب القلق من أن بريطانيا ستضطر معه للمشاركة في الانتخابات الأوروبية في مايو. والسبب الثاني هو أننا سنجبر على البقاء في الاتحاد الأوروبي، من قبل الاتحاد الأوروبي، بطريقة أو بأخرى ضد إرادتنا. وهنا لا ينبغي أن ندع أيا من الهاجسين يقف في طريق القيام بالشيء الصحيح.
أعترف أنني كنت أعتقد أن الاتحاد الأوروبي سوف يعفينا من الانتخابات الأوروبية في شهر مايو. الحقيقة هي أنهم يستطيعون إن أرادوا، من خلال تغيير بسيط في المعاهدة، أن يفعلوا ذلك تحديدا. لكن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أوضح أن التمديد الذي يتجاوز تاريخ الانتخابات سيقتضي من المملكة المتحدة المشاركة في الاستحقاق. حسناً، جيد. الإجابة على مشاكل هذا البلد هي المزيد من الديمقراطية، وليس التقليل منها، وبينما ننتظر الاستفتاء النهائي، فإن تصويتا علنيا واضحا حول قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيمنحنا فرصة لتوسيع النقاش واختبار إرادة الجمهور. إن توقعي هو أن الأحزاب التي تعارض خروج بريطانيا وتدعم استفتاء ثاني ستحطم المتطرفين من حزب المحافظين وستهزم الآلة السياسية الحديثة لنايجل فاراج. ستكون صرخة حشدنا: "أوروبا تعمل" وأنا أقول، فلنجرب ذلك.
أن تكون بريطانيا عالقة في هذا التمديد هو بالطبع مسألة شائكة، لكن يمكن حلها بسهولة في نفس الوقت. (شخصيا) انا أريد البقاء في الاتحاد الأوروبي وأريد إيقاف بركسيت، ولكني لا أرغب أبدًا في القيام بذلك عن طريق الإخضاع، ولا أعرف أي صديق أو زميل بجانبي يريد أن يفعل ذلك. يجب ألا تُجبر بريطانيا أبدا على فعل شيء لا تريد فعله حقيقةً. ولذا ينبغي إعطاؤنا فترة تمديد لـ 21 شهرًا كحد أقصى وليس كحد أدنى. ماذا يعني هذا؟ حسنًا، إذا نجح البرلمان في أي وقت خلال فترة التمديد في التوصل إلى حل نهائي - سواء كان صفقة ماي، أو الخروج بلا صفقة، أو كان استفتاء لإيجاد مخرج من الفوضى - يمكننا الضغط على الزر والخروج وفقا لتلك الأحكام. أو، بالطبع، يمكننا الضغط عليه لأننا اخترنا عن طريق آلية ديمقراطية البقاء.
قضيت الكثير من وقتي في الاستماع إلى ما يقوله القادة الأوروبيون حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأعتقد أن هذا – (التمديد يشكل) جسرًا إلى حل ما فيما الكرة تبقى في ملعب بريطانيا - سيحظى بالعديد من المدافعين عنه في الاتحاد الأوروبي. إنه يعطي ايرلندا الوقت للتحضير. ويمنح بروكسل فرصة للتركيز على أشياء أخرى بينما نعمل على إيجاد حل بأنفسنا. إنه يعطي الجميع مساحة للتنفس. ولكني بصراحة أيضًا أعتقد أن مثل هذا الاقتراح يمكن أن يحظى بدعم واسع هنا أيضًا. بالنسبة إلى كبار المؤيدين لبركسيت، فإن هذا التمديد يبعد (عنهم الضغوط) و سياسة حافة الهاوية التي تستخدمها رئيسة الوزراء لابتزازهم. وبالنسبة لمؤيدي إجراء تصويت عام (جديد)، فإنه يوفر لنا إطارًا زمنيًا معقولًا لإجراء استفتاء (ينظم) بشكل صحيح. اما بالنسبة لأولئك الذين يقفون بين هذه المواقف و ذاك، فإنه يمنحهم فرصة لمناقشة الخيارات الأخرى والتحقق منها. الشخص الوحيد الذي لا يناسبه هذا التمديد هو رئيسة وزرائنا. وأظن أنه بمجرد انتهاء هذا الأسبوع، لن يكون هذا الأمر مهمًا للغاية.
© The Independent