رفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب سقف المواجهة مع المحكمة الجنائية الدولية من خلال التهديد بفرض عقوبات اقتصادية على مسؤولين فيها، في قرار يهدف إلى منع هذه المؤسسة الدولية من ملاحقة عسكريين أميركيين يُشتبه في ارتكابهم جرائم في أفغانستان.
وأعلن البيت الابيض في بيان أن "الرئيس أتاح فرض عقوبات اقتصادية على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية يشاركون بشكل مباشر في كل جهد للتحقيق حول عسكريين أميركيين، أو توجيه اتهام إليهم، من دون موافقة الولايات المتحدة".
وفي وقت لاحق، شدّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على أنّه "لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي في الوقت الذي تهدّد محكمة زائفة (جنودنا) ولن نفعل ذلك"، وأدلى بومبيو بتصريحاته بينما كان محاطاً بوزيري الدفاع والعدل ومستشار الأمن القومي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحقيق في جرائم حرب
ويأتي الإعلان كردّ على قرار استئنافي للمحكمة الجنائية في مارس (آذار) يتيح فتح تحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان على الرغم من معارضة إدارة ترمب.
وكان بومبيو ندّد في حينه بقرار "متهوّر" لهذه المؤسسة التي تتّخذ من لاهاي مقراً لها، مضيفاً أنه جاء "بعد أيام فقط" من توقيع اتفاق تاريخي بين بلاده وحركة "طالبان" الأفغانية.
ويتعلّق التحقيق الذي تسعى إليه المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا بتجاوزات ارتكبها جنود أميركيون في أفغانستان حيث تقود الولايات المتحدة منذ 2001 أطول حرب في تاريخها، ورفعت إليها ادعاءات بالتعذيب تستهدف وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه".
"مسيّسة"
وعلّق وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على القرار الأميركي قائلاً "بالتأكيد هذا أمر مثير للقلق الشديد لأننا نحن، في الاتحاد الأوروبي، ندعم بثبات المحكمة الجنائية الدولية". وأضاف أن المحكمة "اضطلعت بدور رئيس في إرساء عدالة دولية وفي (ملاحقة) أكثر الجرائم الدولية جسامة".
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رحّب بقرار الرئيس الأميركي ووصف المحكمة خلال مؤتمر صحافي بأنها "مسيّسة".
أسف إزاء الإعلان الأميركي
وأعربت أندريا براسو من منظمة هيومن رايتس ووتش عن أسفها إزاء الإعلان الأميركي، معتبرةً أن الهجوم على المحكمة "يهدف إلى حرمان ضحايا الجرائم الخطيرة من أي إنصاف، في أفغانستان وإسرائيل أو في فلسطين"، وقالت إنّ على الدول التي تدعم العدالة الدولية "أن تعارض علناً هذه المحاولة الصارخة لعرقلتها".
وكان قضاة المحكمة الجنائية رفضوا السماح بالتحقيق في البداية بعد تهديد واشنطن بفرض عقوبات، علماً أنّ الولايات المتحدة ليست عضواً في المحكمة.
تأشيرات الدخول
ووفقاً للمتحدثة باسم البيت الأبيض، فإنّ ترمب الذي انخرط في تصعيد غير مسبوق في وجه المحكمة التي يتهمها بالتعدّي على السيادة الوطنية، "سمح أيضاً بتوسيع القيود على تأشيرات الدخول" بالنسبة إلى مسؤوليها وأفراد أسرهم.
وكانت المحكمة الدولية المكلفة على وجه الخصوص ملاحقة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، تؤكد في حينه "الالتزام بممارسة (مهامها) باستقلالية وحيادية" والعمل بموجب نظام روما الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2002 وصادقت عليه أكثر من 120 دولة.
"رفض مراراً"
وكرّر البيت الأبيض أنه "رفض مراراً" مساعي المحكمة لتوسيع نطاق عملها بحيث يشمل التحقيق مع عسكريين أميركيين وندّد بـ "فساد" هذه المحكمة "على أعلى المستويات". وقال البيان الأميركي "على الرغم من الدعوات المتكررة من الولايات المتحدة وحلفائنا إلى الإصلاح، لم تقدِم المحكمة الجنائية الدولية على فعل أي شيء لإصلاح نفسها وتواصل القيام بتحقيقات بدافع سياسي ضدنا أو ضد حلفائنا وبينهم إسرائيل".
من جانبه، اتهم وزير العدل الأميركي بيل بار روسيا بـ "استخدام" المحكمة، قائلاً أمام الصحافة في واشنطن "نشعر بالقلق لأنّ قوى (دولية) تلجاً أيضاً إلى المحكمة الجنائية الدولية، خدمةً لمصالحها الخاصة".
كذلك، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين أن هذا "الاستخدام" يهدف بشكل خاص إلى "التشجيع" على إطلاق تحقيقات قضائية دولية بحق عسكريين أميركيين في أفغانستان.