غذت وزيرة بريطانية المخاوف من أن اللحوم الأميركية المنتجة في مزارع ذات معايير متدنية في مجال تربية الحيوانات قد تكون في طريقها قريباً إلى محال السوبرماركت والكافيتريا البريطانية، بعدما أشارت إلى أن حكومتها يجب أن "تثق في قرار المستهلكين" بالشراء أو عدم الشراء.
ففي أحدث نقاش في البرلمان حول المسألة، رفضت وزيرة شؤون مجلس الوزراء بيني موردونت أن تقول ما إذا كان العمل سيستمر بالحظر على لحم الدجاج المكلور ولحم البقر المغذى بهورمونات وغيرها من السلع الأميركية المستوردة بعد إبرام اتفاقية تجارية مرتقبة مع إدارة الرئيس دونالد ترمب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت الوزيرة إنها تعتقد بأن "علينا أن نثق في قرار المستهلكين" في هذا الشأن وأشارت إلى أن بعض الناس لا يريدون "منح (قوانين) الحكومة ثقتهم".
وعلى الرغم من الكلام عن ترك الأمر لخيارهم، لا يحمل في الواقع كثير من منتجات اللحوم، ولاسيما في المطاعم والمستشفيات ومحال الكافيتريا، ملصقاً يدل على بلد المنشأ، ما يجعل تمييز المستهلكين مصادر اللحوم أمراً صعباً.
وحيث تتوفر الآن ملصقات كهذه، تعتبرها الولايات المتحدة أيضاً حاجزاً غير قانوني أمام صادراتها وتسعى إلى حظرها في سياق الاتفاقيات التجارية التي توقّعها مع بلدان أخرى.
وأوضح المفاوضون الأميركيون أن فتح الباب أمام الصادرات الزراعية الأميركية، المنتجة في ظل معايير متدنية في مجال تربية الحيوانات أكثر بكثير مقارنة بنظيرتها الأوروبية، هو مطلبهم الرئيسي في المحادثات مع المملكة المتحدة.
وعلى رغم أن أفضل السيناريوهات التي تضعها الحكومة البريطانية يظهر أن اتفاقية مع الولايات المتحدة ستعزز قليلاً الاقتصاد البريطاني بواقع 0.16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، سيشكل الفشل في توقيع اتفاق من هذا النوع إحراجاً سياسياً كبيراً لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي قدم اتفاقاً كهذا كبديل عن عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي.
وخلال جلسة استجواب في مجلس العموم بعد ظهر الثلثاء، قالت النائبة المحافظة عن ديفون الشمالية، سيلاين ساكسبي، إن "عدداً كبيراً من المزارعين والناخبين" اتصلوا بها للتعبير عن قلقهم في شأن معايير المنتجات الغذائية.
وسألت: "هل تستطيع صديقتي الوزيرة الموقرة أن تضمن لي وللناخبين هؤلاء أننا سنحافظ على معاييرنا الحالية في مجال المنتجات الغذائية ونمنع استيراد لحم الدجاج المكلور وسائر المنتجات الغذائية الأدنى نوعية؟"
وردت السيدة موردونت قائلة: "أظن بأننا في هذا الشأن يجب أن نثق بقرار المستهلكين. وإذا لم يرغب الناس في منح الحكومة ثقتهم، يجب أن نثق بقرار المستهلكين. أعتقد بأن المستهلكين يريدون المنتجات الغذائية ذات الجودة المرتفعة والأسعار المنصفة إلى جانب المعايير المرتفعة في مجال تربية الحيوانات".
ولفتت السيدة موردونت أيضاً النواب إلى رسالة مشتركة حديثة وقعتها وزيرة التجارة الدولية ليز تراس ووزير البيئة جورج يوستيس. وورد في الرسالة الموجهة إلى النواب أن المملكة المتحدة "ملتزمة كثيراً الحفاظ على معاييرنا العالية في مجالات البيئة وسلامة الغذاء وتربية الحيوانات خارج الاتحاد الأوروبي".
لكن الاتحاد الوطني للمزارعين National Farmers’ Union حذر من أن الرسالة حمالة أوجه وأن الضمانات الواردة "لا توفر ضمانات" إذا "كان لدينا قلق حول تربية الحيوانات أو الأثر البيئي لطريقة إنتاج معينة"، وفق تقرير ورد في المطبوعة الخاصة بالقطاع الزراعي "الغروسر" The Grocer.
وأشار مكتب رئيس الوزراء الخميس الماضي إلى أن واردات المنتجات الغذائية الأميركية ذات الجودة الأدنى أصبحت قيد التفاوض الآن، في تراجع عن وعد قديم قطعه على نفسه.
فقبل وقت غير بعيد، في يناير (كانون الثاني)، كررت وزيرة البيئة آنذاك تيريزا فيلييرز "أننا لن نستورد لحم الدجاج المكلور" – لكن منذ ذلك الوقت ضغط المسؤولون التجاريون الأميركيون على المملكة المتحدة لتغيير موقفها، وهذا ما فعلته الحكومة البريطانية.
وتستخدم مصانع لحوم أميركية الكلورين لغسل الدجاج لكي تتمكن من إدارة بيئة إنتاجية أقل نظافة، وهذا نهج يوفر المال ويسمح للمصانع بكسر أسعار المنتجين الآخرين.
وذُكِر الأسبوع الماضي أن المملكة المتحدة ستفرض "رسماً جمركياً مزدوجاً" على الواردات، أي أنها ستسمح بدخول اللحوم الأميركية إلى أراضيها حتى ولو لم تلبِّ المعايير البريطانية للإنتاج لكن مع فرض رسوم جمركية.
ولو وصلت الصادرات الغذائية الأميركية حقاً إلى بريطانيا، قد لا توُفر للمستهلكين البريطانيين معلومات تحدّد المنتجات الأميركية بغرض مساعدة هذه المنتجات على تحقيق موطئ قدم في السوق. ويحدد مستند "الحواجز التجارية الأجنبية" Foreign Trade Barriers الذي أصدرته الحكومة الأميركية في عام 2019 السياسات التي تعتمدها بلدان أخرى في العالم وترغب الولايات المتحدة في إبطالها.
وينص المستند على أن الولايات المتحدة "أثارت باستمرار مخاوف" لدى منظمة التجارة العالمية حول الملصقات التي تحدّد بلدان المنشأ، ولاسيما لأنها "قد ترجح كفة عدد من البلدان وتؤثر في الصادرات الأميركية".
© The Independent