بعد نحو 4 سنوات من الأزمات والتداعيات العنيفة التي صاحبت قرار تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار وتحرير سعر الصرف بشكل كامل في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، جاءت أزمة كورونا التي أضرت كثيراً بالاقتصاد العالمي وبينها الاقتصاد المصري، الذي تلقى دعماً كبيراً من تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المصرية حتى الآن.
في ظل الأزمة الحالية، وعلى الرغم من التوقعات الصادمة بالنسبة إلى مستقبل الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة، تشير تقارير المؤسسات الدولية إلى إمكانية نجاح مصر في اجتياز أزمة ومخاطر وباء كورونا العالمي.
وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في الحكومة المصرية، أشارت وفق تقرير حديث، إلى تصريح صندوق النقد الدولي بأن القاهرة حققت تحولاً ملحوظاً قبل صدمة وباء كورونا، ونفذّت برنامجاً ناجحاً للإصلاح الاقتصادي، وقد أثبتت سياسات ذلك البرنامج الاقتصادي الإصلاحي، خصوصاً الإصلاحات النقدية والمالية المتبعة، صحة رؤية الدولة المصرية.
قلق مستمر من تهاوي احتياطي النقد الأجنبي
التقرير أوضح أن برنامج الإصلاح الاقتصادي أسهم في تحقيق خفض كبير في معدلات التضخم السنوية، وتكوين احتياطيات دولية من النقد الأجنبي مطمئنة، وزادت من صلابة وقوة القطاع المالي والمصرفي، كما أسهم في تحقيق تحسنٍ كبير في مؤشرات المالية والمديونية، وأهمها تحقيق فائض أولي في الموازنة العامة تبلغ نسبته 2 في المئة من الناتج المحلي، وخفض معدلات المديونية العامة لتصل إلى 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو (حزيران) عام 2019.
لكن التهاوي العنيف في احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي دعت إلى قلق كبير من جانب المتخصصين في الاقتصاد، الذين يتخوفون من استمرار الاعتماد على خزانة البنك المركزي المصري في تمويل خطط التحفيز المقبلة.
ولفت إلى أن تأكيد صندوق النقد الدولي بشأن تحسن الأوضاع الاقتصادية للبلاد قد عزّز من قدرة السلطات المصرية على التعامل بإيجابية وسرعة مع الأزمات والصدمات الاستثنائية واضطرابات الأسواق العالمية التي أصبحت سمة السنوات الأخيرة، وقد انعكست تلك الأوضاع إيجابياً أيضاً على تقييم المؤسسات الدولية للاقتصاد المصري، وأحدثها مؤسسة "ستاندرد آند بورز"، التي أبقت على تصنيف مصر الائتماني عند مستوى B مع نظرة مستقبلية مستقرة مقارنة بعشرات الدول حول العالم التي جرى تخفيض تصنيفها الائتماني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التقرير تطرق إلى تصريح بنك "بي إن بي باريبا"، حول نجاح مصر في تعبئة الكثير من التمويلات لسد فجوة عام 2020، والتي قدّرها بنحو 12 مليار دولار، بعد حصولها على 2.8 مليار دولار تمويلاً سريعاً من صندوق النقد، وطرحها سندات دولية بقيمة 5 مليارات دولار، وتفاوضها على تمويلات قدرها 9 مليارات دولار من الصندوق ومؤسسات تمويل دولية أخرى.
ولفت إلى تقرير وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني وتوقعاتها بأن يتفوق قطاع التشييد والبناء في مصر على باقي أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث القيمة بحلول عام 2029، ورجحت أن يواصل القطاع نموه القوي على مدار الـ10 سنوات المقبلة، وذلك بمتوسط نمو سنوي قدره 9 في المئة خلال الفترة ما بين عامي 2020 و2024، بعد تباطؤ على المدى القريب بسبب جائحة فيروس كورونا. كما توقعت الوكالة أيضاً أن ترتفع قيمة صناعة التشييد والبناء في مصر، التي تبلغ حالياً نحو 25 مليار دولار، لتصل إلى أكثر من 89 مليار دولار بحلول 2029، ليمثل بذلك البلد الواقع في شمال أفريقيا نحو 30 في المئة من قيمة صناعة البناء والتشييد في المنطقة.
مخاطر كورونا طالت قطاعات عديدة
في الوقت نفسه، أشار التقرير إلى أن أزمة فيروس كورونا أثرت في قطاعات عديدة، إلا أن معدل النمو الاقتصادي في مصر ما زال من أفضل المعدلات على مستوى العالم، وساعد على ذلك تنوع هيكل الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي بدأته الدولة في 2016.
وأوضح أن خطة العام المالي 2020-2021، تمت في إطار ظروف شديدة من عدم اليقين تشهدها مصر ودول العالم، ومنذ أقل من ثلاث سنوات كان معدل النمو الصافي لا يزيد على 2.2 في المئة، ومعدل البطالة كان يتجاوز 13.5 في المئة، مع معدل تضخم مرتفع وزيادة في الأسعار بنسبة تتخطى 33.7 في المئة، بالإضافة إلى وجود عجز كبير في الميزان التجاري للدولة، والاحتياطي المصري كان لا يتعدى 3 أشهر واردات.
ولفت التقرير إلى الانتهاء من نحو 70 في المئة من المناطق العشوائية على مستوى المحافظات المختلفة، كما تم تحقيق معدل نمو اقتصادي خلال الربع الثالث من هذا العام بلغ 5 في المئة، وذلك على الرغم من المرور بأزمة فيروس كورونا المستجد، وأنه في ضوء معدلات الأداء المحققة خلال الفترة من يوليو (تموز) وحتى فبراير (شباط) الماضيين، كان من المتوقع تحقيق معدل نمو بنحو 5.9 في المئة.
وتوقع تحقيق معدل نمو اقتصادي هذا العام في حدود 4 في المئة، بما يعني خسارة في الناتج بنحو 105 مليارات جنيه (6.48 مليار دولار) خلال عام 2019-2020، وهي أقل الخسائر على مستوى الإحصائيات العالمية، لافتاً إلى أن مُعدل التضخم في مايو (أيار) الماضي هوى إلى مستوى 5 في المئة، كما نزل معدل البطالة إلى نحو 7.5 في المئة، وأيضاً انخفض عجز الميزان التجاري إلى 36 في المئة.