تشهد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية نشاطاً مكثفاً يختص بالأزمة الليبية وأزمة سد النهضة، حيث تُعقد ثلاثة اجتماعات مهمة، الأول هو الاجتماع الوزاري الطارئ حول الوضع في ليبيا عبر تقنية الفيديو كونفرنس الذي كان مقررا الإثنين، وتم تأجيله إلى اليوم لأسباب تقنية بحسب ما أعلنت الأمانة العامة، يلي ذلك اجتماع آخر لوزراء الخارجية لبحث تطورات أزمة سد النهضة، والثالث اجتماع لجنة المتابعة الدولية المنبثقة عن مؤتمر برلين حول ليبيا
وفي السياق نفسه، ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"اللعبة الخطيرة" التي تمارسها تركيا في ليبيا، معتبراً أنها تشكل تهديداً مباشراً للمنطقة وأوروبا، وقال ماكرون، على إثر لقائه نظيره التونسي قيس سعيد، في الإليزيه "أرى اليوم أن تركيا تمارس لعبة خطيرة في ليبيا تناقض كل الالتزامات التي أعلنتها في مؤتمر برلين".
طلب مصري
وكان السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية، صرح بأن الأمانة العامة تلقت طلباً من وفد مصر لعقد اجتماع طارىء لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا، وذلك عبر تقنية الفيديو كونفراس .
وأشار الأمين المساعد إلى أن الطلب المصري حصل على التأييد المنصوص عليه في النظام الداخلي من جانب عدة دول.
وأكدت مصادر لـ"اندبندنت عربية" أن الاجتماع سيناقش بنداً واحداً الخاص بتطورات الأوضاع في ليبيا ولن يتطرق لأية قضايا أخرى، وأضافت أن مشروع القرار سيؤكد الحل السياسي، وعلى وحدة وسلامة الأراضي الليبية، ودعم المسار السياسي الذي طرح في "إعلان القاهرة ."
رفض "الوفاق"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأرسلت مندوبية ليبيا التابعة لحكومة الوفاق مذكرة إلى الأمانة العامة، قالت فيها إنها لم تستشر في مسألة عقد الدورة ولم تستشر في شأن أي وثيقة قد تصدر عن الاجتماع .وأضافت أن موضوع ليبيا معقد ويحتاج إلى تشاور مسبق بين كل الدول الأعضاء للوصول إلى توافق نسبي.
وأصدر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، أول بيان رسمي له، ردّاً على تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخيرة، التي لوّح فيها بالتدخل العسكري بليبيا، قائلاً إنّ "تصريحات الرئيس المصري بمنزلة إعلان للحرب على ليبيا"، مؤكداً أنه "سيردّ بقوة على أي تهديد للبلاد".
واعتبر أن "تصريحات السيسي تعدٍّ على سيادة الدولة، وأمر مرفوض ومستهجن وعمل عدائي وتدخّل سافر"، مشدداً على أن "حكومة الوفاق هي الممثل الشرعي الوحيد في ليبيا".
وحذّر من أن "التدخل في شؤون ليبيا سيؤدي إلى زعزعة أمن المنطقة بشكل غير مسبوق".
ولم يكتفِ السراج بالتصعيد اللفظي، بل أتبعه بلقاءات واجتماعات مع قادة عسكريين تابعين لحكومته، في تلويح لرفضه الوقوف عند "الخطوط الحمر"، التي حدّدتها القاهرة، وعزمه مواصلة العمليات العسكرية في سرت والجفرة.
في هذا الإطار، قال المكتب الإعلامي التابع للمجلس الرئاسي إن "السراج بحث الأحد، مع آمر غرفة عمليات سرت- الجفرة، العميد إبراهيم بيت المال، آخر تطورات العمليات العسكرية في المنطقتين".
وأفادت مصادر صحافية ليبية بأن السراج ووزير داخليته فتحي باشاغا، سيلتقيان وفداً من القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، اليوم الاثنين في مدينة زوارة، غرب طرابلس، من دون الكشف عن طبيعة اللقاء والأسباب التي دعت إليه.
وبحسب بيان صادر عن وزارة خارجية حكومة الوفاق على صفحتها على موقع "فيسبوك، "أجرى محمد الطاهر سيالة اتصالاً هاتفياً مع مسؤول الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان رئيس مجلس الجامعة للدورة الحالية يوسف بن علوي، للتشاور بشأن التطورات الجارية في ليبيا ومناقشة المذكره المقدمة من ليبيا الرافضة لدعوة مصر إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس".
وأكد سيالة أن الرفض الليبي نابع من عدم اتباع الإجراءات والقواعد المعمول بها في أي اجتماع حتى يحقق الغاية المرجوة منه، وعلى رأس ذلك التشاور مع ليبيا باعتبارها الدولة المعنية بالاجتماع وهو ما لم يحدث، كما أن الاجتماع المغلق عبر الفيديو لا يصلح لمناقشة ملفات شائكة تحتاج إلى مداولات ونقاشات معمقة، وأن إهمال كل ذلك يؤدي إلى تعميق الهوة وإحداث الانقسام ولن يخدم في شيء العمل العربي المشترك.
وكشفت مصادر أن مندوبية ليبيا أخطرت مندوبيات الدول العربية أن وزير خارجية الوفاق سيلقي كلمة فقط في الاجتماع .
اللجنة المنبثقة عن مؤتمر برلين
كما تستضيف الجامعة العربية اجتماع لجنة المتابعة الدولية المنبثقة عن مؤتمر برلين حول ليبيا، والذي سيعقد على مستوى كبار المسؤولين.
وصرح مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة بأن الاجتماع، الذي يجري تنظيمه بالتنسيق مع بعثة الدعم الأممية في ليبيا، سيعد الثالث للجنة المتابعة منذ إطلاق أعمالها في الاجتماع الوزاري الذي عقدته أطراف عملية برلين في ميونيخ يوم 16 فبراير (شباط) الماضي، وذلك بهدف الوقوف على مسار تنفيذ الأهداف والالتزامات التي وردت في خلاصات مؤتمر برلين، والعمل في سبيل توحيد الجهود الدولية الرامية إلى التوصل لتسوية سياسية متكاملة للأزمة الليبية.
وأضاف أن الاجتماع المرتقب للجنة المتابعة – الذي سيعقد عبر تقنية الفيديو كونفرانس – يأتي في توقيت بالغ الأهمية، إذ سيستعرض مجمل التطورات العسكرية والأمنية الراهنة في ليبيا، وبصفة خاصة حالة التصعيد والتحشيد الميداني حول مدينة سِرت، وسُبل الوصول إلى التهدئة الفورية التي تفضي إلى استكمال مفاوضات وقف إطلاق النار بين حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة.
كما ينعقد الاجتماع في ظل حراك مهم في جهود استئناف عملية سياسية جامعة بين الأطراف الليبية، خصوصاً في أعقاب صدور "إعلان القاهرة"، وغيره من المبادرات المطروحة لدفع الحوار بين الأشقاء الليبيين، بغية التوصل إلى تسوية متكاملة للوضع في ليبيا بمسارتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، على النحو الذي تم التوافق عليه في مؤتمر برلين، ووفق القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن، وبشكل يحافظ على سيادة واستقلال ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.
العمالة المصرية ضحايا التصعيد
وفي خطوة استفزازية للسلطات المصرية، هي الثانية من نوعها في غضون أسبوع، أعلنت غرفة عمليات "بركان الغضب" العسكرية التابعة لحكومة الوفاق، الأحد، إلقاء القبض على 18 شخصاً يحملون الجنسية المصرية، بتهمة خروجهم عن القانون.
وأضافت الغرفة في بيان لها، أن "قوة العمليات المشتركة التابعة لقوات الوفاق، قامت اعتقلت المصريين في مدينة صبراتة، غرب طرابلس"، وأحالتهم إلى الجهات المختصة لاتّخاذ الإجراءات اللازمة و"توقيع أشدّ العقوبات التي يستحقونها، قبل ترحيلهم إلى مصر".
حظر جوي في سماء سرت
في الجهة المقابلة، شرق ليبيا، أعلن الناطق باسم القائد العام للجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري، عن "منطقة حظر جوي تمتد من منطقة سلطان، شرق سرت، إلى منطقة الهيشة غرباً"، مؤكداً أنه "لا يُسمح بالطيران فيها، إلّا لسلاح الجو الليبي التابع للجيش".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أعلن المسماري في مؤتمر صحافي، ترحيب القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، بالتصريحات الأخيرة للرئيس المصري، مثنياً على "موقف مصر، الداعم لليبيا ضد التدخلات الخارجية".
وقال "هذا ليس تحالفاً على غرار تحالف حكومة الوفاق مع تركيا، بل هو تحالف قائم على وجود مشترك وحدود مشتركة وروابط مشتركة"، مشيراً إلى أن "المعركة في ليبيا ليست معركة وطنية فحسب، بل هي معركة قومية تتعدّى الحدود الإقليمية".
من جانبه، رحّب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بكلمة الرئيس المصري، مشيداً بـ"موقف مصر تجاه ليبيا شعباً وقيادة".
ودعا في بيان له، إلى "الاستماع لصوت السلام والوفاق، الذي تضمّنه إعلان القاهرة"، مطالباً "المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتفعيل مخرجات مؤتمر برلين".
القاهرة تخطف الأضواء
في السياق ذاته، اعتبر الباحث والأكاديمي فرج الجارح، أن "الانخراط المصري المتزايد والمتسارع في الأزمة الليبية، قلب الموازين تماماً على الأصعدة كافة، مظهراً أهمية مصر وقدرتها على وضع ثقلها عربياً وإقليمياً ودولياً".
وأشار في حديث لـ"اندبندنت عربية" إلى "سحب إعلان القاهرة الأضواء والاهتمام والدعم الدولي من اتفاق الصخيرات، الذي تمسّك به العالم لسنوات، مانحاً الشرعية الدولية لحكومة الوفاق، قبل ظهور المبادرة المصرية".
وقال الجارح إن القاهرة "تتحرك بخطوات محسوبة وذكية، بسعيها لمنح الغطاء القانوني لأي خطوة عسكرية قد تلجأ إليها مضطرةً في الأيام المقبلة".
وأضاف "أعتقد أن الجامعة العربية ستتّخذ هذه المرة موقفاً سيكون مؤثراً في مستقبل الأزمة الليبية، ويضع حدّاً للتجاوزات التركية، التي باتت تهدّد الأمن العربي بمجمله، ليس في ليبيا فحسب، بل في العراق وسوريا أيضاً".
من جهته، اعتبر مندوب ليبيا في الأمم المتحدة التابع لحكومة الوفاق الطاهر السني، أن "مصر تكيل بمكيالين"، مضيفاً "تقولون إنكم تحترمون القرارات الدولية والاتفاق السياسي الليبي، وفي الوقت ذاته تستقبلون وتدعمون المنقلب عليها"، في إشارة إلى قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر.
أما المستشار السياسي لحكومة الوفاق محمد بويصير، فقال عبر تويتر إن "سرت والجفرة متجهتان نحو التحرير، وبعدهما الهلال النفطي قريباً"، مردفاً "لنرى بعدها مدى صدق وجرأة صاحب الخطوط الحمر".