أثار تصريح الكاتبة الفة يوسف "لا نحتاج إلى وزارة شؤون دينية، والله لا يحتاج إلى وزراء"، جدلاً واسعاً في تونس بشأن أهمية وزارة الشؤون الدينية. وقالت يوسف لو وضعت موازنة وزارة "موظفي الله"، كما اسمتهم، تحت تصرف الصحة العمومية أو التعليم أو الثقافة لكنا أقرب إليه تعالى". واستشهدت بمقولة للشيخ الصوفي عبد القادر الجيلاني "لقمة في بطن جائع خير من بناء ألف جامع"، وقد قسمت تدوينة يوسف رواد المواقع الاجتماعية بين مستنكر ومساند.
الغاء خطب الجمعة
تعيش تونس صعوبات كبيرة في مجالات عدة مهمة، منها قطاع الصحة العمومية الذي عرف تدهوراً كبيراً بسبب نقص الادوية والتجهيزات الأساسية في حين قدرت موازنة وزارة الشؤون الدينية لسنة 2019 بـ121.847 مليون دينار تونسي، أي نحو 40 مليون دولار. كلام يوسف سبقته دعوة أطلقها الكاتب يوسف الصديق إلى المحافظة على الإسلام المعتدل من خلال التخلّي عن وزارة الشؤون الدينية وإلغاء خطب الجمعة إلى حين توفير أئمة ذوي مستويات علمية محترمة، وفق رأيه.
وقال الصديق إن الإسلام اليوم في قبضة الدولة لا المواطن، وتستغله أطراف معينة لغايات "دنيئة"، وفق تعبيره. واعتبر أن لا بد من تسليم المساجد إلى وزارة الثقافة للاعتناء بها كمعالم، وعبّر عن أسفه من أن تكون المساجد تحت سيطرة مجموعة من المتشددين.
المحاسبة
تضع الأستاذة في معهد الصحافة سلوى الشرفي "الدعوة إلى الغاء وزارة الشؤون الدينية ضمن الإطار العام الذي تعيشه تونس، خصوصاً بعد حادثتَي المدرسة القرآنية ووفاة 15 رضيعاً". وتشرح "ربط المطالبون بالغاء وزارة الشؤون الدينية بين موازنتها وموازنتي وزارتي الصحة والتعليم"، وتعتقد الشرفي أن "ردة فعلهم عاطفية". لذلك لا ترى أن هذه التصريحات ستؤثر في القرار. وتقول "يجب عدم الغاء وزارة الشؤون الدينية"، إذ "لا بد من وجود مؤسسة عمومية تعتني بالشؤون الدينية".
وتحذّر الشرفي من تخلي الدولة عن دورها في الإشراف على المساجد وتأطير الشعائر الدينية. تقول "إذا حصل ذلك فإن الدواعش والمتشددين سيستولون عليها". وترى أن هذه الوزارة المسؤولة على المهمات الموكلة إليها يمكن أن تحاسبها الدولة إذا اخطأت.
ضرورة مراقبة الخطاب الديني
في السياق نفسه، يقول حكيم العمايري، رئيس ديوان وزارة الشؤون الدينية، إن وجود الوزارة ضروري لترسيخ الخطاب الوسطي المعتدل البعيد عن التطرف. يضيف أن كل المساجد تحت سيطرة الوزارة، وعدد الوعاظ الذين تُسند إليهم مهمات المراقبة نحو 400، وعدد الخطب أكثر من 5000 ومراقبتها ليست أمراً هيناً". ويكشف عن أن الوزارة تتلقى العديد من الشكاوى وأنها تقوم ببعض الاجراءات اللازمة بالتعاون مع وزارة الداخلية.
ويؤكد أن الوزارة لا تتدخل في الافتاء لأن الافتاء مؤسسة تابعة لرئاسة الحكومة، موضحاً أنه حتى الامام الخطيب ليس دوره الافتاء، وكل مخالف للضوابط التي رسمتها الوزارة يتعرض للتوقيف عن العمل.
ويلفت إلى أن الوزارة تعد ميثاقاً أخلاقياً للخطباء ودليلاً لهم بالتعاون مع مكونات من المجتمع المدني واختصاصيين قي الشأن الديني.
الجدير بالذكر أن الفصل 6 من الدستور التونسي يقر بأن الدولة راعية للدين، وكافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، وضامنة حياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي. وتلتزم الدولة نشر قيم الاعتدال والتسامح وحماية المقدّسات ومنع النيل منها، ومنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف.