ارتفع إقبال عدد من العائلات المغربية في السنوات الأخيرة على تشغيل خادمات من جنوب الصحراء، لكن بعض الخادمات اشتكين من تعرضهنّ للاستغلال وحرمانهنّ من حقوقهنّ، واحتجاز جواز سفرهنّ. "اندبندنت عربية" التقت بخادمات من جنوب الصحراء تحدثن عن تجاربهنّ في المغرب.
"كانت تستعبدني"
كريستينا مهاجرة من ساحل العاج تعيش في مدينة الرباط في المغرب، تبلغ من العمر 44 سنة، تصف تجربتها لدى مشغلتها بالصعبة، وتقول لـ "اندبندنت عربية"، "كنت أعمل في ظروف شاقة، أستيقظ في الصباح الباكر وأتناول وجبة الفطور، وبعدها أمضي اليوم بأسره في العمل من دون استراحة، ولا يسمح لي بالأكل، وعندما أطلب من مشغلتي الأكل كانت تصرخ، وتشتمني، كانت تستعبدني وتشغّلني ساعات طويلة"، وتضيف "كانت تحرمني من حقي في العطلة الأسبوعية والتواصل مع أقاربي، كانت معاملتها سيئة لي، وكنت بعد الانتهاء من تنظيف بيتها ترسلني إلى بيت والدتها لأنظفه أيضاً".
"تحرّش بي مشغّلي"
لا تختلف معاناة كريستينا عن معاناة كلير، وهي مهاجرة من ساحل العاج تعرّضت لتحرّش جنسيّ من طرف مشغّلها، وتحكي كلير البالغة من العمر 24 سنة، عن تجربتها في خدمة البيوت في المغرب لـ "اندبندنت عربية"، "تحرّش بي مشغّلي، كنت أشعر بالرعب عندما أراه في البيت"، وتضيف "هناك عائلات محترمة، اشتغلت لديها في ظروف جيدة، لكن توجد عائلات تحرمك من حقوقك".
حجز جواز السفر
في السنوات الأخيرة زاد إقبال العائلات الثرية في المغرب على الخادمات الأجنبيات، وتقول كلير في هذا السياق "بعض العائلات تحتجز جواز سفر الخادمة، وتطلب منها دفع جميع تكاليف استقدامها من بلدها الأصل إذا أرادت ترك العمل".
في المقابل، تشير أوى، البالغة من العمر 26 سنة، وهي مهاجرة من ساحل العاج، تعيش في الحيّ الحسني في مدينة الدار البيضاء، إلى أنه لم يسبق لها أن تعرضت للاستغلال خلال عملها في البيوت في المغرب، وتقول لـ "اندبندنت عربية"، "عملت لدى عائلات منحتني حقوقي، ولم يسبق لي أن تعرضت للاستغلال".
"عندما أخبرت أمه عن تحرّشه"
لم تستطع سابين (29 سنة)، وهي مهاجرة من ساحل العاج أن تتجاوز صدمة تعرضها للتحرش الجنسيّ من طرف ابن مشغلتها، وعملت لدى أسرة مغربية في مدينة طنجة شمال البلاد، تحكي بنبرة حزينة لـ "اندبندنت عربية"، "تحرّش بي ابن مشغّلتي، وعندما أخبرت أمه، طردتني من البيت وحرمتني من حقوقي، اتهمتني بأنني أكذب"، وتضيف "لا أستطيع العمل في البيوت مرة أخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المغرب بالنسبة إلى سابين بلد للعبور، "لا أرغب في البقاء في المغرب، أحاول أن أعبر إلى أوروبا، وأن أستقر هناك وأبدأ حياة جديدة"، وتمضي قائلة، "أضطر إلى التسوّل في الشوارع لأجل إعالة نفسي، الحياة هنا ليست سهلة لكن أنا أعيش على أمل أن أنجح في العبور إلى إسبانيا".
وعقب إبرام المغرب اتفاقات مع بروكسل ومدريد، انخفض عدد المهاجرين الواصلين بحراً إلى إسبانيا، ومنذ يناير (كانون الثاني) 2019 وصل 15 ألفاً و683 مهاجراً إلى إسبانيا بحراً، وتراجع بنسبة 45 في المئة عن عدد الواصلين في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2018، وفقاً لوزارة الداخلية الإسبانية.
القانون المغربي
يشار إلى أن البرلمان المغربي كان قد صادق عام 2016 على مشروع القانون المحدّد لشروط التشغيل والشغل المتعلقة بالعمال المنزليّين، ويلزم القانون "صاحب البيت بصفته المشغّل، بإنجاز تصريح للعامل، وضمان بعض الحقوق، من بينها الراحة الأسبوعية، والعطلة السنوية، وراحة خلال الأعياد الدينية والوطنية، ويمنح القانون حق التغيّب لأسباب عائلية وصحية".
أجور هزيلة
يقول رشيد محضار، متخصّص في الهجرة ورئيس جمعية "الصفا والتنمية"، "عدد كبير من المهاجرات من جنوب الصحراء اللواتي يعملن خادمات في البيوت، يتقاضين راتباً هزيلاً جداً، وهنّ مجبرات على العمل في ظروف صعبة، وأجورهنّ أقل بكثير من الخادمات المغربيات"، ويضيف لـ "اندبندنت عربية"، "تُحرم الخادمة من حقوقها، وتعمل ساعات طويلة، ومعظمهنّ يعملن من السابعة صباحاً إلى السابعة مساء، وأحياناً كثيرة يُحرمن من نصف مستحقاتهنّ"
"يعملن بلا حماية"
ويمضي المتخصّص في الهجرة قائلاً، "هناك حالات كثيرة لنساء استقبلتهنّ في الجمعية تعرضن لتحرش جنسيّ من طرف المشغّل، وليست لديهنّ وثائق إقامة في المغرب، وإذا رغبن في التبليغ عنه، يتخوفنّ من أن تُطالبهنّ الشرطة بوثائق الإقامة، لهذا لا يُبلّغن، ما يتسبّب لهنّ في الحرمان من حقوقهنّ"، ويضيف "يعملن بلا حماية، وأحياناً ترفض بعض العائلات تشغيلهنّ بسبب لون بشرتهنّ، أو أنهنّ لسن مسلمات".
"الاستقرار في المغرب"
ويشدّد محضار على أن "المهاجرة من جنوب الصحراء إذا وجدت فرصة عمل في المغرب، فلن تفكر في الهجرة إلى أوروبا على خلاف الرجال الذين لديهم هاجس كبير بالهجرة والمخاطرة بحياتهم"، ويُضيف، "بعض المهاجرات استقرّين في المغرب بعدما وجدنَ عملاً، وتخلّين عن رغبتهنّ في العبور إلى أوروبا".
وبحسب وزارة الداخلية المغربية، فقد سُوِّيت الوضعية الإدارية لحوالي 50 ألف مهاجر خلال المرحلتين الأولى والثانية من عملية التسوية، أي حوالي 85 في المئة من مجموع الطلبات المقدمة من طرف مهاجرين أجانب من 113 جنسية.