من الطاعون الأسود في منتصف القرن الرابع عشر، مروراً بالإنفلونزا الآسيوية وإنفلونزا هونغ كونغ في منتصف القرن الماضي، وصولاً إلى فيروسي سارس وإنفلونزا الطيور في القرن الحادي والعشرين، وحتى كورونا المستجد والطاعون الدبلي كأحدث صور الفيروسات "صينية المنشأ"، تزخر أراضي التنين الأصفر القارية بتاريخ طويل مع الأوبئة، كانت مسار "تهديد ورعب للبشرية بأسرها"، وفق التوثيق التأريخي لأعداد ضحاياها، لتتحول تدريجياً نظرة الكثيرين في العالم إلى ذلك البلد الآسيوي صاحب التعداد السكاني الأول عالميّاً على أنه "موطن للأوبئة والفيروسات".
ورغم تأكيد دراسات ودوريات علمية شهيرة، منها مجلة "ذا لانسيت"، أن "الطفرات في الفيروسات بشكل عام تتواكب تماماً مع التطور الإنساني"، وتكرار منظمة الصحة العالمية في أكثر من مناسبة أن "الفيروسات لا جنسية لها"، تلاحق الاتهامات بكين ونظامها "المنغلق"، وفق التوصيف السياسي لكثيرين، مع استمرار "كوفيد 19"، الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان بمقاطعة هوباي الصينية أواخر 2019، في حصد ضحاياه من دون توقف أو هوادة متجاوزاً بعداد إصاباته حاجز الـ12 مليوناً ونصف المليون، بينما تقترب حصيلة الوفيات من عتبة الـ600 ألف.
ومع ظهور ما يعرف بـ"بالطاعون الدملي" كأحدث الأوبئة "صينية المنشأ" في أوائل يوليو (تموز) الحالي، تحاول "اندبندنت عربية" حصر أبرز الأوبئة والفيروسات التي هددت البشرية على مدار التاريخ انطلاقاً من "المحطة الصينية"، التي كوفح بعضها وتمت مواجهته، وبعضها الآخر استعصى على الحد من انتشاره، ما جعله وباءً عالمياً.
"الطاعون الأسود" بداية الأوبئة "صينية المنشأ" الأكثر فتكاً
في العام 1331 كان العالم على موعد مع ظهور أول الأوبئة الفتاكة، وأكثرها شراسة منذ قرون، الذي عرف في ما بعد بـ"الطاعون الأسود"، والمصنّف وفق منظمة الصحة العالمية، كأحد أكثر الكوارث التي واجهت البشرية في القرن الرابع عشر، منذ انتشار "طاعون جستنيان" بين عامي 541 و542، في كل أنحاء الإمبراطورية البيزنطية في آسيا وأفريقيا وأوروبا بعد أن ظهر أولاً في مصر، وانتقل إلى القسطنطينية (إسطنبول حاليّاً) حيث كانت الإمبراطورية البيزنطية تحصل على حاجاتها من الحبوب من مصر، وأسفر عن سقوط ما بين 30 و50 مليون وفاة.
والطاعون الأسود، أو ما عرف لاحقاً باسم "الموت الأسود"، كان بدايات ظهوره الأولى في مقاطعة هوباي الصينية (وسط)، وانتقل المرض عام 1338 إلى منطقة بحيرة بايكال جنوبي سيبيريا، وفي 1345 انتقل إلى محيط نهر الفولغا (غرب روسيا والممتد إلى أوروبا).
وفق ما هو مكتوب في أرشيف منظمة الصحة العالمية على موقعها الإلكتروني، امتاز طاعون "الموت الأسود" بقدرته على الانتقال والانتشار، إذ انتقل سريعاً من الصين إلى الهند وآسيا الوسطى وعبر إلى أوروبا وشمال أفريقيا. وكان السبب الرئيس فيه نوعاً من البكتيريا سُميت "يرسينيا طاعونية" (توجد عادة لدى صغار الثدييات والبراغيث المعتمدة عليها) تعيش بالقوارض مثل الفئران، وتتكاثر بداخلها وتنمو، وتنتقل عدواها إلى الإنسان عن طريق البراغيث التي تلدغ الفأر ثم تلدغ الإنسان.
وتقول الوثائق المتاحة عن انتشار "الطاعون الأسود"، إنه في 1345 تفشى وسط الجنود بجيش المغول، الذي كان يحاصر مدينة كافا (فيودوسيا) في شبه جزيرة القرم وقتل منهم الآلاف، وفي شتاء 1347 انتقل عبر التجار الفارين من مدينة كافا إلى القسطنطينية (إسطنبول حاليّاً) ثم إلى الإسكندرية وقبرص وصقلية، ومنها إلى كل أرجاء أوروبا. وبحلول عام 1349 تمكّن الوباء من حصد أرواح الملايين في أوروبا (تشير التقديرات إلى وفاة نصف سكان أوروبا بسبب هذا الطاعون) والعالم.
وحاول الأطباء بعدة طرق علاج الوباء، مثل شفط الدم من الأماكن المصابة، وتغطية الجروح ببعض النباتات الطبية. إلا أن سرعة انتشار الوباء وفتكه بالبشر كانت أكبر بكثير. وحتى عام 1350 كان الموت الأسود قد حصد أرواح نحو نصف سكان أوروبا.
طاعون 1911
قبل سنوات قليلة من اندلاع الحرب العالمية الأولى في العام 1914، كان العالم على موعد مع تفشي نوع من "الطاعون المميت" في أرجاء الصين، عرف لاحقاً أنه مرتبط بالحيوانات البرية.
وتقول "سي إن إن"، إنه في العام 1911، تمكن الطاعون المميت من حصد أرواح أكثر من 63 ألف شخص، ما جعله واحداً من أكبر الأوبئة في تلك الحقبة، بعد الإنفلونزا الإسبانية (1918 - 1919) التي أودت بحياة نحو (50 إلى 100) مليون شخص.
ووسط تفشي الطاعون المميت في الصين، شددت السلطات حينها الإجراءات الصحية المتبعة، التي شملت عمليات الإغلاق، والحجر الصحي، وارتداء الأقنعة، وفرض قيود على السفر، إضافة إلى عمليات حرق جماعية للضحايا وإجراءات أخرى شديدة القسوة.
وبعدما جرت السيطرة على الوباء، عقدت الحكومة الصينية مؤتمراً دوليّاً في مدينة شنيانغ الشمالية، بالقرب من مركز تفشي الفيروس، كان الهدف من ورائه معرفة سبب تفشي الفيروس، وأفضل السبل فعّالية لاحتوائه في حال حدوث موجة ثانية.
وكان من الصعب تحديد التفشي الأوليّ للطاعون، لكن الأطباء الروس لاحظوه للمرة الأولى رسمياً في مانتشولي، مدينة منغولية داخلية على الحدود الصينية الروسية، إذ تُرك المتوفون في الشارع، وتحوّلت سيارات الشحن بالسكك الحديدية إلى أجنحة للحجر الصحي، التي سهّلت في حد ذاتها عملية انتشار الفيروس، وشملت الأعراض حمى يتبعها نفث الدم (سعال الدم). وظهرت حالات الطاعون الرئوي في محطات السكك الحديدية الرئيسية، أي في بلدية تيانغين الصينية، وعلى طول خط السكة الحديد إلى مدينة ووهان (بؤرة تفشي فيروس كورونا المستجد حاليّاً).
الإنفلونزا الآسيوية وإنفلونزا هونغ كونغ
انتشر وباء الإنفلونزا الآسيوية "صينية المنشأ" كذلك، على نطاق واسع في شتاء 1957 إلى ربيع 1958، على موجتين حادتين. وتسببت حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية في وفاة من مليون إلى 4 ملايين شخص بالعالم، وذلك قبل اكتشاف لقاح فعّال لعلاجه.
ويعد خبراء للصحة أن الإنفلونزا الآسيوية، كانت الموجة الثانية من الإنفلونزا الروسية التي ظهرت بين عامي "1889 - 1890"، وتسببت في وفاة نحو مليون شخص، نجمت عن حدوث تحور لدى البط البري، وامتزاج ذلك الفيروس مع نوع من الفيروسات الذي كان يصيب البشر، إذ اكتشف ميكروبه للمرة الأولى في "جيز هو" في الصين، وامتد إلى سنغافورة، ومنها لهونغ كونغ، ثم الولايات المتحدة.
ولم يمض سوى عشر سنوات على ظهور "الإنفلونزا الآسيوية"، حتى كان العالم على موعد مع فيروس آخر في هونغ كونغ عُرِف بـ"إنفلونزا هونغ كونغ"، ظهر في الفترة ما بين عامي (1968 - 1969)، وأدّى إلى وفاة مليون شخص حول العالم، وذلك بعد أن رصدت أول حالة مصابة به في هونغ كونغ في 13 يوليو (تموز) 1968، قبل أن تنتقل سريعاً في غضون أيام إلى فيتنام وسنغافورة.
ويعتبر علماء الأوبئة، أن إنفلونزا هونغ كونغ، أول وباء عالمي ينتشر على نطاق واسع في العصر الحديث عبر وسائل النقل الجوي.
"سارس" وبدايات فيروسات الألفية الجديدة
تقول منظمة الصحة العالمية، إن المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة "سارس"، التي ظهرت للمرة الأولى بمدينة فوشان بمقاطعة غوانغدونغ جنوبي الصين، هي علة تنفسية فيروسية، تسببها فيروسة مكللة تدعى الفيروسة المكلّلة المرتبطة بالسارس. وهو يعتبر أول وباء ناشئ في القرن الـ21، حيث جرى الإبلاغ عن السارس للمرة الأولى في آسيا فبراير (شباط) من عام 2003، وانتشر إلى أكثر من 24 بلداً في أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأوروبا وآسيا قبل أن يتم احتواؤه.
وحسب معهد "باستور" الفرنسي، فإن السارس، كان ظهوره الأول في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002 في مدينة فوشان، ثم انتقلت عدواه إلى مناطق أخرى من العالم في 2003. ويعتبر من الأوبئة الفتاكة للإنسان، إذ يصيب ضحاياه بصعوبة التنفس والتهاب حاد في الرئة.
وتوضح "الصحة العالمية" أن السارس ينتشر عن طريق التماس الوثيق بين شخص وآخر. ويعتقد أن الفيروس المسبب للسارس يسري بسهولة أكثر عن طريق القطيرات التنفسية، وتشمل أعراضه بشكل عام، الحمى الشديدة، والصداع، والشعور العام بعدم الراحة، والأوجاع الجسدية. كما أن بعض المرضى قد يصابون بأعراض تنفسية خفيفة في البداية. مشيرة إلى أن نحو 10 في المئة إلى 20 في المئة من المرضى يصابون بالإسهال. وبعد 2 إلى 7 أيام قد يصاب مرضى السارس بسعال جاف. ومعظمهم يصاب بالتهاب رئوي.
ووفق التقديرات الرسمية، فقد تسبب المرض في مقتل نحو 800 شخص (نحو 350 منهم في الصين) من أصل 8000 مصاب حسب ما أورده معهد "باستور"، وقد أثار هذا الفيروس موجة ذعر عالمية منذ ظهوره في 2002، وحتى اختفائه في يوليو (تموز) 2003.
فيروس إنفلونزا الطيور "إتش 5 إن 1"
وفق منظمة الصحة العالمية كذلك، يعد وباء إنفلونزا الطيور الذي ظهر للمرة الأولى في 1997، لكنه انتشر من جديد في 2003 بالصين، مرضاً فيروسياً معدياً يصيب الطيور (لا سيما المائية البرية مثل البط) ولا يتسبب، في غالب الأحيان، في ظهور أي علامات مرضية. ويمكن لفيروسات الإنفلونزا الانتقال، أحياناً، إلى الدواجن وإحداث فاشيات وخيمة على نطاق واسع. وتشير التقارير إلى أنّ بعضاً من تلك الفيروسات تمكن من اختراق الحواجز القائمة بين الأنواع وإحداث مرض أو عدوى غير مصحوبة بأعراض سريرية بين البشر أو الثدييات الأخرى.
وبينما ترجع التقارير الطبية، أن الانتقال الأول لفيروس إنفلونزا الطيور من الحيوان إلى الإنسان جرى في هونغ كونغ عام 1997، تشير أيضاً إلى أن الفيروس الذي أدى إلى وفاة ما يقارب 400 شخص حول العالم، فضلاً عن وفاة ملايين الدواجن، شكلت الدواجن المصابة به تهديداً كبيراً في آسيا بسبب انعدام شروط النظافة، وقرب أماكن تربية الدواجن من الأحياء السكنية. بينما أصابت المخاوف المترتبة عن هذا الوباء القارة الأوروبية ودولاً عربية التي كاد اقتصادها أن ينهار بسبب هذا الفيروس.
وبعد سنوات من اختفائه "مؤقتاً" عاد الفيروس مجدداً في العام 2013 للظهور، واجتاح مزارع دجاج بهونغ كونغ قبل انتقاله إلى البشر، ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى إعلان حالة طوارئ صحية عالمية.
"كوفيد 19" الزائر الخفي الجديد "ثقيل الظل"
يعيش العالم منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2019 على وقع جائحة هي الأشد والأكثر فتكاً في العصر الحديث، وفق توصيف منظمة الصحة العالمية، حيث حصد فيروس كورونا المعروف بـ"كوفيد 19"، حتى الآن أكثر من 12.5 مليون إصابة وتجاوزت حصيلة وفياته حاجز 550 ألفاً.
بدأت الجائحة في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2019 بعد أن ظهرت حالات التهاب رئوي متعددة في مدينة ووهان بمقاطعة هوباي الصينية، وهي المقاطعة نفسها التي خرج منها طاعون الموت الأسود في القرن الرابع عشر. وبعد نحو أسبوع أعلنت السلطات الصينية أن سبب تلك الأعراض هو فيروس جديد ينتمي إلى عائلة الفيروسات التاجية (كورونا).
وتسارع وتيرة تفشي الوباء وانتقاله عالمياً، وأجْلت معظم الدول رعاياها من أماكن انتشار الفيروس، خصوصاً مدينة ووهان التي فرضت السلطات الصينية عليها حظراً تاماً. وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ على نطاق دولي لمواجهة تفشي الفيروس، ما تسبب في حالة ذعر سادت العالم أجمع.
وفيما لا تزال رحلة البحث عن لقاح أو علاج لكورونا لم تصل محطتها النهائية بعد، لا يزال العالم يحصي الخسائر والتداعيات لتلك الجائحة، ولا يزال غموض المستقبل يصيب مليارات البشر بحالة من عدم اليقين، كما يقول الاقتصاديون، إثر تطورات الأوضاع يوماً بعد يوم، إذ قبع أكثر من ثلثي سكّان الأرض في "حجر صحي إجباري"، كان الأكبر في التاريخ حسب تقديرات المعنيين، وما لبثوا أن بدؤوا يتحررون من قبضة الوباء على مهل، خشية "ارتداد موجة ثانية"، كررت منظمة الصحة العالمية تحذيراتها بأنها قد "تكون الأسوأ".
وبعد نحو ستة أشهر من بدايات وصفها عالم المستقبليات البارز والمدير التنفيذي لمؤسسة دافنشي توماس فريي، أنها "تبدو وكأننا ضغطنا على زر ضخم لإعادة تشغيل الإنسانية كلها، لكن هذه الحالة مدفوعة بشكل كبير بالخوف والذعر"، يتحسس العالم أنظمته الصحية والطبية، "متراخياً حيناً ومتشدداً أحياناً أخرى"، لاستقبال ذلك "العدو المجهول الذي يفتك بالبشرية"، حسب ما أعلن عدد من زعماء الدول في وقت لاحق لذلك التاريخ.
ووفق الترتيب الزمني لتطور الأحداث، كما يُظهر موقع منظمة الصحة العالمية، كانت أولى حالات الوفاة في العالم جراء الوباء قد سجّلت بالصين في الحادي عشر من يناير (كانون الثاني)، وذلك قبل يومين من تسجيل أولى الإصابات خارج الصين الكبرى في تايلاند في الثالث عشر من الشهر ذاته، تبعها بساعات إعلان أولى الإصابات في اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، بينما كانت أولى الإصابات على المستوى الأوروبي قد سجّلتها فرنسا في الـ24 من يناير، حتى تجاوز عدد الوفيات في أحدث الإحصاءات الرسمية 550 ألف وفاة عالمياً.
وعلى وقع الخسائر الاقتصادية "غير المسبوقة"، التي قال بشأنها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في دراسة تحليلية، إن الصدمة التي تتسبب بها كورونا ستؤدي إلى ركود في بعض الدول، وستخفّض النمو السنوي العالمي إلى أقل من اثنين في المئة، ما قد يكلف نحو تريليون دولار، ودخول الاقتصاد العالمي عتبة الركود، بدأت دول العالم التحرر تدريجياً من قيود الوباء المشددة التي كانت قد فرضتها على المواطنين لنحو 3 أشهر، مقرة "مرحلة التعايش مع كورونا".
الطاعون الدبلي شبح آخر يواجه البشرية
لم يكن يهدأ بعد العالم من صدمة كورونا، حتى أعلنت السلطات الصينية في الأول من يوليو (تموز) الحالي، ظهور وباء جديد وهو الطاعون الدبلي أو الدملي، ذلك المرض الحيواني المنشأ والمنتشر بين القوارض كالفئران والبراغيث.
وبعد تأكيد السلطات الصينية، أن هذا المرض الجديد يتسبب في وفاة ثلثي المصابين به في حال عدم تلقيهم علاجاً فعالاً، رفعت مستوى التأهب إلى الدرجة الثالثة بسبب تفشي الطاعون الدبلي في منطقة منغوليا الداخلية في الشمال، وحذرت من تحول المرض إلى وباء جديد. وتمّ التأكد من إصابة شخص في مدينة بيان نور بمنغوليا بالعدوى بعد وجوده في بؤرة تفش محتملة للمرض.
ووفق السلطات الصحية الصينية، يمكن للطاعون الدبلي الانتشار عن طريق تنقل الفئران والبراغيث، وطالبت السكّان بتحسين وعيهم، والإبلاغ عن أي حالة صحية غير طبيعية على الفور.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن هناك ثلاثة أنواع لمرض الطاعون، وهي الطاعون الدبلي، الذي يتسبب في التهاب اللوزتين والغدد والطحال، وتظهر أعراضه على شكل حمى وصداع ورعشة وآلام في العقد اللمفاوية، والطاعون الدموي، الذي يتميز بتكاثر الجراثيم على مستوى الدم، ما يُسبب حمى ورعشة ونزفاً في جسم المصاب، والطاعون الرئوي الذي يتسبب في دخول الجراثيم إلى الرئتين، ما يؤدي إلى الإصابة بالالتهاب الرئوي.
يشير خبراء الصحة إلى أن أعراض الطاعون الدبلي تظهر غالباً على مستوى الرقبة أو الإبطين والفخذ. وينتشر الطاعون الدبلي عادة خلال فصل الصيف، وقد يظهر أحياناً في فصل الخريف.
وتتمثل أعراض الطاعون في الحمى والرعشة وآلام العقد اللمفاوية والتهاباتها، أو ضيق النفس المصحوب بالسعال أو البلغم الملوث بالدم، ويتوجب على الأشخاص الذين يحملون هذه الأعراض الذهاب إلى أقرب مستشفى لتقييم وضعهم الصحي.
وحسب منظمة الصحة العالمية، فالطاعون الدبلي هو الأكثر شيوعاً بين أشكال الطاعون، إلا أنه لا يمكن أن ينتقل بسهولة بين الناس، في حين ينتقل الطاعون الرئوي بين الناس عبر الرذاذ أو من خلال السعال.
لماذا الصين موطن الأوبئة؟
وفق صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، فإن الصين وجيرانها يشكلون المهد التاريخي للأوبئة التي ميزت تاريخ العالم منذ العصور القديمة، مرجعة الأمر إلى التعداد السكاني الأكبر في العالم (يقترب تعداد سكان الصين حاليّاً من 1.5 مليار نسمة)، فضلاً عن انتشار عدد من التفاعلات غير الآمنة بين الحيوانات والإنسان في الصين، لا سيما الطعام، وتسبب هذه الحالة انتشار معظم الفيروسات التي تحملها الحيوانات، ومن ثمّ تنقلها إلى البشر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحسب ما نقلت دورية "لايف مينت" الهندية عن شوبرها برور، المتخصص في علم الفيروسات فإنه "في الصين هناك الكثير من أسواق الحيوانات الحية، التي يرتادها الكثير من الناس، وتفتقر لمقومات السلامة الصحية في التعامل مع الحيوانات بطريقة إعدامها أو حفظها، ما يسهم بانتشار العدوى فور ظهورها"، مدللاً في ذلك، على ربط ظهور السارس في عام 2003 بسوق الحيوانات في الصين، وإنفلونزا الطيور التي انتشرت في الصين في عام 2013، كان انتشارها مرتبطاً بسوق الطيور الحية، وكذلك فيروس كورونا الأخير.
ويتابع، "أسواق الحيوانات الحية بالصين يرتادها الكثير من الناس، هذه الأماكن هي مرتع للعدوى، لذلك إذا أصيب شخص واحد بفيروس ما فسوف ينقله إلى كل من يوجد حوله".
وتعتمد انتشار الأوبئة والفيروسات، وفق منظمة الصحة العالمية، على مجموعة من العوامل من بينها قوة المرض ومدى انتقاله بين البشر، وكذلك الكثافة السكانية المرتفعة. ويعتبر مراقبون أن ضعف ثقافة الوقاية في الصين يسهم بانتشار هذه الأوبئة.
من جانبها، ووفق هيئة الإذاعة البريطانية، تكمن سرعة انتشار الأوبئة والفيروسات في الكثافة السكانية التي يشهدها العالم أكثر من أي وقت مضى (يقدر تعداد سكان العالم بنحو 7.7 مليار نسمة)، مشيرة إلى أنه كلما زاد عدد الأشخاص في مساحات صغيرة، ارتفع خطر التعرض لمسببات الأمراض التي تسبب المرض، وهذا ما ينطبق على الحالة الصينية.
وتوضح الهيئة البريطانية، أنه منذ عام 2007، انتقل المزيد من الناس للعيش في المدن، حيث يعيش الآن أكثر من أربعة مليارات شخص على واحد في المئة فقط من مساحة كوكب الأرض. مشيرة إلى أن العديد من المدن التي ينتقل إلها السكان ليست آهلة للسكن. فينتهي الأمر بالكثيرين في العيش بمناطق عشوائية فقيرة، تفتقر إلى خدمات الصرف الصحي والمياه النظيفة، لذلك، ينتشر المرض بسرعة. معتبرة أنه في الصين، تعد أسواق الحيوانات الحية واللحوم شائعة في المناطق المكتظة بالسكان. ويمكن لهذا أن يفسر سبب نشوء اثنين من أحدث الأوبئة هناك.
وتتابع، "بوجود وسائل النقل كالطائرات والقطارات والسيارات، يمكن للفيروس أن ينتقل إلى جميع بلدان العالم في أقل من يوم واحد". وفي حالة كورونا اشتبه بانتشار الفيروس في أكثر من 16 دولة في العالم في غضون الأسابيع الأولى للإعلان عنه.