ملخص
حذرت لجنة الاستقرار المالي من أن الأخطار العالمية المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية ما زالت تشكل تهديداً جوهرياً
حذر بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) من أن الحرب التجارية الوشيكة وعدم الاستقرار الجيوسياسي المتزايد وأعباء الديون الحكومية المتزايدة أدت إلى زيادة الأخطار التي يواجهها النظام المالي.
وحذر مسؤولون في لجنة السياسة المالية بالبنك الخميس الماضي من أن بريطانيا معرضة خصوصاً للتهديدات المتزايدة لأن البلاد لديها "اقتصاد مفتوح مع قطاع مالي كبير".
وقال محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي "إننا نعيش في عالم، أخشى أن يكون أكثر غموضاً على عدد من الجبهات... نحن نراقب وسنستمر في مراقبة هذه الأخطار بعناية شديدة".
وتتزايد المخاوف من انزلاق العالم نحو انقسامات أعمق مع تصاعد الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، في وقت يهدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض موجة من التعريفات الجمركية على الواردات من دول تشمل الصين والمكسيك وكندا.
وفي الوقت ذاته، يتزايد القلق من نقاط الضعف الاقتصادية الناجمة عن المستويات المرتفعة من الاقتراض الحكومي في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة.
وتسلط التوترات السياسية والاقتصادية المتزامنة الضوء على هشاشة النظام العالمي في مواجهة تحديات متعددة، بدءاً من النزاعات المسلحة وحتى القرارات الاقتصادية التي قد تعيد تشكيل العلاقات التجارية العالمية.
التحذير من أخطار جيوسياسية ومالية متزايدة
وحذرت لجنة الاستقرار المالي في تقريرها نصف السنوي من أن الأخطار العالمية المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية والانقسامات العالمية والضغوط على مستويات الدين السيادي، ما زالت تشكل تهديداً جوهرياً. وقالت اللجنة في التقرير الذي يقيم التهديدات التي تواجه النظام المالي البريطاني "زادت حالة عدم اليقين والأخطار المرتبطة بالآفاق المستقبلية."
وأعرب المنظمون وفقاً لـ"التايمز" عن قلقهم من التهديدات التي تتجاوز حدود الصناعة المصرفية التقليدية.
ومنذ الأزمة المالية خلال عام 2008، أدت متطلبات رأس المال الصارمة المفروضة على البنوك إلى دفع بعض الأنشطة بعيداً من المقرضين التقليديين، مما أسهم في نمو ما يعرف بقطاع "البنوك الموازية"، الذي يشمل شركات الاستثمار الخاص وصناديق التحوط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعد هذا القطاع أكثر غموضاً وأقل تنظيماً مقارنة بالبنوك التقليدية، وكان محوراً لعدة أزمات سوقية خلال الأعوام الأخيرة، ومن بين هذه الأزمات انهيار صناديق المعاشات الذي أعقب فضيحة الموازنة المصغرة خلال عام 2022، وانهيار مكتب الاستثمار العائلي "أركيغوس" خلال وقت سابق من العام نفسه.
ودفعت المخاوف من أزمات مالية جديدة بنك إنجلترا إلى إجراء اختبار تحمل للنظام المالي البريطاني بصورة شاملة، وهو أول تمرين من نوعه على مستوى العالم.
وشمل الاختبار مجموعة واسعة من اللاعبين في السوق، من صناديق التحوط وصناديق التقاعد إلى البنوك وشركات التأمين، إذ جرت محاكاة صدمة شديدة للنظام المالي.
وأظهرت النتائج التي نشرت الخميس الماضي أن الشركات قد تكون "غير مستعدة بما يكفي لمواجهة ضغوط حقيقية".
ويسلط هذا التمرين الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز المرونة في جميع القطاعات المالية وسط التحديات المتزايدة التي تهدد الاستقرار الاقتصادي.
نقاط ضعف في أسواق السندات
وكشف اختبار التحمل الذي أجراه بنك إنجلترا عن هشاشة محتملة في سوق السندات للشركات المقومة بالجنيه الاسترليني، وهي مصدر تمويل رئيس للشركات البريطانية. وأشار التقرير إلى أن السوق "قد تواجه قفزة مفاجئة نحو نقص السيولة أثناء الأزمات، إذ تتجاوز وتيرة ضغوط البيع قدرة الشراء بصورة كبيرة، مما يؤدي إلى تراجع سريع في الأسعار لتحقيق التوازن في السوق".
وأظهر الاختبار وجود "اختلال كبير في التوقعات" في سوق إعادة الشراء للسندات الحكومية البريطانية (Gilt Repo Market) أثناء الأزمات، مما يعكس تحديات تنظيمية وأخطاراً محتملة في أوقات الاضطراب.
وعلى صعيد آخر، حذر البنك من الأخطار التي يمكن أن تشكلها الملكية الخاصة لشركات التأمين على الحياة، إذ يمكن أن يؤدي هيكل الملكية هذا إلى مشكلات تتعلق بالسيولة والاستقرار.
القطاع المصرفي يتلقى تقييماً إيجابياً
في المقابل، حصلت البنوك البريطانية الكبرى على تقييم إيجابي بعد نتائج اختبار التحمل السنوي، الذي أجراه البنك المركزي البريطاني والتي أظهرت أن البنوك تمتلك احتياطات رأسمالية كافية لتحمل صدمة اقتصادية.
ومنذ الأزمة المالية لعام 2008 أصبحت اختبارات التحمل أداة سنوية أساس لضمان مرونة البنوك، ومع ذلك أعلن بنك إنجلترا أن هذه الاختبارات ستجرى كل عامين بدءاً من الآن، مع تنفيذ تقييمات تكميلية خلال الأعوام الفاصلة.