قال مصدر حكومي كويتي إن تحويل بعض الأصول من صندوق الاحتياطي العام للدولة إلى احتياطي الأجيال القادمة هو أحد الحلول المطروحة التي قد تلجأ إليها حكومة بلاده لتمويل عجز الميزانية العامة.
وتعاني الكويت في السنة المالية الحالية أزمة حادة في تمويل عجزها المالي الذي قد يتفاقم بسبب الهبوط الكبير لأسعار النفط والتكاليف المالية الإضافية التي تكبدتها الحكومة بسبب أزمة كورونا.
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لرويترز إن "هذا الشيء لم يتم بعد، لكنه أحد الحلول المطروحة. الأمر تم عرضه باللجان الحكومية، وتمت مناقشته وهو واحد من الحلول".
وقال إن هذا الحل هو أقرب للتحقق "ويمكن أن يتم سريعاً" لأنه يحتاج فقط إلى خطوات إجرائية حتى يتم تنفيذه عن طريق الهيئة العامة للاستثمار، ولا يحتاج موافقة البرلمان، مبيناً أن الجهات الحكومية تنظر حالياً في هذه الإجراءات.
ونتيجة للسحب المستمر من صندوق الاحتياطي العام الذي يمثل الملاذ الأقرب للحكومة، فقد تم استنزاف جزء كبير من سيولته لكن لدى الصندوق أصولاً غير سائلة تتخوف الأوساط الحكومية من بيعها في الوقت الحالي بسبب ضعف الأسواق.
وقالت صفاء الهاشم، رئيسة اللجنة الاقتصادية والمالية البرلمانية، إن صندوق الاحتياطي العام تم استنفاده ولم يتبق منه سوى 1.1 مليار دينار (3.58 مليار دولار). أما صندوق الأجيال القادمة فيمثل الصندوق السيادي للدولة ويتم من خلاله استثمار مئات مليارات الدولارات لصالح الأجيال القادمة في مرحلة ما بعد النفط، ولم يتم اللجوء إليه إلا مرة واحدة بسبب الغزو العراقي للكويت أوائل التسعينيات.
نقل أصول من صندوق الاحتياطي العام
وتستقطع الكويت حالياً بحكم القانون ما لا يقل عن 10 في المئة سنوياً من إيراداتها لصالح احتياطي الأجيال القادمة، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار. وقالت صحف كويتية، الأحد، إن الحكومة وافقت على نقل ملكية أصول من صندوق الاحتياطي العام إلى صندوق الأجيال بقيمة ملياري دينار (6.58 مليار دولار).
لكن المصدر أشار وفقاً لوكالة "رويترز"، إلى أن قيمة الأصول التي يمكن أن يتم تحويلها ستعتمد على نوعيتها، مبيناً ضرورة التأكد من أن هذه الأصول "مسعرة وفيها عوائد". وقال إن "بعض الأصول قد لا يفيد تحويلها إلى احتياطي الأجيال القادمة. بعض الأصول تكون غير مسعرة أو قد يكون الخروج منها مستحيلاً أو لها طبيعة سياسية مثلاً".
كان مصدر حكومي قال في يونيو (حزيران) الماضي، إن الحكومة الكويتية تعتزم إرسال مشروع قانون إلى البرلمان لوقف استقطاع حصة صندوق الأجيال القادمة من إجمالي الإيرادات الفعلية للموازنة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في سياق متصل، قالت رئيسة اللجنة المالية والاقتصادية ببرلمان الكويت، صفاء الهاشم، إن الحكومة طلبت السماح لها باقتراض 20 مليار دينار (65 مليار دولار) على مدى 30 عاماً، منها ثمانية مليارات لتمويل عجز الميزانية الحالية. وجاءت تصريحات النائبة بعد اجتماع مع مسؤولين حكوميين من وزارة المالية والهيئة العامة للاستثمار.
وقالت في البرلمان، "تطلبون 20 مليار دينار (65 مليار دولار) لـ30 عاماً مقبلة، ثمانية مليارات من أصل 20 لتسديد عجز الميزانية الحالي"، موجهة كلامها لرئيس الوزراء الذي لم يكن حاضراً.
وترزح ميزانية الكويت تحت ضغط مزدوج من هبوط أسعار النفط العالمية وتداعيات أزمة فيروس كورونا على الاقتصاد. ويعارض النواب، الذين يستعدون لانتخابات برلمانية خلال أشهر قليلة، رغبة الحكومة في الاقتراض من الخارج لتمويل عجز الميزانية، حيث لا يلقى الاقتراض الحكومي قبولاً شعبياً في الدولة الغنية بالنفط.
عجز الميزانية يرتفع 40 في المئة
وتواجه الكويت أزمة في ميزانية العام الحالي التي تأثرت بشدة من تداعيات كورونا، حيث إنه من المتوقع أن تشهد الميزانية عجزاً يصل إلى 40 في المئة، في ظل استغلال الاحتياطي العام للدولة بشكل ينبئ بنفاد أصوله السائلة مع نهاية العام المالي أو بحلوب أبريل (نيسان) من عام 2021.
ودفعت هذه المؤشرات الحكومة الكويتية إلى استعراض الحلول التي يمكن الاعتماد عليها لتمويل هذا العجز، مستبعدة خيار الاقتراض تفادياً لمواجهتها بالبرلمان. وظهر صندوق أجيال المستقبل، أكبر رابع صندوق سيادي على مستوى العالم وأقدمها، كأحد الخيارات المطروحة للاعتماد عليه في الخروج من الأزمة. ويهدف صندوق أجيال المستقبل لتأمين رفاهية الأجيال القادمة من الكويتيين، في ظل توقعاتهم بعدم الاعتماد على النفط في المستقبل.
كما يأتي إيقاف التحويل السنوي الإلزامي بنسبة 10 في المئة من إجمالي الإيرادات في السنوات التي تعاني فيها الحكومة عجزاً، ضمن أحد الإجراءات التي تتم مناقشتها، وقد يسمح تعديل القانون الحالي أيضاً بتحويل ما يصل إلى 25 في المئة في سنوات الفائض، كما ناقشت الحكومة خيار الحصول على قرض من الصندوق الاستئماني العام، يتم سداده، أو شراء الصندوق 2.2 مليار دينار (7.2 مليار دولار) من الأصول المملوكة للخزانة، من أجل تعزيز السيولة.
محاولات لترشيد الإنفاق العام
وحاولت الحكومة الكويتية خلال السنوات الماضية، الحد من الإسراف والتوسع في الإنفاق العام، ولكن مع انتشار الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الوباء وانخفاض أسعار النفط عبر الخليج، ومع ذلك قامت الكويت بأحد أصغر التعديلات المالية بين جيرانها، وقد طُلب من الوزارات تخفيض ميزانياتها للسنة المالية الحالية بنسبة 20 في المئة على الأقل.
وحتى عندما تتخذ الحكومة قرارات، مثل تقديم الدعم لمخصصات القطاع الخاص، لم يتم تطبيق معظمها حتى الآن، في هذه الأثناء، تفلس الشركات ولا يوجد قانون جديد يحكم علاقة أصحاب العمل بالعمال، الذين ما زالوا لا يمكن تحملهم، فالدولة تستدعي المستحقات وتتبرع بالنقود حيثما تستطيع.
وفي أبريل الماضي، طلبت وزارة المالية من مؤسسة البترول الكويتية المملوكة للدولة تحويل 7 مليارات دينار (23.03 مليار دولار) من الأرباح المستحقة للخزينة، كما طلبت لجنة المالية في البرلمان الشهر الماضي من الهيئة العامة للاستثمار رأيها بشأن وقف دفع 10 في المئة، بالإضافة إلى تحويل الأرباح السنوية لمؤسسة الخليج للتأمين إلى احتياطيات عامة.
ووفق وكالة بلومبيرغ، يقاوم المشرعون جهود الحكومة للاقتراض، قائلين، يجب أن تتوقف عن سوء إدارة المالية العامة قبل الخروج إلى الأسواق مرة أخرى، وذلك في ظل امتلاك الكويت واحدة من أعلى التصنيفات الائتمانية في الشرق الأوسط. كما يرفض المشرعون محاولات خفض رواتب وإعانات المواطنين، التي تمثل أكثر من 70 في المئة من الإنفاق، في حين أن الحكومة ستحتاج إلى تفويض تشريعي لتمكينها من بيع الديون.