أعلنت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية، صباح الخميس 21 مارس (آذار) الحالي، أن مصر حققت تقدما في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، ما يرفع تصنيفها إلى (B+) مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وأوضحت الوكالة أن الاقتصاد المصري شهد تحسنا في استقرار الاقتصاد الكلي وضبط الموازنة، مشيرة إلى أن الإصلاحات ستواصل تحقيق نتائج اقتصادية أفضل فيما بعد اتفاق صندوق النقد الدولي.
وذكرت الوكالة أن الحوكمة الضعيفة نسبيا والمخاطر الأمنية والسياسية تواصل الضغط على التصنيف، فيما ترى أن هناك التزاما سياسيا بمزيد من ضبط الموازنة في مصر.
التصنيف الائتماني مؤشر يقيس درجة المخاطرة، ومدى إمكانية الدولة أو الشخص أو الشركة على سداد القروض والالتزام بالعقود، كما يقيس درجة سداد الدولة لهذه الديون، ومدى استطاعتها السداد بدرجة صغيرة أو كبيرة، وزمنيا يتم قياسه على مدى قصير الأجل، وهو ما يحدد قدرة الدولة أو الشركة أو الأفراد على سداد القروض المستحقة خلال سنة واحدة فقط من تاريخ صدور التصنيف، أو مدى طويل الأجل لقياس تلك القدرات على فترات زمنية أكثر من عام ولمدد أطول للسداد.
ثلاث مؤسسات عالمية للتصنيف الائتماني هي الأبرز دوليا، وهم مؤسسة "ستاندرد آند بورز"، ومؤسسة "فيتش"، ومؤسسة "موديز".
الحكومة المصرية ترحب بقرار "فيتش"
رحب وزير المالية المصري، الدكتور محمد معيط، بتقرير مؤسسة "فيتش"، مؤكدا في بيان صحفي أعقب التقرير أن تقييم المؤسسة الدولية يمثل المراجعة الإيجابية الخامسة لمؤسسات التصنيف الائتماني الثلاث منذ مضي الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري عام 2016.
وأكد معيط أن التصنيف الجديد يعكس مدى إدراك المؤسسات الدولية التزام الحكومة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وما تبذله الدولة من جهود لاستدامة الأداء غير المسبوق والإيجابي للمؤشرات الاقتصادية.
واعتبر وزير المالية رفع "فيتش" التصنيف الائتماني لمصر من B إلى B+ مع "نظرة مستقبلية مستقرة" شهادة ثقة جديدة من أهم مؤسسة عالمية على نجاح جهود الحكومة في تنفيذ برنامجها الشامل للإصلاح الاقتصادي، وهو ما سيسهم في زيادة درجة الثقة في قدرات الاقتصاد المصري، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وخفض تكلفة التمويل للحكومة وللقطاع الخاص.
وأرجع معيط هذا النجاح إلى الدعم القوي المستمر من القيادة السياسية لبرنامج الإصلاح الوطني الشامل الذي تتبناه الحكومة المصرية على المدى المتوسط.
الحكومة المصرية تنفذ برنامجا للإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي منذ عام 2016، تنتهي فترة البرنامج في شهر يونيو (حزيران) 2019.
وتوقع وزير المالية المصري خفض نسبة العجز الكلي للناتج المحلي إلى 8.4% للعام المالي الحالي 2018- 2019 واستمرار تحقيق فائض أوليّ 2% منسوبا إلى الناتج المحلي الإجمالي.
تحديات رغم انحسار موجة التضخم
قال أحمد كجوك، نائب وزير المالية، لـ"اندبندنت عربية"، إن تقرير "فيتش" أشاد بانحسار موجة التضخم بعد أن وصلت معدلات التضخم السنوية إلى أعلى مستوياتها في يوليو (تموز) 2017، حيث وصلت إلى 30%، لتنخفض إلى 14.4% في فبراير (شباط) 2019.
وأضاف كجوك أن الفترة الماضية شهدت تحسن أداء القطاع الخارجي وانخفض عجز الميزان الجاري إلى 2.5% كنسبة إلى الناتج المحلي في 2018 مقابل 3.5% في 2017.
وأرجع كجوك تحسن المؤشرات إلى ارتفاع الصادرات غير البترولية والنمو الملحوظ في إيرادات قطاع السياحة وزيادة الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، بخاصة من حقل "ظهر"، مما يؤكد قدرة مصر على التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة.
وأشار كجوك إلى أن تقرير مؤسسة فيتش أوضح وجود بعض التحديات أمام الاقتصاد المصري تتطلب التعامل معها بجدية، وعلى رأسها ضرورة استمرار تنفيذ الإصلاحات المستهدفة لضبط المالية العامة وخفض مؤشرات الدين العام، والحفاظ على مستويات مرتفعة ومطمئنة من احتياطي النقد الأجنبي، وتجنب حدوث تطورات تحدّ من وتيرة التعافي الاقتصادي.
خبراء يرحبون ويطالبون بمزيد من الإصلاح
ووصف خبراء اقتصاد تقرير "فيتش" بالخطوة الإيجابية، ولكن طالبوا في نفس الوقت بتسريع وتيرة الخطوات الإيجابية والجهود اللازمة وإجراءات الإصلاح الاقتصادي الشامل، ورفع التصنيف 5 درجات على الأقل، ليصل إلى "BBB+"، وهو التصنيف الجاذب للاستثمار.
الدكتور فخري الفقي، المساعد الأسبق للمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، أكد لـ"اندبندنت عربية" أن المجتمع الدولي والمؤسسات المالية العالمية ينظر بإيجابية للاقتصاد المصري، حيث نجح في لفت الانتباه نتيجة الإصرار المستمر من القيادة السياسية على تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي وإجراء مزيد من الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد.
وأضاف الفقي أن تقرير فيتش ورفع التصنيف الائتماني لمصر إلى B+ خبر جيد وسار، مستدركا "يجب أن نبني عليه لاستعادة تصنيفنا الائتماني فيما قبل 2011".
وقال هاني توفيق، مؤسس الجمعية المصرية للأوراق المالية، لـ"اندبندنت عربية"، إن "قرار مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني برفع التصنيف الائتماني لمصر إلى B+ مع (نظرة مستقبلية مستقرة) مقابل التصنيف السابق B، يعد خطوة إيجابية، وأن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يمضي في الاتجاه السليم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف توفيق "يجب أن لا نغفل أننا ما زلنا متأخرين في التصنيف، وما يزال أمامنا 5 درجات للوصول إلى تصنيف (ترابيل بي موجب BBB+)، وهو التصنيف الجاذب للاستثمار، ونحن الآن على مؤشر التصنيف، أصبحنا في الحد الأدنى جذبًا للاستثمار، هو تقدم بالفعل لا يمكن إغفاله مقارنة بالوضع السابق، ولكنه تقدم بسيط وخطوة واحدة للأمام، وما يزال أمامنا كثير من العمل في هذا الاتجاه".
فيما أكدت الخبيرة الاقتصادية شيرين الشوار، أن "مؤسسة فيتش تعد من أهم مؤسسات التصنيف الاقتصادية على مستوى العالم، ورفع التصنيف درجة واحدة يعد خطوة إيجابية لصالح الوضع المصري، مما سيسهم في تحسين وضع الإجراءات الاقتصادية التي من المفترض أن يتم تحقيقها في القريب العاجل، ومن أهمها السياسات المتعلقة بالإنتاج والصناعة، وإعادة النظر في استراتيجية الدين العام، وتقليل الاستيراد وزيادة التصدير، كل تلك الأمور ستسهم في تغيير الوضع الاقتصادي في مصر".
ما فائدة تقارير التصنيف الائتماني؟
تهدف تقارير التصنيف الائتماني التي تصدرها المؤسسات العالمية الثلاث الأبرز في العالم إلى إرشاد المستثمر إلى نسبة العائد على الأموال التي سيستثمرها في صورة قروض، فكلما كانت نسبة المخاطرة في زيادة كلما يطالب أي مستثمر أن تكون الفوائد أكبر، لأن زيادة نسبة المخاطرة تعني أن الدولة لا تستطيع الوفاء بديونها، وعلى العكس، كلما كانت نسبة المخاطرة في انخفاض كلما ارتاح المستثمر وطلب فوائد أقل.
درجات التصنيف الائتماني:
التصنيف الائتماني يختلف من مؤسسة إلى أخرى، فعلى سبيل المثال، نرى أن مؤسسة "ستاندرد آند بورز" المستوى الأول وأعلى درجة تصنيف عندها هي "AAA"، وهذا يعني أن المؤسسة المالية تقول إن مخاطر منح القرض شبه منعدمة، وبالتالي الفوائد على القرض ستكون منخفضة جداً، ثم يأتي بعد ذلك درجة AA+ ثم AA ثم A+ ثم A ثم A-
المستوى الثاني يبدأ بـBBB+ ثم BBB ثم BBB- ثم BB+ ثم BB ثم BB- ثم B+ ثم B وأخيراً B-
المستوى الثالث CCC+ ثم CCC ثم CCC- ثم CC ثم C. الدرجتان الأولى والثانية تعنيان أن درجة المخاطرة شديدة الارتفاع، أما ابتداء من CCC- فتعني أن المخاطرة حتمية واحتمال قدرة المقترض على سداد الديون ضعيفة جداً.
أما المستوى الرابع D هو مستوى الإفلاس واستحالة قدرة المقترض على سداد الديون.
ماذا تغير منذ 4 سنوات؟
التصنيف الائتماني لمصر طبقا لتقارير المؤسسات الثلاث شهد تحسنا في عام 2018 مقارنة بعام 2014، لتصبح مصر في موقف ائتماني أقوى بعد أن كانت في موقف ضعيف في عام 2014.
ووفقا لتقرير صادر في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري يوضح تطور موقف التصنيف الائتماني لمصر خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وجاء تقرير مجلس الوزراء أنه بحسب تقييم وكالة فيتش، فإن التصنيف الائتماني لمصر استقر عند درجة "B" خلال السنوات الأربع الأخيرة (2015-2018)، بعد أن كان "-B" في عام 2014، حيث أصبحت النظرة المستقبلية لمصر إيجابية، بينما استقر تقييم وكالة موديز لمصر خلال آخر 4 سنوات عند "B3" بعد رفعه من "CAA1" في عام 2014، ومع نظرة مستقبلية إيجابية في آخر تصنيف خلال 2018، في حين رفعت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيف مصر في 2018 للمرة الثانية خلال آخر 4 سنوات إلى الدرجة "B" مع نظرة مستقبلية مستقرة، بعد أن كان "-B" في الأعوام الثلاثة السابقة مرتفعة من "+CCC" في 2014.
التصنيف الائتماني للدولة المصرية، حسب وكالة "موديز"، جاء B3 إيجابي في أغسطس (آب) 2018 ،حيث كان التصنيف caa1 في أكتوبر 2014.
التصنيف الائتماني للدولة المصرية حسب وكالة "فيتش" جاء B إيجابي في شهر يناير (كانون الثاني) 2018، في حين كان B مستقر في ديسمبر (كانون الأول) 2014.
التصنيف الائتماني للدولة المصرية حسب وكالة "ستاندرد اند بورز"، جاء B مستقر في شهر مايو (أيار) 2018، حيث كان caaa+ إيجابي في شهر مايو 2013.