عمّت أجواء التفاؤل أسواق النفط العالمية بدعم إعلان روسيا عقاراً محتملاً لعلاج فيروس كورونا، ليقضي على مخاوف الموجة الثانية، كما تعززت الأسعار من مباحثات خطة تحفيز أميركية بتريليونات الدولارات، ما يعزز التعافي لأكبر اقتصاد في العالم.
وصعدت أسعار النفط، الأربعاء، بعد تقرير أظهر تراجع مخزونات الخام الأميركية بأكثر من توقعات المحللين، ما عزز الآمال في أن بمقدور الطلب على الوقود في أكبر اقتصاد في العالم تخطي جائحة فيروس كورونا.
وزاد خام برنت 62 سنتاً، أو 1.39 في المئة، إلى 45.12 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:21 بتوقيت غرينتش، بعدما تراجع نحو واحد في المئة الثلاثاء. كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 64 سنتاً، أو 1.54 في المئة، إلى 42.25 دولار للبرميل، بعدما نزل 0.8 في المئة بالجلسة السابقة.
من جهته، قال معهد البترول الأميركي، الثلاثاء، إنّ مخزونات الخام تراجعت أربعة ملايين برميل الأسبوع الماضي، وهو ما يزيد عمّا توقعه المحللون لانخفاض قدره 2.9 مليون برميل، ومن المقرر أن تصدر البيانات الرسمية للحكومة في وقت لاحق اليوم الأربعاء.
وفي هذا الصدد، قال محللون مختصون، إنّ الأسعار عاودت الارتفاع، ليفوق خام برنت مستوى 45 دولاراً للبرميل، وسط أجواء تفاؤل حول آفاق تحسّن أداء الاقتصاد الأميركي والحزمة المالية في أميركا للتعامل مع كورونا، وتنشيط الاقتصاد.
وأشار المحللون إلى أن الأسعار استفادت أيضاً من مؤشرات تعافي الطلب في آسيا وأوروبا، كما أن هناك دعماً من ضعف قيمة الدولار، وأنباءً حول توصّل روسيا إلى لقاح لعلاج كورونا، وهو ما يعزز فرص تعافي الطلب على النفط وأداء الاقتصاد، أضف إلى ذلك استمرار تراجع عدد منصات الحفر بأميركا.
تعافي أساسيات السوق
وفي هذا الشأن، قال محمد الشطي، المختص بالشؤون النفطية، "هذه الأجواء تعني تعافي الأساسيات، ولا نغفل تأكيد دول الخليج، عن طريق اجتماع شمل (السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وعمان، والعراق) على مستوى وزراء الطاقة والنفط، التزام اتفاق خفض الإنتاج، وتحقيق المستويات المستهدفة، وتعهد الدول التي زاد إنتاجها التعويض خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يعني تسريع وتيرة التوازن في أسواق النفط".
وتابع، "لعل من أهم التطورات التي دعّمت الأسعار تواصل سحوبات من المخزون النفطي الأميركي للنفط الخام للأسبوع الثاني، وهو ما يعني أنّ المخزون بدأ يستجيب لتعافي الطلب، مقابل تقييد الإنتاج، خصوصاً من (أوبك بلس)، إضافة إلى التخفيضات بسبب ضعف الأسعار من الدول من خارج (أوبك)، ويعتبر مؤشر سحوبات المخزون النفطي أصدق مؤشر باتجاه توازن السوق النفطية، ليدعم الأسعار في حالة استمراره".
وأورد أن التحدي القائم يبقى في استمرار ضعف أداء نشاط التكرير، إذ ما زال يعاني خسائر، مع ضعف أسعار المنتجات، مقابل ارتفاع أسعار النفط الخام، التي يجري احتساب هوامش الأرباح، بسبب تباطؤ وتيرة تعافي الطلب على النفط، ووسط ارتفاع المخزون من المنتجات البترولية، وهو مؤشر يضع سقفاً على تعافي أسعار النفط، ويقيد المكاسب، بل ومرشح أن يضغط على الأسعار، خصوصاً في حالة استمراره.
كما أن هناك مؤشرات إيجابية أخرى، تشمل ضعف صرف الدولار مقابل العملات، وهو في العادة يعزز أسعار النفط، فضلاً عن استمرار التزام أعضاء (أوبك بلس) اتفاقها بشكل يفوق التوقعات، ويتماشى مع برنامجها الممتد إلى نهاية مارس (آذار) 2022.
توقعات متفائلة
وذكر الشطي، أن ما يعزز التوقعات المتفائلة لأسواق النفط التحليلات الإيجابية بعدد من البيوت الاستشارية والبنوك وجهات رسمية أخرى حول أساسيات السوق من ناحية تعافي الطلب وتراجع المعروض وتعزيز السحوبات من المخزون النفطي العالمي، ما يعزز تعافي الأسعار، ويقدم أريحية للمستثمرين للإقبال على شراء العقود، وكذلك اعتدال المنحنى السعري لنفوط "الإشارة"، على الرغم من استمرار "الكونتانغو".
ويتوقع البعض أن وتيرة التوازن ربما تتسارع، رغم أن غالبية التوقعات في أن حجم المخزون النفطي المرتفع يحتاج إلى وقت للعودة إلى مستويات طبيعية، وهذا يعني عام 2022، تماشياً مع برنامج تحقق توازن السوق حسب اتفاق (أوبك بلس).
تطور العوامل الجيوسياسية
وأشار المختص في شؤون النفط إلى أنه لا يجب أن ننسى أن تطور العوامل الجيوسياسية، المتمثلة في تأثر الإنتاج بعدد من الدول المنتجة النفط، مثل ليبيا وفنزويلا، أيضاً يدعم أسعار النفط على العموم، لذلك من غير المتوقع أن نشهد تعافياً متواصلاً، في غياب توجّه فعلي متواصل في السحوبات من المخزون النفطي، وتعافي الطلب على النفط، وتبقى الأسعار سمتها التقلب والتذبذب خلال الفترة المقبلة، رغم متانتها وأنها مدعومة.
وذكر أن إعلان شركة أرامكو أسعار نفوطها لسبتمبر (أيلول) هو محط أنظار السوق من الجميع، ويأتي ليعكس ضعفاً في أساسيات السوق، خصوصاً أداء نشاط التكرير وضعف المنتجات البترولية، لكنه أمر إيجابي أيضاً إذا ما جرى اعتبار تحفيز الجدوى الاقتصادية للمصافي في الإقبال على الشراء، بالتالي يدعم وتيرة تعافي الطلب على العموم.
وتوقع أن تظل الأسعار قوية عند المستويات الحاليّة، لكنها تظل في حالة من التذبذب والتقلب، وعليه فإن مجال الارتفاع عن هذه المستويات محدود.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع بالقول "ذهبت غالبية التوقعات إلى أن مستويات أسعار النفط تستقر ما بين 50 و60 دولاراً للبرميل، وهي العلامة للسنوات الخمس المقبلة، مع توقعات استمرار كفاية الإمدادات في أسواق النفط، وتباطؤ في تعافي نشاطات صناعة النفط والغاز، وتباطؤ في تعافي الطلب العالمي على النفط عموماً، وتوقعات عودة التعافي في إنتاج بعض الدول، مثل ليبيا وفنزويلا وإيران، وهي رهن عودة الاستقرار السياسي إلى تلك الدول".
ويراقب توقعات السوق خلال الأيام المقبلة، وحركة المخزون النفطي، واجتماع اللجنة الوزارية التابعة لـ(أوبك بلس)، لمراقبة الإنتاج، وكلها مؤشرات إيجابية تدعم متانة أسعار النفط، حسبما يرى الشطي.
النفط الكويتي بأعلى مستوى منذ 5 أشهر
وأعلنت مؤسسة البترول الكويتية، الأربعاء، ارتفاع سعر برميل النفط الكويتي 23 سنتاً ليبلغ 45.20 دولار في تداولات أمس الثلاثاء، أعلى مستوى منذ مارس (آذار) الماضي (5 أشهر)، ويتداول سعر برميل النفط الكويتي فوق مستوى 43 دولاراً للبرميل منذ مطلع يوليو (تموز) الماضي، وسط تحسّن عوامل السوق، وارتفاع الطلب مع استئناف النشاطات الاقتصادية حول العالم، وتقييد المعروض بفعل اتفاق جديد لتحالف (أوبك بلس) لخفض الإنتاج.
وفي سياق آخر، قالت شركة نفط الكويت، الأربعاء، إنها احتوت وعزلت مصدر تسرّب نفطي وقع مساء الثلاثاء بالقرب من كيلو 18 من طريق الدائري السابع.
وأضافت الشركة، في تغريدة على "تويتر"، "لم ينتج عن الحادث أي أضرار أو إصابات. والمنطقة التي حدث فيها التسرّب أصبحت آمنة تماماً وتحت السيطرة، كما تؤكد الشركة أن عملياتها المعتادة مستمرة من دون أي انقطاع".