خلص تقرير جديد مثير للقلق، إلى أن العاملات في مرافق هيئة "خدمة الصحة الوطنية" (NHS)، يعانين من إجهادٍ شديد وإرهاق جراء أزمة فيروس "كورونا".
يُشار إلى أن نحو 75 في المئة من كوادر "خدمات الصحة الوطنية" هم من النساء، لا سيما في قطاع التمريض حيث ترجح كفتهن مع ارتفاع أعدادهن إلى تسعة من كل عشرة ممرضين.
ويحذر التقرير الذي أعدته "شبكة القيادات النسائية للصحة والرعاية في اتحاد خدمة الصحة الوطنية" أن مرافق "NHS" معرضة لخطر فقدان العاملات لديها، بسبب مواجهتهن اضطرابات عقلية - نفسية أثناء الجائحة العالمية.
وتبين للباحثين الذين استطلعوا آراء أكثر من 1300 امرأة يعملن في مجال الصحة والرعاية في إنجلترا، أن ما يصل إلى 75 في المئة من النساء العاملات في القطاع، أبلغن عن أن وظيفتهن كان لها أثر أكثر ضرراً من المعتاد في سلامتهن النفسية، بسبب حال الطوارئ التي فرضها فيروس كوفيد-19.
وأفاد أكثر من 50 في المئة من النساء المشاركات، بأن أزمة الصحة العامة التي اجتاحت البلاد كان لها تأثير ضار في صحتهن البدنية. وقالت امرأة فضلت عدم الكشف عن اسمها "أعاني من الإرهاق... ففي يوم إجازتي، لا أستطيع الذهاب للتمون بالطعام لأن كل ما أريده هو الاختباء تحت ملاءتي والخلود إلى النوم. لا أستطيع الادعاء بالشعور بالمرح والحماسة أمام أطفالي الذين يخشون تعرض والدتهم للموت بسبب فيروس كوفيد".
وقالت أخرى إن "التمكن من أداء مهمات وظيفية بدوام كامل له أولويات متضاربة، إلى جانب الاضطلاع بمسؤولية التعليم في المنزل، ودعم الأسرة، في المملكة المتحدة كما (في الخارج)، كلها عوامل تلقي بأعباء ثقيلة على كاهل الفرد. وهذا صعب على الصعيد المادي، ويستنزف طاقتنا عاطفياً".
وأشارت المشاركات في الاستطلاع، إلى أنهن اضطررن إلى أداء أعمال إضافية لـمدة 11 ساعة في المتوسط للنهوض بمسؤوليات الرعاية أسبوعياً خارج إطار مكان العمل، منذ بداية فرض الإقفال العام (الحجر). لكن لم تُقلص ساعات عملهن العادية إلا لساعة و45 دقيقة في الأسبوع، لقاء أداء تلك المهمات الإضافية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأت سامانثا ألين رئيسة "شبكة القيادات النسائية للصحة والرعاية في اتحاد خدمة الصحة الوطنية"، أن نتائج هذا الاستطلاع تؤكد التداعيات الكبيرة التي خلفتها الجائحة حتى الآن على صحة النساء العاملات في مجال الصحة والرعاية وسلامتهن، وعلى أن المضي في فرض الضغوط، وتوقع التضحيات من جانبنا، لا يشكل حلاً مستداماً، خصوصاً أن تأمين خدمات رعاية المرضى في مختلف مرافق "خدمة الصحة الوطنية" سيبقى مستمراً قبل حلول فصل الشتاء".
وأوضحت ألين أن "النساء يشكلن أكثر من ثلاثة أرباع القوى العاملة في "خدمة الصحة الوطنية"، لذا لا يمكننا تجاهل هذه المشكلات. ويجب أن تحصل العاملات في جميع مجالات الصحة والرعاية، الآن أكثر من أي وقت مضى، على الدعم المناسب، كي نقلل من خطر تعرضهن للإرهاق ونحمي سلامتهن، ونحرص على أنهن يتمتعن بالصحة الجسدية والذهنية الكافيتين، ليتمكن من الاستمرار في رعاية مجتمعاتنا وتقديم الدعم الملائم لها".
يُشار إلى أن الاستطلاع قد أجري في شهر يونيو (حزيران) الماضي، أي بعد شهرين من انتهاء مرحلة الذروة لتفشي الوباء واستقبال المرضى المصابين في المستشفيات. وشمل البحث استطلاع آراء مجموعة من الأطباء والممرضات والمديرين والموظفين الإداريين والعاملين في مجال الرعاية الصحة.
وأعربت نساء عاملات في مجال الصحة والرعاية من خلفيات سوداء، ومن أقليات عرقية أخرى(BME) عن شعورهن "بالصدمة بسبب الأثر غير المتكافئ الذي خلفه الفيروس" [الإصابات في أوساط الأقليات أكبر] على تلك الفئات، وقد تفاقم هذا الشعور لديهن نتيجة المخاوف المرتبطة "بعدم إجراء تقييم لمخاطر الإصابة في الوقت المناسب، هذا إن كان هناك أي تقييم قد أجري على الإطلاق".
الدكتورة هنرييتا هيوز، التي تتولى منصب "الوصي الوطني" على "خدمة الصحة الوطنية" رأت أن "طرق الاستجابة التي تظهر استمرار وجود حواجز أمام زملاء من أصول سوداء وأقليات عرقية أخرى تحول دون تعبيرهم عن آرائهم، إنما تشكل صدمة لنا".
في المقابل، حذر الباحثون من أن الإنهاك الذي يعاني منه الموظفون قد يزداد سوءاً، مع استعداد مرافق "خدمة الصحة الوطنية" لمعاودة معظم خدماتها، مثل الإجراءات الطبية غير العاجلة التي كانت قد جمدت مؤقتاً في مستهل حال الطوارئ التي فرضها تفشي وباء كورونا، في وقت يتعين على هذه القطاعات أن تكون في جهوزية كافية لمواجهة "فصل شتاء صعب للغاية" بحسب التوقعات.
يثير التقرير أيضاً مخاوف من أن تؤدي الفوضى الناجمة عن فيروس كورونا، إلى تراجع في "خدمة الصحة الوطنية"، لجهة المساواة بين الجنسين، وضمان تولي مزيد من النساء مناصب قيادية.
يأتي ذلك بعدما كانت صحيفة "اندبندنت" قد لفتت إلى أن الطبيبات يبدين استعداداً أقل للعمل على الخطوط الأمامية في مواجهة أزمة فيروس كورونا، وذلك لمعاناتهن من صعوبات في تأمين الرعاية لأطفالهن. وكان استطلاع للرأي أجرته "الجمعية الطبية البريطانية" BMA، وجرت مشاركته بشكل حصري مع "اندبندنت"، قد أظهر أن 13 في المئة من أصل 4100 طبيبة، لم يتمكن من العمل، أو اضطُررن إلى تقليص ساعات عملهن لهذا السبب.
وأشارت الجمعية المهنية للأطباء إلى أن إقفال المدارس، ودور رعاية الأطفال أبوابها أثناء الحجر، تسبب في مشاكل لآلاف العاملات في مجال الرعاية الصحية، الأمر الذي أدى إلى ملازمة بعض الطبيبات اللواتي كن في صحة جيدة منازلهن، في وقت كانت فيه "خدمة الصحة الوطنية" بأمس الحاجة لهن.
وأكدت هيلينا ماكيون رئيسة الهيئة التمثيلية في BMA للعاملين من أصول سوداء وأقليات عرقية أخرى، أن الأطباء، ذكوراً أو إناثاً، من الآباء والأمهات، يعانون. لكن أظهرت الأدلة أن عبء التكاليف المرتفعة لرعاية الأطفال، غالباً ما كان يقع على عاتق النساء بشكل خاص.
وخلصت الدكتورة ماكيون وهي طبيبة عامة، إلى القول إن القلق الذي تعاني منه الطبيبات بخصوص عدم القدرة على تأمين رعاية لأطفالهن، يمكن أن يجعلهن أكثر عرضة لارتكاب أخطاء، أثناء قيامهن بعلاج المصابين بعدوى كوفيد-19، أو الذين يشكون من أمراض أخرى.
© The Independent