هز حادث اغتصاب الطفل عدنان وقتله الرأي العام المغربي، عقب العثور على جثته مدفونة بجوار بيت عائلته في مدينة طنجة شمال المغرب. وتجدد الجدل حول عقوبات جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، وانتشر وسم "#الإعدام_لقاتل_عدنان"، وأطلق ناشطون مغاربة حملة إلكترونية لجمع مليون توقيع للمطالبة بإعدام الجاني، فهل إعدام مغتصبي الأطفال هو الحل؟
"المطالبون بقتل المجرم... لا يقلون وحشية منه"
من جهته، قال الناشط الحقوقي الأمازيغي أحمد عصيد، في رده على المطالبين بإعدام المتهم، "إن المواطنين الذين عبروا عن رغبتهم في قتل المجرم والتمثيل بجثته في الفضاء العام، لا يقلون وحشية منه."
وأضاف في تدوينة على "فيسبوك"، "اغتيال براءة طفل وحرمانه من حقه في الحياة جريمة نكراء في غاية البشاعة، واستنكار الجميع لها أمر طبيعي، وتعبئتنا من أجل ألا يتكرر هذا واجب وطني على الدولة والمجتمع."
وأمضى عصيد قائلاً، "لكن في المقابل إلحاح البعض على عقوبة الإعدام تحديداً يُظهر مقدار رغبتهم في الانتقام والثأر عوض معاقبة المجرم."
"المجتمع ليس من مهامه نصب المشانق"
ويُتابع الناشط الأمازيغي،"المجتمع ليس من مهامه نصب المشانق وإصدار الأحكام، بل هي مهمة القضاء، وإذا كان المغرب لا يزال من الدول التي تُقر حكم الإعدام (من دون أن تنفذه)، فقد آن الأوان لفتح نقاش أكثر جدية في هذا الموضوع، وحول ظاهرة العنف ضد الأطفال".
وأضاف "على من يُطالبون بإعدام المتهم أن يعلموا أن أكثر الدول تنفيذاً له مثل إيران والصين والولايات المتحدة، هي التي ما زالت تعرف أكبر نسب انتشار للجرائم الفظيعة، وهذا معناه أن الذين يُطالبون بهذا الحكم لا يقصدون أكثر من التنفيس عن مقدار الغيظ والعنف في دواخلهم".
وأشار إلى أن "ظاهرة اختطاف الأطفال بغرض اغتصابهم ظاهرة ما فتئت تتزايد في الآونة الأخيرة، والصواب هو التفكير الجدي في سبل الحد منها. أما المواطنون الذين تسابقوا في التعبير عن رغبتهم في قتل المجرم والتمثيل بجثته في الفضاء العام، فهم لا يقلون وحشية عن الوحش الذي يريدون الثأر منه".
مطالب بإعدام المتهم
وخرج سكان الحي حيث يقطن الطفل عدنان للاحتجاج، وأعربوا عن غضبهم وصدمتهم مطالبين بإعدام المجرم، متخوفين من أن يتكرر الحادث مع أطفالهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوقفت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية في مدينة طنجة، المشتبه فيه، في المنطقة الصناعية في المدينة.
ويُشار إلى أن تسجيلات مصورة رصدته يستدرج الضحية بالقرب من مكان إقامة عائلته.
وأوضح بيان الأمن المغربي أن "المشتبه فيه أقدم على استدراج الضحية إلى شقة يستأجرها في الحي السكني، واعتدى عليه جنسياً منفذاً جناية القتل العمد في اليوم وساعة الاستدراج نفسيهما، ثم عمد مباشرة لدفن الجثة في محيط سكنه".
وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي "حملة المليون توقيع من أجل إعدام قاتل الطفل عدنان"، مُعربين عن غضبهم إزاء انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال القاصرين.
"لن يكون عدنان الأخير"
في المقابل، يرى الباحث يوسف المساتي، أن "عدنان لن يكون الضحية الأخيرة ما دام الشعب قد طبع مع الاعتداء على الأطفال، وما دامت عشرات الأسر تتكتم على ما يتعرض له أطفالهم خوفاً من الفضيحة، وكأن الفضيحة أن تكون ضحية لا جلاداً".
ويُضيف "لن يكون عدنان الأخير ونحن ننتهك جسد الطفل وخصوصياته بأشكال مختلفة، نُعلمه أن جسده ملك للجماعة وللأسرة والمجتمع... نُعلمه الصمت والخضوع، وأولياء هؤلاء يملكون حق التنازل عما يطال أطفالهم من اعتداءات، بل منهم من يُساوم آلامهم بالمال".
في عام 1993 نُفذ "آخر" حكم بالإعدام في المغرب، في حق قائد الشرطة محمد مصطفى ثابت، بسبب جريمته التي هزت الرأي العام آنذاك.
"الإعدام لا يحد من الجرائم"
يقول رئيس منتدى "إفوس" للديمقراطية وحقوق الإنسان مبارك أوتشرافت، "نحن كحقوقيين ضد عقوبة الإعدام بشكل عام، لأن هناك أحداثاً أكدت أن الإعدام لا يحد من الجرائم، كما نسبة الخطأ في إصدار الأحكام واردة جداً".
ويؤكد أن "المغرب يتجه لإلغاء عقوبة الإعدام، لأن لديه التزامات دولية في مجال حقوق الإنسان".
ويقول أوتشرافت "هناك انقسام في المجتمع المغربي بين التيار الإسلامي الذي يُدافع عن الإعدام من خلفية دينية، والتيار الحداثي والحقوقي الذي يُطالب بإعادة النظر في عقوبة الإعدام".
"من قتل عدنان هو المجتمع"
يُتابع رئيس منتدى "إفوس" للديمقراطية وحقوق الإنسان، "هناك من يستغل هذا الحادث لإشعال غضب المغاربة، ومن قتل عدنان هو المجتمع بثقافته وأفكاره السائدة، المبنية على الكبت الجنسي وغياب التربية الجنسية."
ويعتبر "أن دعوات نشطاء الفضاء الأزرق إلى تنفيذ حكم الإعدام هو تدخل في اختصاص المؤسسات."
ويدعو "إلى عدم استغلال قضية هذا الطفل من أجل تحقيق ربح سياسي، نحن بحاجة إلى سياسة عمومية لإيجاد حل لظاهرة اغتصاب الأطفال، ومعرفة أسبابه وكيف يُمكن أن نحمي أطفالنا من هكذا جرائم لأن الحل ليس بالثأر".
ويُشار إلى أن تقريرا صدر عن "الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية" في عام 2015، كشف أن 70 طفلاً يتعرضون يومياً لاعتداء جنسي في المغرب.