رجح باحث في معهد الخليج العربي في واشنطن، أن السعودية لن تكون مثل غيرها في النظر إلى اتفاقية السلام مع إسرائيل، فأي خطوة من جانبها ستكون "أكثر تعقيداً وخطورة".
ونقلت هآرتس الإسرائيلية عن حسين أبيش قوله إن "المملكة العربية السعودية ستواجه مخاطر أكبر بكثير من الإمارات والبحرين في إقامة علاقات مع إسرائيل. الأمر متروك لإسرائيل والولايات المتحدة لطمأنة الرياض وتحفيزها".
جاء ذلك في سياق حشد الصحيفة آراء الخبراء الدوليين لتفكيك أبعاد الاتفاق المبرم بين كل من الإمارات والبحرين مع إسرائيل، إذ رأى أبيش المبادرة الخليجية جيدة بوصفها "ستعزز التحالف المعارض للفوضى الإقليمية وانتشار الهيمنة الإيرانية"، إلا أنه يرفض وصفها بـ"اتفاقية سلام"، فهي لا تنهي النزاع، ولن تساعد في حل الصراع الفعلي بين إسرائيل والفلسطينيين، "بل إنها قد تُعقد حتى طلب مثل هذا الاتفاق من خلال تقليل الحافز لإسرائيل كي تقدم تنازلات".
وكانت أطراف أميركية وإسرائيلية تعلق على الاتفاق المبرم بين الدولتين الخليجيتين وإسرائيل، بأن يحفز دولاً أخرى في الإقليم وخارجه، لتحذو حذوها، إلا أن السعودية ذات الثقل الأكبر اقتصادياً واستراتيجياً على المستوى العربي والإسلامي، قطعت في وقت سابق، بأنها ليست في وارد الانضمام لهذا النوع من الاتفاق، إلا أن يكون وفق مبادرة السلام العربية التي كانت في الأساس مقترحاً من الرياض، قبل أن تتبناها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وتحاول تل أبيب الالتفاف على مقرراتها الأساسية، ومن ضمنها "الأرض مقابل السلام"، قبل دخول الدول العربية مجتمعة في علاقة طيبة مع إسرائيل.
ويتفهم تقرير الصحيفة الإسرائيلية موقف السعودية، فهي "لديها مجموعة معقدة للغاية من الحسابات للنظر فيها. الأمر متروك لإسرائيل والولايات المتحدة للتأكد من أن هذا يُنظر إليه على أنه يعمل بشكل جيد بالنسبة إلى الإمارات والبحرين، من أجل طمأنة المملكة العربية السعودية، وتحفيزها على تحمل المخاطر الأكبر التي قد تتعرض لها، على الصعيدين الدولي والمحلي".
ويعتقد الباحث أنه يجب على إسرائيل والفلسطينيين حل خلافاتهم بشروطهم الخاصة. لم تكن دول الخليج العربية عقبة كبيرة ولن تكون جزءاً رئيساً من الحل. لكنهم مثل مصر والأردن، "قد يكونون قادرين على التوسط لدى إسرائيل لصالح قضايا الحياة اليومية الفلسطينية".
ومع تقليل الباحث في تحليله من أهمية العلاقات التي يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها، إلا أنه وافق على أنها يمكن أن تصبح مفيدة "لا سيما بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وهما دولتان متطورتان تقنياً وعسكرياً مع أجندة بحثية وتجارية طموحة".
ما لم يقترب الإسرائيليون والفلسطينيون من حل ما سماه أبيش "مأزق التدمير الذاتي المتبادل بينهما"، فإن الحلول تبدو بعيدة المآل، وإن اعتبر تشجيع الآخرين على اتفاقية السلام مع إسرائيل جيد، لأن الطبيعي هو وجود العلاقة بين الدول. غير أنه يؤكد أن القائمة تلك قصيرة كانت أو طويلة ستكون السعودية استثناء منها.
وبدأت المساعي السعودية لحل الملف الفلسطيني الإسرائيلي منذ وقت مبكر، عبر توظيف علاقاتها الإستراتيجية مع واشنطن في الضغط على تل أبيب، إلا أن ما يوصف عربياً بـ"تعنت إسرائيل وتذبذب قرار السلطة الفلسطينية" أعاق الوصول إلى نتيجة تنهي الصراع. ولا ينظر الطرف الفلسطيني والعربي لخطة السلام الأميركية (صفقة القرن) بارتياح، إلا أن عدداً منهم يرى التعاطي معها أفضل من الخيار الذي اتخذته رام الله بالمقاطعة.