يترقب الجزائريون أن تفصل جمعة التظاهرات السادسة في مصير المادة 102 من الدستور الجزائري، التي دعا الى تفعيلها وجوباً قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، بعد ان اختلفت الآراء بشأن الخطوة بين مؤيد ورافض، وبين من وصف الأمر "بانقلاب ابيض". ويعتقد محللون أن تأخير المجلس الدستوري عقد اجتماعه لدراسة طلب رئيس الأركان، انما مرده إستمرار المعركة بين أجنحة النظام، ما قد يهدد بتطور سلبي للأوضاع، خصوصاً وأن الحديث يدور حول رفض الرئيس بوتفليقة الاستقالة، وأنه قد يُقدِم على حل البرلمان لمنع تفعيل المادة 102، كما قد يلجأ الى الاستقالة من دون تشكيل حكومة لوضع مناوئيه أمام مأزق دستوري.
مسيرات الجمعة تُسمع صوتها
بين مرحب ومعارض انقسم سياسيو الجزائر حول مطلب إعلان شغور منصب الرئيس، فأحزاب الموالاة باركت خطوة قائد أركان الجيش، بينما رفضت المعارضة الدعوة، رغم أنها كانت تنادي بضرورة تفعيلها، وبأهمية مواكبة الجيش للمرحلة الانتقالية. بينما وصفت جهات، بعيداً من الأضواء، مطلب المؤسسة العسكرية بـ "انقلاب ابيض"، نُسِّقَ بين قيادة الأركان وجهاز الاستخبارات المحسوب على الجنرال محمد مدين المدعو "توفيق". وهو ما جعل اجتماع المجلس الدستوري للفصل في قضية المادة 102، يتأخر الى أجَلٍ غير مسمى، بعد اشتداد المعركة بين أجنحة النظام.
ويقول النائب البرلماني السابق عدة فلاحي، لـ "اندبندنت عربية"، إن "تفعيل المادة 102 قد لا يرضي الحراك الشعبي لتخوفه من أن يعيد النظام إنتاج نفسه من جديد، فيعود من النافذة بعدما أُخرجَ من الباب"، وتابع "ان تطبيق المادة 102 هو الحل الواقعي، ويبقى على الشعب أن يحقق مطالبه من خلال حرصه على صوته في الانتخابات الرئاسية، وما سيتبعها من انتخابات برلمانية ومحلية". ولتهدئة الشارع طالب فلاحي بتشكيل حكومة توافق تحظى بالقبول وتستبعد وجوهاً مارست السلطة، خصوصاً المتورطين في الفساد المالي أو السياسي، وتتيح فرصة الخروج من عنق الزجاجة بطريقة سلسة بعيداً من التطرف والعنف.
لا رد من الرئاسة على طلب قائد الأركان
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وردت المؤسسة العسكرية على الذين انتقدوا اقتراحها، ومن اعتبروه "محاولة انقلاب" بالقول على لسان قائد الأركان أحمد قايد صالح، إن "الجيش لم ولن يحيد عن مهامه الدستورية"، في إشارة إلى عدم تدخله في الحياة السياسية، كما يُرَوَّج. أستاذ العلوم السياسية بجامعة ورقلة، علي بن حميد، يقول "إن قرار المادة 102 موجه لإزاحة محيط الرئيس وخصوصاً شقيقيه، وليس بوتفليقة، لا مجال للحديث عن انقلاب، بل محاولة لعودة الشرعية فقط"، وتابع "أن الجيش لم يبتعد يوماً عن السياسة في الجزائر، وهذا الأمر ينطبق على كل البلدان العربية".
وفي الوقت الذي أعلنت الطبقة السياسية و"الجهة الصامتة" مواقفها، يبقى رأي الشارع مؤجلاً الى "الجمعة السادسة"، التي يُخشى أن تتحول ساحة صراع في أعلى هرم السلطة، في ظل الأخبار التي تتحدث عن عزم جناح الرئيس الانتقام من خلال توتير المسيرات المقررة الجمعة. كذلك يتم تحضير لافتات تطالب برحيل قائد الأركان، تحت ستارة أنه من وجوه النظام، وذلك في إطار مطلب "ارحلوا جميعاً"، بهدف إرباك المؤسسة العسكرية وتأليب الشعب ضدها.
مخاوف من استغلال الشارع
وفي الوقت الذي يترقب الجزائريون اجتماع المجلس الدستوري، يُخطط محيط الرئيس والكارتل المالي للحفاظ على مصالحهم المالية والسياسية، على اعتبار أن النظام لن يَسْلَمَ بالسهولة المتوقعة، سيناور من أجل الاستمرار في السلطة. وقد يلجأ الى كل الطرق بما فيها المساس بسلمية المسيرات الشعبية، في ظل غياب رد من الرئاسة الجزائرية بشأن مقترح قائد أركان الجيش، وفي مناورة لربح الوقت، لأن الرسالة كانت موجهة للرئيس ومحيطه، وليس للشعب. ويبقى المشهد على غموضه المعهود، بانتظار الرد الذي قد يقدمه محيط الرئيس بوتفليقة بقيادة الشقيق سعيد، خلال المسيرات المقررة الجمعة، من خلال لافتات تستهدف قائد الاركان مثل "ارحلوا جميعا" و "لا يمكن بناء سفينة جديدة بخشب قديم" و "بوتفليقة رايح رايح.. خذ معاك قايد صالح" و "وجوه الماضي لا تبني آمال المستقبل"، وغيرها من اللافتات التي تمت الإشارة اليها في مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بهدف إثبات أن الحراك الشعبي ضد تطبيق المادة 102 من الدستور.