أصبحت مدينة ليدز الواقعة شمال إنجلترا، المدينة الأكبر في المملكة المتحدة، التي تدعو إلى تفعيل تجربة الدخل الأساسي الشامل Universal Basic Income (راتب شهري ثابت يؤمن الحد الأدنى من معيشة الفرد)، وذلك بعد تصويت مجلس المدينة على المشروع مساء الأربعاء.
وقد أيد أعضاء المجلس المحلي التابعون لأحزاب "العمال" و"الديموقراطيين الأحرار" و"الخضر" الاقتراح، معتبرين أن هذه السياسة يمكن أن توفر الأمن المالي للأشخاص المتضررين من جائحة فيروس "كورونا" لجهة فقدان أعمالهم.
ويشتمل مفهوم الدخل الأساسي الشامل أو UBI، على تقديم راتب ثابت غير مشروط يُمنح لجميع المواطنين، سواء كانوا يعملون أم لا، بدلاً من تقديم منافع قائمة على اختبار الموارد المعيشية (نظام يبحث في وسائل عيش الفرد وموارده ويحدد أهليته للحصول على مساعدة مالية حكومية). وقد نوقش هذا النظام على نطاق واسع في جميع الدول المتطورة في الأعوام الأخيرة، لكنه اكتسب أهميةً متزايدة خلال فترة تفشي جائحة كورونا.
أما التجربة الأكثر بروزاً في هذا المجال، فكانت قد أجريت في فنلندا التي قامت بتطبيقها على مدى عامين، وقد خلصت إلى أن فئة المستفيدين منها شعروا بسعادة أكبر وتمكنوا من الحصول على حياة أكثر رفاهية، بغض النظر عن احتمال حصولهم على فرصة عمل أم لا.
بعد هذا التصويت، من المنتظر أن يوجه الآن المسؤولون في "مجلس مدينة ليدز" رسالة إلى الحكومة البريطانية، يطالبونها فيها بوضع مخطط تجريبي لهذه السياسة في مدينتهم. لكن أعضاء مجلس المدينة من حزب "المحافظين"، عارضوا الخطة، وقال أحدهم إنه يتعين "رميها في سلة المهملات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسير مدينة ليدز الواقعة في مقاطعة "غرب يوركشاير" في شمال إنجلترا على خطى نظيرتها شيفيلد في "جنوب يوركشاير" التي كانت قد دعمت تجربة من هذا النوع العام الماضي، وكذلك ليفربول في العام الذي سبق. وكانت مجالس مدن هال في شمال شرقي إنجلترا، ونوريتش في "إيست أنغليا" (شرق إنجلترا)، وبلفاست في إيرلندا الشمالية، من بين المجالس التي صوتت لمصلحة إجراء دراسات تجريبية لمسألة الدخل الأساسي الشامل في مناطقها.
وقال جوناثان بنتلي العضو في مجلس ليدز عن حزب "الديموقراطيين الأحرار"، إن "جائحة كوفيد قد تسبب بمعاناة مالية واجتماعية هائلة لآلاف السكان والأسر في ليدز. ولن يكون من شأن هذه المعاناة إلا أن تزداد سوءاً".
واعتبر بنتلي أن "نظام تقديم المنافع الراهن الشديد التعقيد، القائم على تحديد سبل عيش الأفراد ومواردهم هو غير كاف للتعامل مع الآثار التي خلفها الاقتصاد المتراجع والبطالة المتفاقمة في البلاد"، ورأى أنه حان الوقت للتفكير بجدية في مفهوم جديد يتيح تحقيق تعاف عادل من الأزمة".
ورأى أنه "سيكون للدخل الأساسي الشامل تأثيران مزدوجان يتمثلان في توفير شبكة أمان لجميع مواطنينا للحؤول دون السقوط تحت مستوى الفقر، وفي إعطاء قوة دفع إضافية لاقتصادنا كي نستعيد ازدهارنا ورخاءنا في المستقبل".
زعيم حزب "الديموقراطيين الأحرار" إد ديفي أشار من جانبه إلى أن وباء فيروس "كورونا" أظهر أن نظام الرعاية الاجتماعية في بريطانيا "معطل"، واعتبر أن "سياسة الدخل الأساسي الشامل، تشكل أداة قوية من شأنها أن تسمح لنا بمعالجة هذه المشكلة، إلى جانب عدد من التحديات الناشئة الأخرى مثل الأتمتة والتغييرات الحاصلة في أنماط العمل". وقال، "أنا ملتزم كلياً دعم الحملة من أجل تطبيق سياسة الدخل الأساسي الشامل التي ستمنح جميع الناس الدعم الذي يستحقونه والفرص التي يحتاجون إليها".
أما شون بيري الزعيمة المشاركة لحزب "الخضر" في المملكة المتحدة فاعتبرت أنه "آن الأوان لاعتماد فكرة الدخل الأساسي الشامل. فقد أظهرت أزمة فيروس "كورونا" أننا بحاجة إلى إصلاح شبكة الضمان الاجتماعي للعقود المقبلة من الزمن، الأمر الذي يساعدنا في بناء اقتصاد أكثر استدامة وعدالة. هذا المفهوم يمكن أن يكون بمثابة "خدمات صحية وطنية" جديدة بالنسبة إلى جيلنا، ويسرنا أن نرى حزب "الخضر" في ليدز يتصدر هذا المسار".
ما هو موقف الحكومة البريطانية؟ دوائر "ويستمنستر" لا تؤيد المضي قدماً في تجربة فكرة الدخل الأساسي الشامل للفرد في المملكة المتحدة، وقد عبر الوزراء عن ذلك في وقت سابق بقولهم، إنهم لا يدعمون هذه السياسة. ورأى وزير العمل والمعاشات السابق إيان دانكن سميث في تصريح حديث له أن هذه السياسة قد تشكل عنصراً من شأنه أن يثني الأفراد عن العمل خلال فترة الجائحة.
يبقى القول إنه في الوقت الذي ساند فيه حزب "الخضر" هذه السياسة لفترة طويلة، دعا زعيم حزب "الديموقراطيين الأحرار" إد ديفي من جانبه إلى تبنيها معتبراً أن المدفوعات المترتبة عنها، يمكن أن تمول من خلال إنشاء صندوق استثمار وطني، وتوزيع عائداته على السكان.
ودعا أخيراً الوزير السابق للخزانة في حكومة الظل "العمالية" جون ماكدونيل، إلى استكشاف نظام الدخل الأساسي الشامل على نحو تجريبي.
© The Independent