تبادل الرئيس الأميركي دونالد ترمب (72 سنة) ومنافسه الديمقراطي جو بايدن (77 سنة) خلال أول مناظرة تلفزيونية بينهما جرت مساء الثلاثاء (بالتوقيت المحلي لولاية أوهايو الأميركية) الاتهامات الشخصية وسط أجواء محمومة سادها توتر شديد ومقاطعة أحدهما للآخر.
ومنذ الدقائق الأولى للمناظرة بدا التوتر واضحاً، إذ قاطع الرجلان بعضهما بعضاً بشكل متكرر، مما دفع بنائب الرئيس السابق باراك أوباما إلى مخاطبة ترمب قائلاً له "هلا تخرس يا رجل!".
وفيما حاول المذيع كريس والاس بلا جدوى في بعض الأحيان السيطرة على المناظرة، تحدث المتنافسان في ذات الوقت وتبادلا الإهانات في مشاجرة سياسية مذهلة جعلت من الصعب على أي منهما توضيح وجهة نظره.
إهانات شخصية
كما نعت المرشح الديمقراطي الرئيس الساعي للفوز بولاية ثانية بأنه "كذاب" و"مهرج". وقال بايدن عن منافسه في استحقاق الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) إن "كل ما يقوله حتى الآن كذب. أنا لست هنا لأبرهن أكاذيبه. الكل يعلم أنه كذاب".
وأضاف "من الصعب أن يحظى المرء بفرصة لقول كلمة واحدة بوجود هذا المهرج، عفواً هذا الشخص". وتابع "أنت أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة". بدوره اتهم ترمب منافسه الديمقراطي بالافتقار إلى الذكاء وبأنه دمية في يد "اليسار الراديكالي".
وقال ترمب من على منصّة المناظرة في كليفلاند بولاية أوهايو مخاطباً نائب الرئيس السابق "أنت لا تمت إلى الذكاء بصلة، جو. 47 عاماً ولم تفعل شيئاً".
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) September 30, 2020
دمية بوتين
واتهم بايدن الرئيس الجمهوري بأنه دمية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال بايدن "أنا واجهت بوتين وجهاً لوجه، وأوضحت له أننا لن نقبل أياً من هذه الأمور"، متهماً ترمب بأنه "جرو بوتين. هو يرفض أن ينبس ببنت شفة عن المكافآت التي وضعت لقتل جنود أميركيين" في أفغانستان.
ووفقاً لوسائل إعلام أميركية عديدة فقد دفع عملاء للاستخبارات الروسية أموالاً لمقاتلين "قريبين من طالبان" لقتل جنود أميركيين.
وتبادل المرشحان هذه النعوت على مرأى من عشرات ملايين الأميركيين الذين تابعوا هذه المناظرة من على شاشات تلفزيوناتهم قبل 35 يوماً من الاستحقاق الرئاسي.
ووفقاً للبروتوكول الصحي المتبع بسبب كوفيد-19، استهلت المناظرة من دون أن يتصافح الرجلان السبعينيان عند وصولهما إلى المنصة، بل توجه كل منهما إلى مكانه.
Under this president, we have become weaker, sicker, poorer, more divided, and more violent.
— Joe Biden (@JoeBiden) September 30, 2020
When I was vice president, we inherited a recession, I was asked to fix it, and I did.
We left Donald Trump a booming economy, and he caused a recession. pic.twitter.com/uEMPaTtZ7F
المحكمة العليا
استهلت المناظرة بدفاع الرئيس الجمهوري عن قراره ترشيح القاضية المحافِظة إيمي كوني باريت للمحكمة العليا، بعد وفاة القاضية روث بادر غينسبورغ قبل أسابيع قليلة من الانتخابات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ترمب وقد ارتدى ربطة عنق مخططة حمراء داكنة "لقد فزنا في انتخابات 2016 ولنا الحق في ذلك. لدينا مجلس الشيوخ ولدينا البيت الأبيض ولدينا مرشحة استثنائية يحترمها الجميع". أما المرشح الديمقراطي الذي وضع ربطة عنق رفيعة بخطوط سوداء وبيضاء فسارع إلى القول "علينا الانتظار حتى نرى نتيجة هذه الانتخابات". وأضاف أن محكمة عليا تضم قضاة محافظين أكثر ستعرض قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة المعروف باسم "أوباما كير" للخطر.
وانطلقت المناظرة على مرأى من جمهور صغير كان في عداده زوجتا المرشحين ميلانيا ترمب وجيل بايدن، وقد وضعتا كمامات. وقال منظمون إن الحضور حوالي 80 شخصاً، بمَن فيهم أفراد عائلتي المرشحين وضيوفهما وموظفو الحملتين والمضيفون ومسؤولو الصحة والأمن والصحافيون. كما يُشار إلى أن المرشحين لم يتصافحا في بداية المناظرة التزاماً بقواعد التباعد الاجتماعي خلال جائحة كورونا.
جائحة كورونا
وسعى بايدن، الذي يتصدر استطلاعات الرأي، إلى ربط ترمب بشكل مباشر بجائحة كورونا التي أودت بأرواح أكثر من 200 ألف شخص في الولايات المتحدة، البلد الأكثر تسجيلاً للوفيات الناجمة عن الجائحة في العالم أجمع.
وقال المرشح الجمهوري مخاطباً الناخبين الأميركيين "كم منكم استيقظ هذا الصباح وكان لديه كرسي فارغ على طاولة المطبخ لأن أحدهم مات بسبب كورونا؟".
واستهزأ بايدن بترمب غامزاً من قناة أحد أكثر تصريحاته شهرة بقوله "ربما يمكنك حقن مبيض الملابس في ذراعك وهذا كفيل بعلاج" فيروس كورونا.
وهاجم بايدن بشدة أسلوب تعامل ترمب مع الجائحة، قائلاً إن الأخير "أصابه الذعر" وتقاعس عن حماية الأميركيين لأنه أكثر اهتماماً بالاقتصاد.
وقال بايدن عن ترمب الذي حض الدول على إعادة فتح اقتصاداتها وهون من خطر الوباء "لقد أصابه الذعر أو نظر إلى سوق الأسهم". وأردف قائلاً "مات كثيرون وسيموت عدد أكبر بكثير ما لم يصبح أكثر ذكاءً بكثير وأسرع بكثير".
واعترض ترمب على استخدام بايدن كلمة "ذكي"، وتوجه إليه قائلاً "أنت تخرجت إما الأخير أو الأخير في صفك الدراسي تقريباً. لا تستخدم كلمة ذكي أبداً معي. لا تستخدم هذه الكلمة مطلقاً".
ودافع ترمب عن أسلوب تعامله مع الوباء الذي أودى بحياة ما يربو على 200 ألف في الولايات المتحدة وأدى إلى خسارة ملايين الأميركيين لوظائفهم. وقال "لقد قمنا بعمل رائع... لكنني أقول لك يا جو، لم يكن بإمكانك أبداً القيام بالعمل الذي قمنا به".
احتمال تأخر الإعلان عن النتيجة
من جهة أخرى، اعتبر الرئيس الأميركي أن الانتخابات الرئاسية التي سيتواجهان فيها بعد 35 يوماً قد لا تُعرف نتيجتها "قبل أشهر" وذلك بسبب عمليات التصويت عبر البريد، متحدثاً عن رمي عدد كبير من تلك الأصوات واتلافها، بخاصة تلك التي أدلى بها عسكريون وتحمل اسمه.
وقال ترمب "ستحصل عمليات تزوير بشكل لم تروا مثيلاً له من قبل"، مضيفاً "قد لا نعرف (نتيجة الانتخابات) قبل أشهر".
في المقابل، تعهد المرشح الديمقراطي في ختام أول مناظرة رئاسية الاعتراف بالنتيجة.
وقال بايدن "سأقبل" نتيجة الانتخابات، مضيفاً "إذا لم أكن الفائز، سأعترف بالنتيجة"، واعداً في الوقت ذاته بأنه إذا ما فاز بالانتخابات فسيكون "رئيساً للديمقراطيين وللجمهوريين" على حد سواء.
أجواء مرافقة
وقبل ساعات من المناظرة، نشر بايدن الثلاثاء إقراراته الضريبية لعام 2019 ودعت حملته ترمب إلى القيام بالشيء نفسه. واتخذ بايدن هذه الخطوة بعد يومين من إعلان صحيفة نيويورك تايمز أن ترمب دفع 750 دولاراً فقط من ضرائب الدخل الاتحادية في عامي 2016 و2017، بعد الإبلاغ لسنوات عن تكبد شركاته خسائر فادحة.
ولم يدفع ترمب، بحسب الصحيفة، ضرائب على الدخل خلال عشر سنوات من آخر 15 عاماً. وسعى ترمب طويلاً إلى الحفاظ على سرية سجلاته المالية الشخصية.
وأظهرت إقرارات بايدن الضريبية أنه وزوجته جيل دفعا أكثر من 346 ألف دولار ضرائب اتحادية ومدفوعات أخرى لعام 2019، على دخل يقارب 985 ألف دولار قبل أن يسعيا لاسترداد ما يقرب من 47 ألف دولار قالا إنهما دفعاها أكثر مما كان ينبغي عليهما دفعه.
وقالت كيت بيدينجفيلد، نائبة مدير حملة بايدن، في اتصال هاتفي مع الصحافيين "هذا مستوى تاريخي من الشفافية يهدف إلى إعطاء الشعب الأميركي الثقة مرة أخرى في أن زعماءهم سيهتمون بهم، وليس بصافي دخولهم". وأضافت "سيدي الرئيس، أصدر إقراراتك الضريبية أو اخرس".
ومع إدلاء أكثر من مليون أميركي بأصواتهم في وقت مبكر بالفعل ونفاد الوقت أمام تغيير الآراء أو التأثير على شريحة صغيرة من الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم، فإن المناظرة بين المرشحين للبيت الأبيض تنطوي على مخاطر كبيرة قبل خمسة أسابيع من انتخابات الثالث من نوفمبر.