Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسالتي إلى المدخرين البريطانيين ألا يقلقوا في شأن معدلات الفائدة

الحكومات أكبر حجماً منا، لكن الأفق الزمني أمامنا أطول لأننا لسنا في حاجة إلى أن يعاد انتخابنا

ما زالت الآمال معقودة على حدوث انتعاش اقتصادي بعد جائحة كورونا (غيتي) 

ماذا يجب على المدخرين أن يفعلوا الآن؟

في بريطانيا، ارتفع الدين الوطني إلى أكثر من 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومنذ مطلع العام اقترضت الحكومة المبلغ نفسه كما بعد انهيار عامي 2008 و2009. ولا نعلم المستوى الذي سيبلغه العجز، فنسبة الـ100 في المئة تزداد فداحةً بسبب انهيار الناتج المحلي الإجمالي، لكن جهداً يستمر خمس سنوات سيكون مطلوباً لخفض العجز إلى نوع من التوازن. 

ويبدو من المنطقي توقع استقرار الدين الوطني بين 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في حال حصول انتعاش اقتصادي قوي، و110 في المئة أو أكثر إذا لم يحصل. وسيكون هذا المستوى أعلى نسبة للدين إلى الناتج المحلي الإجمالي منذ ستينيات القرن العشرين، حين كنا بصدد دفع الديون التي تراكمت خلال الحرب العالمية الثانية.

ويرى بعض الأكاديميين، أن الديون الحالية ليس واجباً تسديدها، وحالات العجز ليست مهمة. لكن، في العالم الحقيقي تكون [الديون] مهمة. في الآونة الأخيرة، يشهد البلَدان المتقدمان اللذان سجلا الرقمين الأكثر ارتفاعاً في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهما اليابان (240 في المئة) وإيطاليا (140 في المئة)، أبطأ معدلين في النمو الاقتصادي. 

إن العلاقة المعنية سيف ذو حدين، إذ يُصعِّب النمو البطيء تقليص الدين. وعلى الرغم من عدم وجود سقف معين للديون، وبوسع الولايات المتحدة أن تفلت بديون مرتفعة بسبب قوة الدولار، ستضطر الحكومات في كل مكان آخر إلى اتباع مسار في خفض الديون.

ماذا تفعلون حين يكون اقتراضكم مفرطاً؟ تحاولون إبقاء معدلات الفائدة منخفضة. ويُفضَّل الحفاظ عليها عند مستوى أدنى من معدل التضخم، مثلما فعلت الحكومات في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، حين كانت تمول ديون الحرب. فقد كانت المرحلة ممتازة للمقترضين، لاسيما أولئك الذين اشتروا منزلاً في مقابل رهن عقاري، وكانت سيئة للمدخرين، بخاصة لأولئك الذين اشتروا ديوناً حكومية.

وسنمر بمرحلة مماثلة أخرى الآن. في المقابل، قد لا تكون التشابهات دقيقة أبداً في المجال المالي، وإلا لصار كل شيء سهلاً. لكنني أعتقد أننا نستطيع أن نفترض أن الحكومات ومصارفها المركزية ستنجح في إبقاء معدلات الفوائد قريبة من الصفر خمسة أعوام أخرى، وأنها ستواصل العثور على أعذار لإنشاء كميات كبيرة من السيولة. وسيغرق العالم في المال، لكنني أخشى أن هذا المال لن يتوافر حيث يجب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ففي نهاية المطاف، سيغذي هذا المال تضخم أسعار البضائع والخدمات، لكننا لا نستطيع أن نعرف إلى متى سيستمر ذلك. وأعتقد أن المرحلة ستمر بأسرع مما يتوقعه الناس، على الرغم من أن ظني قد لا يكون صائباً. وفي هذه الأثناء، سيواجه كل شخص يملك مدخرات أو يحاول أن يدخر، تحدياً ضخماً. فماذا يمكنكم فعله في ضوء سعي الحكومات والمصارف المركزية إلى خفض مكاسبكم؟

في العقدين الأولين بعد الحرب العالمية الثانية، سادت قاعدة عامة مفادها أن الناس لو استطاعوا سبيلاً إلى شراء منزل في مقابل رهن عقاري، عليهم أن يفعلوا. وأضافت الحكومات المتعاقبة حوافز لامتلاك المنازل، بما في ذلك إعفاءات على ضريبة الدخل ضمن مدفوعات الفوائد على الرهون. 

ووراء ذلك، كان عدم امتلاك سندات حكومية، بغض النظر عن احتمال عدم وطنية الخطوة، قاعدة جيدة أخرى. وبدلاً من ذلك، تبين أن الاستثمار البعيد الأجل في الشركات البريطانية الكبرى، أو ما يُسمى مذهب الأسهم، كان منطقياً جداً. من جهة أخرى، توجب عليكم اختيار القطاعات التي ستزدهر، والابتعاد عن تلك التي شرعت في التراجع كقطاع تصنيع السيارات.

والآن؟ لا تزال القاعدة الأولى صحيحة. وعلى الرغم من المشاكل الواضحة في أجزاء من السوق العقارية، لا تزال الأسعار الإجمالية للبيوت في المملكة المتحدة عند مستوى قياسي مرتفع. وكذك لا تزال القاعدة الثانية المتعلقة بتجنب الدين الحكومي صالحة أيضاً. لكن المشكلة تتمثل الآن في وجهة استثمار النقود الفائضة.

من جهة، تبدو الأمور أسهل الآن بالمقارنة مع حالها في سنوات ما بعد الحرب. إنها أسهل لأننا نستطيع الاستثمار في الخارج. ففي ذلك الوقت [سنوات ما بعد الحرب] وُجِدت قيود على إخراج المال من البلاد، بما في ذلك الاضطرار إلى شراء عملة استثمارية ضمن سلة عملات، في مقابل معدلات غير مناسبة في العادة. وقد يصعب تخيل الأمر الآن، لكن الضوابط على صرف العملات استمرت حتى 1979، أي لأكثر من 30 سنة بعد انتهاء الحرب.

من جهة أخرى، تبدو الأمور أصعب بسبب السور المالي الضخم، الذي رفع أسعار السندات العالمية، لاسيما في الولايات المتحدة. ومع بعض الاستثناءات، لا تزال الأصول البريطانية غير جذابة إلى حد كبير، ويصح الأمر أكثر على الجنيه الإسترليني، لأسباب كثيرة وواضحة. إذ يبدو الوقت صعباً بالنسبة إلى أي شخص كي يكسب ماله بالجنيه ويدخره به.

في ذلك الإطار، يجدر تذكر أن الموضة في عالم المال تتغير كما في أي عالم آخر. هل تذكرون سنوات الإطناب في عهدي طوني بلير، وغوردون براون؟ لقد صدق الناس ما قيل. وفي2007، أي قبل الانهيار [المالي العالمي] فاق سعر الجنيه الدولارين. لذلك فالرسالة التي أقترحها على المدخرين تتمثل في الانتظار وعدم القلق. وزعوا المخاطر، وضعوا جانباً أرباحكم من الأسهم، واعتمدوا على الفائدة المركبة لبناء مدخراتكم.

إن الحكومات أكبر حجماً منا، لكن الأفق الزمني أمامنا أطول، فنحن لسنا في حاجة إلى أن يُعاد انتخابنا.

© The Independent

المزيد من اقتصاد