بعد ساعات قليلة من سقوط صواريخ في أربيل، عاصمة إقليم كردستان على مقر لفصيل كردي إيراني متمرد قرب المطار الدولي، حيث يتمركز جنود أميركيون، حملت سلطات الإقليم هيئة الحشد الشعبي المسؤولية عن الهجوم.
وأكّدت سلطات الإقليم، الأربعاء 30 سبتمبر (أيلول)، أن الصواريخ كانت تستهدف القوات الأميركية لكنها أخطأت هدفها ولم تتسبب بأضرار.
وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم أن قوات الحشد الشعبي، وهي تحالف الفصائل الموالية لإيران والتابع رسمياً للحكومة العراقية، قد أطلقت ستة صواريخ من مشارف قرية الشيخ أمير في محافظة نينوي مستهدفة قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في مطار أربيل الدولي.
وأضاف الجهاز أن أربعة صواريخ سقطت على مشارف مجمع المطار وأن اثنين لم ينفجرا.
وأعلنت وزارة الداخلية في حكومة الإقليم الكردي أن الصواريخ أطلقت من على متن شاحنة صغيرة من مكان يقع "ضمن حدود اللواء 30 للحشد الشعبي".
وأكدت الوزارة، في بيان، استعداد سلطات الإقليم "لردع أي اعتداء"، وطالبت بغداد "باتخاذ التدابير اللازمة".
الجيش العراقي يوقف آمر القوة المسؤولة
إثر ذلك، أعلن التحالف الدولي أنه باشر التحقيق في الحادث. فيما أوقف الجيش العراقي "آمر القوة المسؤولة عن المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ، وجرى فتح تحقيق فوري".
وحمل الجيش العراقي، في بيان، "مجموعة إرهابية" مسؤولية الهجوم، كاشفاً أن الهجوم انطلق من محافظة نينوى في الشمال باستخدام "راجمة صواريخ" على ظهر مركبة.
وندد رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور البرزاني بالهجوم، داعياً رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي إلى محاسبة الجناة.
وكتب البرزاني على تويتر أن "حكومة إقليم كردستان لن تتهاون مع أي محاولة لتقويض استقرار كردستان وردنا سيكون قوياً".
وعلق وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري على هذه الحادثة، عبر تويتر، قائلاً إنها تعكس "تصعيداً... من قبل الجماعات نفسها التي تهاجم السفارة الأميركية".
سيناريو بنغازي
ويأتي الهجوم عقب تهديد واشنطن بغلق سفارتها في بغداد وسحب قواتها من العراق إذا لم تتوقف هذه الهجمات.
وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، خلال مؤتمر صحافي في بغداد، الأربعاء، إن حكومة بلاده "غير سعيدة بالقرار الأميركي"، محذراً من أن "الانسحاب الأميركي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانسحابات" من دول أخرى تشارك في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش. الأمر الذي سيكون "خطيراً لأن داعش يهدد العراق والمنطقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر وزير الخارجية العراقي أن "الهجمات ضد السفارات هجوم على الحكومة"، لافتاً إلى أن "السفارات الموجودة في بغداد تقع في ظل مسؤولية الحكومة الاتحادية، وهي مسؤولة عن حماية البعثات الدبلوماسية، وهذه الاعمال ليست مقاومة بل هي هجوم على سيادة العراق وأمنه".
وأشار حسين إلى أن "البعض في واشنطن يستحضر بنغازي"، في إشارة إلى مقتل أربعة أميركيين بينهم السفير في هجوم استهدف ممثلي البعثة الدبلوماسية في المدينة الليبية عام 2012.
أضاف "لكنه تحليل خطأ، وهذا القرار خطأ". وآمل أن "تتراجع الولايات المتحدة عن قرارها" الذي يعد في الوقت الحالي "مبدئياً".
وقد يشكل هكذا انسحاب في حال حصوله ضربة شديدة لرئيس الوزراء العراقي الذي لم يمضِ شهران بعد على زيارته واشنطن ولقائه الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض.
ولم تؤكد واشنطن من خلال مسؤوليها الرسميين اتخاذ قرار بإغلاق سفارتها في بغداد، بينما يرى خبراء أن الإدارة الأميركية "تلعب من جديد" ورقة العراق في خضم الانتخابات.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف شدد خلال استقباله حسين في طهران، السبت، على ضرورة حماية المراكز الدبلوماسية في العراق.
39 هجوماً
ولطالما اعتبرت كردستان المكان الآمن الوحيد في العراق للقوات الدولية والدبلوماسيين الأجانب.
ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019 حتى نهاية يوليو (تموز)، استهدف 39 هجوماً بصواريخ مصالح أميركية في بغداد وقواعد عراقية تضم جنوداً أميركيين.
وبدا أن وتيرة الهجمات تسارعت عقب زيارة الكاظمي إلى واشنطن في أغسطس (آب). واستهدفت إضافة إلى السفارة الأميركية، قواعد عسكرية وقوافل لوجستية لشركات محلية تعمل لحساب الجيش الأميركي وحلفائه في التحالف المناهض لتنظيم داعش.
وسقط صاروخ، مساء الإثنين، على منزل عائلة تسكن قرب مطار بغداد، حيث يوجد جنود أميركيون. مما أسفر عن مقتل خمسة أطفال وامرأتين من عائلة واحدة. الأمر الذي أدى إلى موجة غضب واسعة في العراق.
وغالباً ما تتبنى هذه الهجمات فصائل تشكلت قبل مدة قصيرة، تدعو إلى طرد "الاحتلال الأميركي" من العراق، فيما هناك شبهات حول دعمها من أحزاب وفصائل موالية لإيران وتلعب دوراً بارزاً في المشهد السياسي في البلاد منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
وتواصل حكومة بغداد تحت ضغط واشنطن، تهديد مهاجمي السفارات. ووعدت مجدداً، الأربعاء، 25 ممثلاً لدول عربية وغربية، بينهم أميركيون، باتخاذ إجراءات مشددة بالخصوص.
لكن الغموض يغطي هذه التصريحات، إذ إن الإعلان عن اعتقالات في بعض الأحيان لا يترافق وتقديم السلطات أي تفاصيل عن المهاجمين الذين اعتقلوا.