أوقفت الشرطة الجزائرية، رجل الأعمال علي حداد على الحدود الجزائرية التونسية، في ساعة متقدمة من فجر الأحد (الثالثة صباحا)، وهو رجل أعمال مقرب من السعيد بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، في مركز "أم الطبول" شرق محافظة الطارف والمطل على مدينة طبرقة التونسية.
هذه الواقعة تؤكد معطيات عن منع عشرات من رجال الأعمال والشخصيات المالية من مغادرة البلاد، وفق لائحة "أمنية" وزعت على عدد من المصالح عبر المطارات، الموانئ والمعابر الحدودية البرية.
وذكر مصدر أمني رفيع لـ "اندبندنت عربية" أن حداد غادر العاصمة الجزائرية، مساء السبت، وكان تحت مراقبة عناصر أمنية، تابعت مساره من العاصمة برا ًإلى الحدود التونسية (حوالي 650 كلم)، وجاء قرار حداد مغادرة البلاد، بعد تلويح قيادة الجيش في اجتماع عقد مساء السبت المنصرم، بمتابعة من سمتهم "جهات تعمل على ضرب صدقية الجيش عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي".
وذكر المصدر نفسه، أن حداد كان يعلم بقرار منعه من السفر إلى الخارج، وحاول بناء على وساطات المغادرة عبر مطار العاصمة، لذلك اهتدى إلى فكرة استعمال جواز السفر البريطاني، عبر "أم الطبول" وهو أكبر معبر بري حدودي جزائري، باتجاه الأراضي التونسية.
وحتى منتصف النهار، ظل حداد على مستوى شرطة الحدود، في انتظار تعليمات بالإفراج عنه أو اعتقاله، إذ يواجه قراراً بالمنع من السفر فقط، من دون تهمة قضائية واضحة.
ووفق ما علمت "اندبندنت عربية" فإن رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، كان أشار إلى حداد ضمن مجموعة من الشخصيات التي "تستهدف مصداقية عرض الجيش تفعيل آلية شغور منصب الرئيس بوتفليقة"، واتهمه أمام كبار ضباط (قادة القوات المسلحة وقائد الناحية العسكرية الأولى)، بالضلوع في "تحريض شبكات على مواقع التواصل الاجتماعي للتشويش على المؤسسة العسكرية".
كما ذكر المصدر، أن حداد، جمع التجهيزات "السمعية البصرية" التي سلّمها لإدارة حملة الرئيس بوتفليقة، قبل إلغاء الانتخابات، وكان أسهم حداد بتجهيزات حديثة لقناة "الإستمراريةّ" التلفزيونية، التي لم تر النور، ثم استعادها.
وقال مصدر يتابع نشاط حداد " رجل الأعمال المعني (علي حداد) كلّف فريقاً بإعداد ومضات إشهارية تمس عددا كبيرا من الشخصيات من ضمنهم مسؤولون عسكريون"، وتابع "أُعدَّ الكثير من الومضات بتقنيات عالية لبثها لاحقاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وأفضى اجتماع رئيس أركان الجيش، مع قادة القوات المسلحة، بتعليمات واضحة بـ"التزام أعلى درجات التأهب"، مع ربطهم بخط مباشر مع "قيادة الأركان".
وعلمت "اندبندنت عربية"، أن خلاف قيادة الأركان، يمتد إلى قيادة المخابرات ومسؤولها بشير طرطاق (عثمان)، لذلك يقترح قايد صالح، تعيين الجنرال يوسف "بوزيت" الذي أُنهيت مهامه قبل أيام من على رأس "المخابرات الخارجية"، إذ يُعتقد أن قايد صالح لم يستشر في ذلك التعيين لما استخلف الجنرال "يوسف" بالجنرال المحال على التقاعد "بن داود".
الجيش يرفع السقف
وبات واضحا أن الفريق أحمد قايد صالح، قد رفع سقف التجاوب مع الشارع عالياً، بإقحامه نصوص المادتين، 7 و8 في الدستور الجزائري، إلى جانب المادة 102، ومعنى ذلك أن قايد صالح يقترح شغور منصب بوتفليقة ثم الانتقال لتفعيل شعار "ترحلون جميعكم".
وتنص المادة 7 على ان " الشّعب مصدر كلّ سلطة... السّيادة الوطنيّة ملك للشّعب وحده "، أما المادة 8 فتنص على ان "السّلطة التّأسيسيّة ملك للشّعب. يمارس الشّعب سيادته بواسطة المؤسّسات الدّستوريّة الّتي يختارها. يُمارس الشّعب هذه السّيادة أيضا عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثّليه المنتخَبين. لرئيس الجمهوريّة أن يلتجئ إلى إرادة الشّعب مباشرة".
وتالياً فإن المؤسسة العسكرية، ترفض تماماً الخروج عن نص الدستور، في سياق الحلول المقترحة للخروج من الأزمة، بمقابل تفعيل جميع المواد الدستورية، التي تتيح التخلص من رموز النظام والمؤسسات التي ترتبط به، بمعنى أن قايد صالح يعترض على استخلاف بوتفليقة، ببن صالح، رئيس مجلس الأمة، أي إعلان شغور منصب الرئاسة، والانتقال الى قرارات سياسية واسعة يكون الجيش إما طرفا مباشراً أو ضامناً لعملية انتقال السلطة.
ولعل تفعيل المادة 102، وبالتالي تنحية بوتفليقة يمكن أن تكون بداية فعلية لحل الأزمة، ويمكن بعدها تطبيق مواد دستورية أخرى على غرار المادتين 7 و8، مما قد يتيح حلاً توافقياً تتقبله غالبية الشعب، إلا أن موقف المجلس الدستوري، ما زال غامضاً وغير واضح، إذ يشكل الهيئة الدستورية الوحيدة التي يستوجب عليها تفعيل المادة 102.
والطيب بلعيز، شخصية مقربة من الدائرة الرئاسية منذ أولى سنوات حكم بوتفليقة، وتقول مراجع موثوقة إن المجلس الدستوري، تلقى ضغوطات كبيرة للاجتماع هذا الأسبوع، بينما يقترح قايد صالح، وبشكل فيه كثير من الإصرار، ضمان خروج مشرف لـ "صديقه" عبد العزيز بوتفليقة.
ويدفع الفريق قايد صالح، لإعلان حالة الشغور، ثم تنظيم زيارة ميدانية لبوتفليقة للمسجد الأعظم ومطار الجزائر الدولي الجديد، وكلاهما يطمح بوتفليقة لتدشينهما وفق تعبير عدد كبير من المسؤولين، وأقصى ما يتمناه صالح، خروج الجزائريين لتحية بوتفليقة تزامنا مع هذه المناسبة.