أثار وزير في الحكومة البريطانية رد فعل غاضباً لدى الشركات في قطاع الأعمال بعد اتهامها باتباع سياسة النعامة و"دفن رأسها في الرمال"، تغاضياً عن مهامها الاستعدادية ليوم الخروج البريطاني النهائي من الاتحاد الأوروبي مطلع يناير (كانون الثاني) المقبل. وحذر من أن شركات المملكة المتحدة قد تكون في وضع حرج نتيجة لذلك.
وفي وقت لم يتبق فيه سوى 80 يوماً تقريبا على اكتمال المرحلة الانتقالية لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي واعتمادها ترتيبات ما بعد "بريكست"، وبينما لم يتم التوصل إلى أي اتفاق تجاري مع بروكسل، أبلغ اللورد ثيودور أغنيو وزير الدولة في الحكومة إحدى لجان مجلس العموم، أن آلاف المصدرين البريطانيين لم يستحصلوا بعد على رقم "تسجيل وتحديد المشغل الاقتصادي" للتداول Economic Operator Registration and Identification، حيث إن هذا الرقم ضروري لمواصلة بيع منتجاتهم وسلعهم في دول الاتحاد الأوروبي.
وأشار وزير الدولة البريطاني للشؤون المالية ومكتب مجلس الوزراء إلى "وجود نوع من التهاون حيال وجوب تعجيل الخطى من جانب عدد كبير جداً من التجار".
لكن تيم ريكروفت رئيس العمليات في "اتحاد الأغذية والمشروبات" رد على اللورد أغنيو قائلاً "لا أعتقد أن كلام الوزراء دقيق ومفيد عندما يجزمون بأن رجال الأعمال لم ينخرطوا في مرحلة بريكست".
وأضاف "إذا كانت رؤوس بعض التجار مدفونة في الرمال، فإن ذلك يعود إلى أنهم بعد أشهر عديدة من الشعور بالإحباط انتظاراً لحصولهم على بعض الإجابات الحاسمة، لعلهم ارتأوا أنه يمكنهم الحصول عليها في الرمال أكثر منه لدى الحكومة".
من جهتها أوضحت إليزابيث دي يونغ، مديرة وضع السياسات في هيئة متعهدي النقل التجاري في المملكة المتحدة Logistics UK، أنه "بدلاً من تجاهل الخروج البريطاني المقبل من الاتحاد الأوروبي، فإن هيئتنا دعت أعضاءها بشكل استباقي إلى التأكد من أنهم وعملاءهم باتوا جاهزين قدر الإمكان للتعامل مع الظروف المستجدة للتجارة التي سنواجهها".
أما جوش هاردي نائب المديرة العامة لـ"اتحاد الصناعة البريطانية" CBI، فقد أكد من جهته أن "الشركات تبذل قصارى جهدها للتحضير لمرحلة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي. لكنه أشار إلى أنها تواجه في المقابل، ثلاثة تحديات حاسمة وغير مسبوقة، وهي أولاً إعادة بناء نفسها بعد الموجة الأولى من وباء (كوفيد – 19)، ثانياً، التعامل مع تجدد انتشار الفيروس، وثالثاً، الشعور بعدم اليقين في ما يخص مستقبل العلاقة التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد أن "أكثر من ثلاثة أرباع الشركات تريد التوصل إلى صفقة تجارية من شأنها أن تدعم وظائف الناس ومصادر رزقهم في ظل هذه الظروف العصيبة. وقد يكون الاتفاق على تلك الصفقة مع بروكسل خلال الأسابيع المقبلة أفضل طريقة للمساعدة في إتمام هذه الاستعدادات".
اللورد أغنيو أبلغ "لجنة الخزانة" التابعة لمجلس العموم أن الشركات التي لا تقوم بإعداد أوراقها تخاطر بإعادة شاحنات بضائعها من الموانئ، حيث ستضطر من ثم إلى الانتظار مدة 36 ساعة في مواقع احتجاز الشاحنات كتلك الموجودة في مهبط مانستون، وذلك طيلة فترة مراجعة الإجراءات الروتينية.
الوزير أغنيو الذي هو أيضاً عضو في مجلس اللوردات، وصف الترتيبات الجمركية بأنها "في وضع جيد بدرجة معقولة" تحضيراً للانتقال إلى شروط ما بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في مطلع يناير المقبل، مع إرساء أنظمة كمبيوتر جديدة "باتت جاهزةً للعمل إلى حد كبير". وأعرب في المقابل عن قلقه من أن الجانب الفرنسي على الطرف الآخر للقناة "لن يكون على الجهوزية نفسها التي نرغب في توافرها".
لكنه قال إن التطبيق الذكي لإجراءات الشحن الذي يتيح للسائقين إدراج مستنداتهم ومعالجتها عبر هواتفهم النقالة لم "يطلق لإجراء اختبارات تجريبية" إلا هذا الأسبوع.
وقال للجنة البرلمانية متعددة الأحزاب "إن أكثر ما يقلقني هو مدى جهوزية التجار واستعدادهم للمرحلة المقبلة. فقد اعتمدوا نهجاً من التلكؤ هو أشبه بـ (دفن رأس النعامة في الرمال). والأمر الذي زاد من تعقيد الأمور هو ما يمكن أن أسميه ضربة رباعية ناجمة عن إنذارين كاذبين- تمديدان في اللحظة الأخيرة- تلاهما تفشي وباء كوفيد – 19، وفترة الركود الاقتصادي الراهنة. إن التجار ليسوا على استعداد أو على جهوزية كافية كما ينبغي".
وعبر اللورد أغنيو عن أمله في أن تساهم تعليقاته في "إطلاق تنبيه جديد للتجار" لتحذيرهم من أن شركاتهم هي التي ستكون في وضع حرج اعتباراً من مطلع يناير، وأنه يتعين عليهم الاضطلاع بمسؤولياتهم الاستعدادية بطريقة أكثر فاعلية".
واستمعت اللجنة البرلمانية في المقابل إلى معلومات تفيد بأن نحو 250 ألف مصدر بريطاني لا يبيعون منتجاتهم خارج نطاق الاتحاد الأوروبي، وليست لديهم أي خبرة في الإجراءات البيروقراطية التي ستدخل حيز التنفيذ بعد خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية. ومن بين الإشكالات المطروحة، هناك ما لا يقل عن 40 ألفاً من هؤلاء المصدرين، لم يتقدموا بعد للحصول على رقم "تسجيل وتحديد المشغل الاقتصادي" EORI، وهو شرط أساسي مطلوب كي يتمكنوا من مواصلة تصدير سلعهم.
وفيما أشار وزير الدولة البريطاني للشؤون المالية ومكتب مجلس الوزراء إلى أنه كان يأمل أن يصبح تطبيق الهاتف الذكي جاهزاً لطرحه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إلا أنه وصف هذا التطبيق بمثابة "الطبقة السكرية التي تزين الكعكة" بالنسبة للنظام الجديد الذي سيعتمد على الحدود.
وفي جواب عن سؤال حول ما إذا كان عدم جاهزية التطبيق في الوقت المناسب سيسبب "مشكلة كبيرة للتجار الذين سيشحنون بضائعهم من مرفأ دوفر"، قال اللورد أغنيو "إن هذا الكلام صحيح للغاية".
ولفت وزير الدولة البريطاني إلى أن الآمال في منع حدوث ازدحامات في الموانئ الكبرى للقناة الإنجليزية، سيعتمد جزئياً على استفادة الشركات التجارية من التجربة المؤلمة التي سيمرون بها والمتمثلة في حالات من التأخير الطويل، وفي دفع غرامات لعدم حيازتهم المستندات الصحيحة.
وأضاف قائلاً "كي أكون أكثر صراحةً في هذا الإطار، كم من مرة يمكن لأحد سائقي الشاحنات المتوجهين إلى كينت، أن يتعرض لدفع غرامة مقدارها 300 جنيه إسترليني (أي حوالي 390 دولاراً أميركيا)، وأن يجبـر على ركن شاحنته في مانستون لمدة 36 ساعةً منتظراً أن ينظر في مستنداته؟ آمل ألا يتعرض لذلك أكثر من مرة. إن نتيجة عدم الاستعداد ستكون على الشكل التالي: تتقدم إلى المرفأ، فتحصل على غرامة، وتجبـر على ركن حافلتك في باحة الانتظار أثناء قيام السلطات المعنية بمراجعة أوراقك، الأمر الذي من شأنه أن يسبب ازدحاماً، وقد تعيدك تلك السلطات إلى عقر دارك لأنها لا تستطيع البت في (مطابقة) مستنداتك (للمعايير)".
وفي الختام أشار اللورد أغنيو إلى أن مركز احتجاز قرابة 4 آلاف شاحنة في مانستون "لم يكن موقعاً جغرافياً جيداً على وجه التحديد" لاستيعاب الآليات الآتية من ميناء دوفر، وهو "جاهز بنسبة 85 في المئة فقط للمباشرة في العمل". وقد تبلغ نواب اللجنة أنه أنشئ مراكز داخلية أخرى، كتلك الموجودة في مدينتي إيبسفليت وآشفورد في مقاطعة كينت.
© The Independent