مجدداً وبعد مناظرة أولى سادتها الفوضى وفي ظل قواعد جديدة صارمة، يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، في مناظرة تلفزيونية ثانية قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وسط احتجاج من حملة ترمب واتهامات بالتحيز السياسي لصالح بايدن.
وتطالب حملة ترمب لجنة المناظرات الرئاسية بتعديل مواضيع المناقشة النهائية، المقررة الخميس، في جامعة بيلمونت في ولاية تينيسي، ليتم التركيز على السياسة الخارجية. وكتب بيل ستيبين، مدير حملة ترمب، خطاباً إلى لجنة المناظرات الرئاسية، معرباً عن اعتراضات على الموضوعات التي أعلنت عنها مديرة المناظرة ومراسلة شبكة "أن بي سي" الإخبارية كريستين ويلكر الأسبوع الماضي، قائلاً إن اللجنة يجب أن تراعي "العرف الطويل الأمد" من خلال جعل السياسة الخارجية محور النقاش.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتأتي رسالة مدير حملة ترمب بعد أيام من إعلان ويلكر أن مواضيع النقاش ستكون مكافحة فيروس كورونا والعائلات الأميركية والعرقية في أميركا وتغير المناخ والأمن القومي والقيادة. وفي حين لا يهدد خطاب ستيبين بالانسحاب من المناظرة، لكنه قد يثير تساؤلات حول خطط الرئيس الأميركي للظهور إذا لم توافق اللجنة على تعديل الموضوعات.
وبحسب صحف أميركية، فإنه من المعتاد في المناظرات التلفزيونية التي تعقد بين المرشحين للانتخابات الرئاسية أن تكون السياسة الخارجية محور نقاش رئيس، لكن لجنة المناظرات الرئاسية أعلنت في يونيو (حزيران) الماضي، أن مدير الجلسة هو المخول باختيار موضوعات النقاش، وأن هذا ما تم اتباعه في مناظرات 2012 و2016.
اتهامات بالتحيز
واتهم ستيبين بايدن بأنه يريد بشدة تجنب النقاش حول سجل سياسته الخارجية، قائلاً إن اللجنة كانت تحاول تغيير مسار المناقشة النهائية من أجل "فصل بايدن عن تاريخه". وكتب في خطابه "لقد حولت تصرفات اللجنة المؤيدة لبايدن، موسم المناظرات بأكمله إلى إخفاق تام، ولا عجب في سبب فقدان الجمهور الثقة في موضوعيتها".
في المقابل، تقول حملة بايدن إنه كان هناك اتفاق مسبق على اختيار مدير المناظرة موضوعاتها، وأن حملة ترمب لا تقول الحقيقة حتى يتمكن الرئيس من تجنب الأسئلة حول تعامل إدارته "الكارثي" مع كورونا.
وقال تي جيه دكلو، المتحدث باسم حملة بايدن، "اتفقت الحملات واللجنة قبل أشهر على أن مدير المناظرة سيختار الموضوعات. حملة ترمب تكذب بشأن ذلك، فهو يخشى مواجهة مزيد من الأسئلة حول رده الكارثي على أزمة كورونا. كالعادة، يهتم الرئيس بقواعد المناقشة أكثر من اهتمامه بتزويد أمة في أزمة بالمساعدة التي تحتاجها".
ترمب يهاجم ويلكر
وفي تغريدة على حسابه السبت الماضي، كتب ترمب عن كريستين ويلكر، "لقد كانت دائماً فظيعة وغير عادلة، تماماً مثل معظم مراسلي وسائل الإعلام المزيفة، لكنني سأستمر في ممارسة اللعبة".
وويلكر، المولودة لأبوين ديمقراطيين، هي مراسلة شبكة "أن بي سي نيوز" لدى البيت الأبيض. كما كانت مراسلة البيت الأبيض عام 2011 خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وقد غطت الانتخابات الرئاسية لعام 2008 وأجرت مقابلة مع أوباما وهيلاري كلينتون وجون ماكين. ووصفت هذا العمل بأنه محوري في مسيرتها المهنية في الشبكة الأميركية.
وخلال انتخابات عام 2016، غطت ويلكر حملة كلينتون، حيث وصفتها مجلة غلامور بأنها "لاعب رئيس" في ملف "نساء انتخابات 2016". وتم ترشيحها لجائزة إيمي عن تقاريرها خلال انتخابات التجديد النصفي لعام 2010، وفازت بالجائزة عن تغطيتها لحادث اختفاء رحلة الخطوط الجوية الماليزية عام 2014.
غضب مُبرر
غضب ترمب وحملته من إقصاء قضايا السياسة الخارجية من المناظرة الأخيرة، له ما يبرره. إذ إنه على الرغم من إخفاقه في ملف الوباء الذي يمثل أرضاً صلبة لخصومه لمهاجمته، إلا أنه على صعيد السياسة الخارجية استطاع الرئيس الأميركي تحقيق نجاحات كبيرة ربما تمثل إحراجاً للإدارة السابقة التي جاء منها بايدن.
وتقول "فورين بوليسي" الأميركية، إنه على الرغم من الفوضى، حققت إدارة ترمب بعض الانتصارات الكبيرة في الخارج. وتشير إلى أن صعوده إلى البيت الأبيض، أذهل مؤسسة الأمن القومي في واشنطن وأطلق العنان لمناقشات محمومة حول مصير النظام الدولي الليبرالي والهيمنة الأميركية ومستقبل الديمقراطية. وتساءل الحلفاء عما إذا كان الرئيس الأميركي سيتخلى عن الناتو أو يبدأ حرباً مع كوريا الشمالية أو يقضي على نظام التجارة الدولية.
وتضيف أنه بعد أربع سنوات لا تزال التحالفات قائمة، وتظل القوة الصارمة للولايات المتحدة منقطعة النظير واستطاع ترمب بمهارة تجنب أي أخطاء عسكرية جديدة باهظة الثمن مثل الحرب في العراق أو التدخل في ليبيا عام 2011. حتى أن بعض أشد منتقديه يعترفون بأن إدارته حققت بعض النجاحات المهمة في السياسة الخارجية، وعلى الأخص تجاه الصين والشرق الأوسط.
انتصارات
وبحسب مراقبين، فإنه يمكن تصنيف نجاحات ترمب في السياسة الخارجية على أنها انتصارات كبيرة وانتصارات حزبية. وتعتبر ريبيكا هاينريشس، من معهد هدسون في واشنطن، مواجهة ترمب مع الصين ضمن الانتصارات الكبيرة، حيث عارضت إدارته عمليات النفوذ الصينية وزادت الوعي العالمي بالتهديد الذي تشكله التكنولوجيا الصينية سريعة التطور، بخاصة في الجيل التالي من الاتصالات المحمولة. كما اتخذت خطوات لتقليل اعتماد الولايات المتحدة على الصين للحصول على المواد الأساسية اللازمة للأمن الاقتصادي والوطني.
وبحسب "فورين بوليسي"، فإنه بالعمل من خلال مجموعة "رباعية" للمحيطين الهندي والهادئ، نسقت إدارة ترمب السياسة الإقليمية مع الهند واليابان وأستراليا. كما وضعت الأساس لخطط طموحة لزيادة حجم البحرية الأميركية إلى أكثر من 350 سفينة - أو ربما حتى 500 - وهي خطة طويلة الأجل رحب بها بعض صقور الدفاع مع تنامي التهديد العسكري من الصين.
وفي الشرق الأوسط، تحظى إدارة ترمب بالفضل في توقيع اتفاقيتي سلام بين إسرائيل واثنين من أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، الإمارات والبحرين. وهو الأمر الذي أشاد به المشرعون الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء. وفي واحدة من الانتصارات الحزبية، أوفى ترمب بوعده في حملته الانتخابية بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، على الرغم من أن الأمر يواجه انتقادات ممن يرون أن الخطوة دفعت إيران لاستئناف البرنامج النووي. كما يُعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي كان يُنظر إليه على أنه مهندس شبكة إيران من الميليشيات الخطيرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، انتصاراً آخر.