وصفت مصادر سياسية إثيوبية خطاب رئيس الوزراء آبي أحمد حول الموقف السياسي والاقتصادي في بلاده، بأنه دعم للمسار السياسي الذي تسير عليه الحكومة، وما تحققه من استقرار على المستوى الفيدرالي. وأكدت المصادر أنه، على الرغم مما شهدته الفترة الماضية من تفاعلات سلبية، فإنها لم تكن لها انعكاس على المسار الاقتصادي الناجح، مشيرةً إلى عزم الحكومة الإثيوبية على المضي في سياسة الانفتاح والمزيد من التوجه الفيدرالي، الذي ينعكس قراراً سياساً وتوطيناً اقتصادياً لمشاريع حكومية في مختلف الأقاليم العشر.
تحديات وتفوق
وكان رئيس الوزراء آبي أحمد أدلى بخطابه، الإثنين 19 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، في أول جلسة استثنائية لمجلس النواب للسنة السادسة بحضور الرئيسة الإثيوبية سهلي ورق زودي، وأكد فيه أن "إثيوبيا حققت نجاحاً اقتصادياً بنسبة نمو بلغت 6.1 في المئة على الرغم من جائحة كورونا متفوقةً على كثير من الدول في القارة الأفريقية".
وقال آبي إن :الناتج المحلي الاجمالي للبلاد بلغ 3.375 تريليون بر أي ما يعادل 107.4 مليار دولار أميركي، متجاوزاً عائد العام الماضي الذي بلغ 2.7 تريليون بر. وأضاف أن الحكومة ظلت تطمح في تجاوز الناتج المحلي لأكثر من مئة مليار دولار، وهو ما تحقق لميزانية هذا العام على الرغم من جائحة كورونا.
ووصف أحمد، في رده على أسئلة النواب، عام 2020 بأنه "كان عاماً استثنائياً واجه فيه اقتصاد العالم تحديات كبيرة بسبب وباء كورونا مما أدى إلى خفض مؤشراته بنسبة 4.9 في المئة".
وأشار رئيس الوزراء الاثيوبي إلى أن دخل الفرد في بلاده سجل أكثر من ألف دولار هذا العام، لافتاً "إذا قارنا هذه النتيجة بمخططنا نعتقد أنها انخفضت بنسبة 2.9 في المئة، وعلى الرغم من ذلك، يُعتبر هذا الوضع نجاحاً اقتصادياً في ظل تحديات كورونا، وذلك بحسب تقرير مفوضية التخطيط الوطني الإثيوبي لهذا العام". وأضاف أن "أكبر نمو سجلته البلاد هذا العام كان في قطاع المعادن، إذ حقق نسبة 91 في المئة من خطته الداخلية"، مشيراً إلى أن جائحة كورونا ساعدت هذا القطاع من خلال إغلاق الحدود، ما أدى إلى توقف التهريب إلى خارج البلاد.
تضافر الجهود
من جهة أخرى، عزا آبي أحمد ما حققته إثيوبيا من "ارتفاع للنمو الإجمالي" إلى تضافر الجهود في كل القطاعات. وأشار إلى أن قطاع الزراعة سجل نمواً بنسبة 4.3 في المئة، في حين بلغ نمو الصناعة نحو 9 في المئة (البنية التحتية والصناعات التحويلية)، بينما سجل قطاع الخدمات المدنية نمواً بنسبة 5.3 في المئة. وسجلت قطاعات الصحة والرعاية الاجتماعية نمواً بلغ 10.2 في المئة.
وعن التأثيرات السلبية لجائحة كورونا، قال إن "أصواتاً كانت تنادي بالإغلاق الكامل لعدد من الشركات، كالخطوط الجوية الإثيوبية، ومزارع الزهور وغيرهما من قطاعات ذات الصلة بالجمهور، إلا أن الحكومة وضعت إستراتيجية واضحة لمكافحة هذا الوباء، ما ساعد على تحقيق النمو".
وكانت الحكومة الإثيوبية علقت خصخصة شركة الطيران الإثيوبية، التي كانت أدرجتها ضمن المؤسسات الرسمية الخاضعة لمبدأ التخفيف من الأعباء الحكومية، عبر إشراك القطاع الخاص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نصائح البنك الدولي
كذلك وضمن جملة سياسات الارتقاء بالظرف السياسي والاقتصادي، كانت الحكومة الإثيوبية استجابت لتطبيق حزمة من نصائح صندوق النقد والبنك الدوليين، تشمل الإطار القانوني الجديد للشراكات بين القطاعين العام والخاص، لمنح القطاع الخاص دوراً أوسع في تعزيز ودعم الاقتصاد الإثيوبي، وتحقيق بعض الأهداف الاقتصادية، في تنويع وتنافس الروافد الإنتاجية.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي أكد أن 13 منطقة صناعية تم الانتهاء من تشييدها وبدأت في الإنتاج، مضيفاً "نسعى للاستفادة من تلك المناطق لتنمية القطاع الزراعي". وقال خلال افتتاح "منطقة بحردار الصناعية" في إقليم أمهرة شمال البلاد، إن المشاريع التنموية السياحية والاستثمارية التي بدأت في الإقليم تسهم في توفير النقد الأجنبي للإقليم بشكل خاص ولإثيوبيا بشكل عام.
جدير بالذكر أن منطقة بحردار الصناعية تغطي مساحة 75 هكتاراً في المرحلة الأولى، على أن تصل إلى 125 هكتاراً خلال المرحلة الثانية. وتوظف تلك المنطقة في مرحلتها الأولى أكثر من 4 آلاف عامل، فيما ستخلق فرصاً لـ10 آلاف وظيفة بعد اكتمال المرحلة الثانية. وضمن الاستثمارات داخل المنطقة الصناعية، بدأت شركة "هوبلون" الصينية باستخدام 8 مستودعات لإنتاج الغزل والنسيج. ووفق الخطة المرسومة، تعمل الشركة على تصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة وأوروبا في مارس (آذار) المقبل.
وتصف مصادر اقتصادية مشروع المناطق الصناعية كجزء من خطة إثيوبيا الكبرى لتحويل اقتصادها الزراعي إلى اقتصاد صناعي بحلول عام 2025، عبر بناء وتجهيز 23 منطقة صناعية، اكتملت منها حتى الآن، 13 منطقة.
وعن الأقاليم المعنية، تغطي المناطق الصناعية معظم أقاليم إثيوبيا الكبرى وفق مشاريع اقتصادية مدروسة تراعي جغرافية المناطق، وتوفر العوامل المساعدة على ضمان نوعية وحجم الاستثمارات.
المجمعات الصناعية
وتقيم هذه المصادر التجربة الإثيوبية في المجمعات الصناعية، كبادرة على نطاق القارة الإفريقية في توظيف البيئات السكانية، وخلق شراكات متعددة، بإنشاء وتجهيز المجمعات الصناعية، ثنائية الفائدة بين الحكومة والشركات الصناعية المشاركة، التي يستفيد منها الجانب الإثيوبي في ترقية وإعمار الأقاليم عبر توطين مختلف الصناعات وتوفير فرص للعمالة المحلية، فضلاً عما تجنيه الحكومة والجهات المستثمِرة المحلية والأجنبية من عملة صعبة، نتيجة عائدات التصدير.
وتصف هذه المصادر الشراكة الإثيوبية- الصينية بأنها نموذج حقيقي للتعاون في توظيف العلاقات بين الصين والدول الأفريقية، استطاعت من خلالها أديس أبابا أن تجتذب المستثمرين الصينيين إليها خلال العقود الماضية. وأصبحت إثيوبيا واحدة من أهم 5 وجهات أفريقية للاستثمار الأجنبي المباشر للصين، إلى جانب "جنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية وموزمبيق وزامبيا". وتصنف إثيوبيا بكونها أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر في شرق أفريقيا.
وكان رئيس الوزراء آبي أحمد، أشاد في خطابه بالدول المانحة والشركاء، بخاصة مجموعة "علي بابا" الصينية التي يرأسها جاك ما، في مواجهة وباء كورونا، قائلاً إنهم "قدموا مساعدت وجهود جبارة لمواجهة كوفيد 19، ودعم كل دول إفريقيا بقيادة إثيوبيا".