لا تصل سوى قلة من المسافرين إلى الطرف الجنوبي من قاعات الوصول في المبنى الخامس من مطار هيثرو. لكن أي شخص يغامر بالوصول إلى "مقهى نيرو"، وهو القاعة التقليدية للمستقبلين والمودعين، سيرى تجهيزاً جديداً قد يشكل جزءاً من مستقبل السفر.
يأمرني الممرض ديفيد، "افتح فمك تماماً وقل (آه) أطول فترة ممكنة. هناك خمس نقاط في آخر حلقك يجب أن أصل إليها، فإذا قلت (آه) باستمرار سأصل إلى هذه النقاط بشكل أسهل".
وسيعرف أي شخص خضع لفحص [كورونا من نوع] "بي سي آر" PCR، ذلك الشعور، لكن هذا الإجراء مختلف في طريقتين.
أولاً، إن مسح آخر حلقي الذي يليه بسرعة استكشاف لطيف لفتحة أنفي اليسرى، لا يجري في موقف للسيارات تابع لشركة "أيكيا". بدلاً من ذلك، أنا داخل عيادة "مؤقتة" في المبنى الأكثر ازدحاماً للمطار الأوروبي الأكثر ازدحاماً.
ثانياً، إنه فحص مختلف يعرف باسمه المختصر "لامب" LAMP (اختصاراً لعبارة "التضخيم المتساوي الحرارة بواسطة حلقة وصل"). وأؤكد أن تجربة المستخدم تشبه إلى حد كبير فحص الـ"بي سي آر" الذي يعتبر "المعيار الذهبي" المستخدم من قبل هيئة "الخدمات الصحية الوطنية". ويسعى الفحصان إلى العثور على أدلة على وجود الفيروس في جسمكم، إذ يدل عليه وجود مكون جيني من الحمض الوراثي النووي الخاص بالفيروس. لكن ما يحصل للعينة التي تؤخذ ببراعة، مختلف جداً [عن فحص الـ"بي سي آر"].
إذ تؤخذ فحوص الـ"بي سي آر" في دفعات إلى مختبرات بعيدة للمعالجة، ويتضمن ذلك بعض التسخين اللطيف لحفز أي مكونات جينية من نوع يسمى "آر إن إيه" RNA قد تكون موجودة. في المقابل، من المستطاع إجراء فحص الـ"إل إيه إم بي" LAMP في درجة حرارة عادية قرب مركز الفحص، وتعرف النتيجة خلال ساعة أو أقل.
بالنسبة إلى المسافر وقطاع السفر، يمكن لهذين الاختلافين أن يكونا مهمين. إذ قد يعتمد وجود نظام متفق عليه دولياً لإخراج قطاع الطيران من قبضة القيود الحكومية والغموض الذي يشعر به المسافرون، إلى حد كبير على وجود مراكز فحص لها كفاءة عالية تكون مخصصة لحاجات شركات الطيران وموظفيها ومسافريها.
وعلى نحو مماثل، سيعتمد تسهيل عملية السفر أيضاً على القبول المتبادل للحكومات الفردية لبروتوكولات الأمن البيولوجي.
إذ يشير سكوت ساندرمان، المدير الإداري للمساعدة الطبية والأمنية في "كولينسون"، وهي شركة نظمت مركز اختبار بالشراكة مع شركة الخدمة الأرضية "سويسبورت" ومطار هيثرو نفسه، إلى أنه "لست واثقاً من أننا سنتوصل يوماً إلى معيار واحد متفق عليه. لكن ما أظن أننا سنتوصل إليه يتمثل في إطار عمل يستطيع المسافر معرفته عبر جهازه الإلكتروني. وسيعرف تماماً ما المطلوب بالنسبة إلى الوجهة التي يقصدها، ونوع من الفحوص يحتاج إليه، والإطار الزمني المتاح له كي يخضع للفحص".
ويضيف "يستطيع ذلك الشخص الذهاب إلى مختبر، أو المجيء إلى منشأة كهذه الموجودة هنا، وإجراء الفحص. وستحمل النتائج على جهازه، ومن ثم يستطيع السفر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن، إلى أين بالتحديد يستطيع السفر؟ حالياً، تتوفر المنشآت في مطار هيثرو، في المبنى الثاني وكذلك المبنى الخامس، لكنها متاحة بصورة حصرية للمسافرين إلى هونغ كونغ وقريباً طوكيو.
وسيكون الفحص الذي يكلف 80 جنيهاً إسترلينياً (حوالي 104 دولارات أميركية تقريباً) مثالياً للمسافرين إلى قبرص، إذ يتوجب عليهم كلهم إثبات نتيجة سلبية لـ"كوفيد- 19" قبل الصعود إلى طائراتهم المتجهة إلى الجزيرة المتوسطية.
وحالياً على الراغبين في تمضية عطل أن يعثروا على فحص خاص في مكان ما يكون قريباً من المنزل، ويدفعوا عادة 150 جنيهاً إسترلينيا (أقل من 200 دولار أميركي) في مقابل الامتياز. في المقابل، لا يستطيع المسافرون المتجهون إلى لارنكا الخضوع إلى فحص "كوفيد" قبل أن يسلموا أمتعتهم في هيثرو.
إذ تطلب وزارة الصحة القبرصية من كل مسافر "امتلاك شهادة تبين فحص (بي سي آر) سلبياً للفيروس".
وتعتقد الحكومات أنها تعرف الفحوص الناجحة، وربما يجب إقناعها بأن فحوص "إل إيه إم بي" LAMP موثوقة.
وفي ذلك الصدد، يذكر السيد ساندرمان أن الدليل يتزايد على أن الفحصين فاعلان بالمقدار نفسه. ويقر أيضاً بمفارقة أن منشأة فحص فيروس كورونا الوحيدة في البلاد التي تستهدف تحديداً المسافرين، تعمل في الواقع لمصلحة الحكومات الأجنبية، لأنها تخفف الضرر في الوجهة [التي سيصلها المسافر] بدلاً من المملكة المتحدة.
ومنذ وقت طويل بدأ في يوليو (تموز) 2020، أعلنت "كولينسون" عن أنها جاهزة ومستعدة لفحص المسافرين الواصلين إلى هيثرو وقادرة على ذلك. في المقابل، نظرت الحكومة بسخط إلى أهمية الفحص عند الوصول، المعروف باسم "اليوم صفر".
وأمام اجتماع جمعية وكالات السفر "أبتا" عبر الإنترنت الأسبوع الماضي، أعلن وزير النقل غرانت شابس عن سبب اعتباره أن الفحص عند الوصول من دون جدوى.
إذ أوضح "نعرف بكل تأكيد أن فحص الناس في (اليوم صفر) [يوم الوصول إلى بريطانيا] لن يكون مفيداً. أنتم لن تتمكنوا من العثور سوى على سبعة في المئة من المصابين من دون أعراض، بين صفوف الواصلين في (اليوم صفر) على متن رحلة جوية".
في المقابل، تحدث السيد شابس أيضاً عن برنامج تجريبي يجمع بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة ويشمل فحوصاً قبل المغادرة، حتى أنه اقترح احتمال التخلي عن الحجر الصحي للمسافرين الذين يخضعون لبرنامج فحوص محدد.
في هذه الأثناء، يبدو المسؤول الصحي في "كولينسون" متفاجئاً في شكل إيجابي بخضوع كل من الطواقم والمسافرين للفحوص. ويضيف "أنه زخم في الاتجاه الصحيح".
ومن جهة أخرى، في ضوء معرفة أن رحلات الطيران تمكن فيروس كورونا من الانتشار بسرعة، يستنكر كثيرون استئناف الرحلات الدولية. وقد لا يعتبرون مبادرات على غرار مركز الفحوص المؤقت، حلاً بل جزءاً من المشكلة.
وفي ذلك المنحى، غرد مشاهد لبرنامج "صباح الخير بريطانيا" (التلفزيوني) بعد فقرة عن فحوص مطار هيثرو، "كيف تنشرون الفيروس ولا تهتمون بالناس التي تموت"؟
وفي تلك النقطة، يرى سكوت ساندرمان أن "الحقيقة تتمثل في أن هذا الفيروس باق (معنا) لبعض الوقت، وسيتعين علينا أن نتعلم كيف نتعايش معه. وكذلك سيتعين علينا أن نتعلم مواصلة النشاط الاقتصادي مع وجود الفيروس. ومثلما نفعل هنا، نبتكر طرقاً كي يحصل ذلك بأمان، على الرغم من وجود الفيروس في خلفية الوضع".
© The Independent