بينما يهاجر أكثر من خمسة مليارات طائر سنوياً بين نصفي الكرة الأرضية، نظراً إلى تغير المناخ أو شُحّ الغذاء، يوجد أكثر من 519 نوعاً بالسعودية، منها 277 مهاجرة، و223 مستوطنة، و19 تُعد نادرة. وتلك الطيور على اختلاف ألوانها وجمالها هناك من دفعه الشغف ليترصدها بعدسته، بهدف التقاط صورة، تجمع بين انعكاس الضوء وتجسيد الطبيعة والغوص في أعماق السماء.
"اندبندنت عربية" تحدثت إلى مجموعة من مصوري الطيور السعوديين، لنتعرف على عالم تلك الهواية من كثب، وكذلك كيف بدأ العشق لدى كل منهم، ورحلتهم في تتبع الطائر إلى أن ينتهي المطاف بالصورة، وما المهارات التي لا بد من يتمتع بها الهاوي، وأخيراً، ماذا ينقص هؤلاء في بيئة تنتشر فيها فصائل عدة من الطيور؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في البداية، قال بندر الجابر "التحدي كان الدافع الأول لاختياري تصوير الطيور هواية وشغفاً منذ 2009"، موضحاً "سرعة تحليق الحمام والصقور جعلتني أسلك التصوير سبيلاً". بينما أفصحت مراقبة الطيور ضحى الهاشمي، عن أن التأمل ومراقبة الطائر في الحدائق العامة والخاصة "كانا البذرة الأولى لحب تصوير وتوثيق المهمة منذ 2006"، أما الباحث والمصور نادر البصري فكان "شغف المعرفة وحب استكشاف الأسرار هما السبب".
الصبر مفتاح "اللقطة"
يُجمع مصورو الطيور على أن الصبر "مفتاح اللقطة"، موضحين "إن لم تكن صبوراً شغوفاً بالطائر واللقطة على حد سواء، فعلى صورتك السلام، إضافة إلى أن مهارات الهدوء وسرعة البديهة وشدة التركيز هي الأساسيات".
وتشرح الهاشمي "الأمر لا يعتمد على المعدات والمهارات الشخصية فقط، بل كذلك دراسة سلوك الطيور، من ناحية مواعيد وصولها إن كانت مهاجرة، أو نوع البيئة التي تفضلها، فأنواع الأشجار والزهور مهم كأهمية التعرف على أصواتها وأنواع نداءاتها".
وحول المدة التي يستغرقها المصور لالتقاط صورته، يقول البصري "الانتظار قد يطول فيصل إلى ست ساعات متواصلة، وهنا تنبع أهمية دراسة سلوكيات الطائر، فهي تتيح لنا معرفة الوقت المناسب للاقتراب منه".
أوقات التصوير
تضيف الهاشمي "طوال الأعوام العشرين التي قضتها في مراقبة الطيور وجدت أنها تحب وتبغض وتغار وتحب الاستحواذ، فهي تراقبنا وتتابع تفاصيل حياتنا فإن أبدينا لها التقدير والمودة ردت لنا الجميل بأحلى صوت للتغريد".
وعن التوقيت الأفضل للتصوير، فإن المصورين يجمعون على أنه لا وقت محدد لذلك، وبحسب وصف الهاشمي، فإن "لكل فصل أو شهر من السنة حلاوته، إلا أن الربيع يحمل كثيراً من الطيور المهاجرة والمستوطنة، وتكون في أفضل وقت لها. والشتاء ينعشها، وأوقات الصباح الباكر هي الأشد متعة للمراقبة"، بينما يرى البصري أن أفضل وقت في السعودية هو بين أبريل (نيسان) ويوليو (تموز)؛ إذ إنه موسم التزاوج، الأمر الذي يُتيح مزيداً من المعلومات حول الطيور وطبيعة علاقاتها الاجتماعية بين الذكر والأنثى أو صغارها، ويرى الجابر أنه وبغض النظر عن الفصول والشهور، فإن "وقت الصباح الباكر، خصوصاً الشروق، يكون هو الأفضل، فالضوء يكون حينها ذهبياً".
البحث عن الدعم
تحتوي السعودية على أكبر صحراء رملية في العالم، وتطل على مسطحات مائية شرقاً وغرباً، مما يساعد على الاختلاف في البيئة الفطرية، ومن هنا يبرز التنوع الكبير في فصائل وأنواع الطيور بالبلاد.
ويبحث مصورو الطيور في البلاد عن الدعم، حتى يمارسوا هوايتهم بحرية. ويحكي الجابر "دفعني الشغف مرة للتوجه إلى المنطقة الشرقية، لتصوير نوع مهاجر في المنطقة، لكن فوجئت بوجود الصيادين بشكل كبير، وهو ما دفع الأمن إلى منع الجميع من الدخول دون استثناء، فعُدتُ أدراجي، إلا أن الطائر زارني في القصيم، وحصلت على فرصة للتصوير".
ويؤكد البصري أن عدم وجود الدعم كان السبب الرئيس لخروج كثير من المصورين من المجال؛ إذ إن تكلفة التنقل والأدوات المتخصصة "عالية على الهُواة"، كما أن الجهات المسؤولة عن الحياة البرية والمحميات "لا تقدم أي تسهيلات لدخول المصورين دون أي إيضاح للإجراءات المطلوبة".
وتصف الهاشمي الصيد الجائر وقنص الطيور المهاجرة أو مداهمتها بالشِّبَاك بأنه "جريمة بحق البيئة"، مما يسبب إخلالاً بالتوازن البيئي، كونها وسيلة لتنظيف الحشرات والفطريات أو الكائنات الضارة بالصحة. ويؤكد الجابر أن هذه التصرفات قد تكون سبباً لانقراض بعضها، وعليه يقع على عاتق المصورين "تقديمنا رسالة بمعلومات عن الطيور وفوائدها بالتنظيف المجاني من الحشرات أو الجِيَف".