في الوقت الذي يتصاعد التوتر بين الاتحاد الاوروبي وتركيا على خلفية ملفات عدة، أعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال الأربعاء، 28 أكتوبر (تشرين الأول) أن فرنسا "لن تتراجع أبداً عن مبادئها وقيمها"، على الرغم من "محاولات زعزعة الاستقرار"، منوّهاً بالموقف الأوروبي الموحد في مواجهة انتقادات تركيا ودول مسلمة حول الرسوم الكاركاتيرية للنبي محمد.
وحول الأزمة الدبلوماسية الأخيرة مع أنقرة، قال أتال عقب اجتماع مجلس الوزراء إنه "على الرغم من الترهيب، لن تتراجع بلادنا أبداً عن مبادئها وقيمها بخاصة حرية التعبير وحرية النشر"، مضيفاً أن فرنسا "تتعرض لتهديد إرهابي متنامٍ في الأيام الأخيرة، تغذّيه دعوات إلى الكراهية". وإذ صرّح أن "ليست لدي تصريحات إضافية"، عاد ونوّه بـ"الوحدة الأوروبية الكبيرة" حول "المبادئ" و"القيم التي تدافع عنها فرنسا" و"الدعم في ظل الترهيب الذي يتعرض له بلدنا اليوم". وأردف أنها "تصريحات كراهية ضد مجلة وصحافيين تعرّضوا إلى هجمات ومآسٍ وعمليات قتل في بلدنا خلال الأعوام الماضية".
"بركة سيتي"
فرنسياً أيضاً، أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان في تغريدة على "تويتر" أن مجلس الوزراء حلّ الأربعاء جمعية "بركة سيتي" التي تتهمها الحكومة بأن لها "علاقات داخل التيار الإسلامي المتطرف".
وأضاف أن هذه المنظمة غير الحكومية التي يرأسها إدريس يمو، المعروف باسم "إدريس سي حمدي"، "تحرّض على الكراهية ولها علاقات داخل التيار الإسلامي المتطرف كانت تبرّر الأعمال الإرهابية".
فرض عقوبات أوروبية
إلى ذلك، أعلن سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون أن بلاده ستؤيد فرض "عقوبات" على المستوى الأوروبي ضد تركيا. وقال في مجلس الشيوخ، "سنؤيد تدابير أوروبية تعكس ردّ فعل قوي، من بينها أداة العقوبات المحتملة"، مضيفاً، "الرئيس أردوغان الذي يهين رئيس الجمهورية يثبت وجود استراتيجية شاملة لدى تركيا تقضي بمضاعفة الاستفزازات من النواحي كافة". وأوضح أن "الهدف هو ذاته على الدوام: ممارسة ضغوط قصوى على جيرانه، تحديداً على الاتحاد الاوروبي. كنّا ساذجين لفترة طويلة".
وإضافة إلى التهجمات الأخيرة، تضاعفت التوترات في الأشهر الماضية بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة، وأثار اكتشاف حقول غاز في شرق المتوسط اهتمام الدول المطلّة عليه كاليونان وقبرص وتركيا ومصر وإسرائيل وحرّك الخلافات حول الحدود البحرية.
إحالة تغريدة نائب وزير تركي على القضاء
وفي سياق متصل، أعلن المندوب الحكومي لمحاربة العنصرية فريديريك بوتير لوكالة الصحافة الفرنسية أنه أبلغ القضاء بتغريدة مسؤول تركي استخدم فيها نعت "أوغاد" ليصف صحيفة "شارلي إيبدو" الأسبوعية التي تسخر في آخر عدد لها من الرئيس رجب طيب أردوغان.
وفي تغريدة نشرت مساء الثلاثاء، كتب نائب وزير الثقافة التركي سيردار جان، بالفرنسية "شارلي إيبدو أنتم أوغاد، أنتم أبناء عاهرات، أنتم أبناء كلاب".
واعتبر بوتير أن "ثمة أمراً غير لائق في السياق الحالي، ومحاكمة هجمات شارلي إيبدو، ومأساة اغتيال صمويل باتي، من أجل صب الزيت على النار بتهديد هيئة تحرير شارلي إيبدو".
الهجمات "الصليبية"
في المقابل، قال أردوغان إن الدول الغربية التي تسخر من الإسلام تريد "إعادة الحملات الصليبية"، مضيفاً في كلمة ألقاها أمام نواب حزبه (العدالة والتنمية) في البرلمان أن الوقوف في وجه الهجمات على النبي "شرف لنا"، بما يشير إلى أن أنقرة ربما تستعد لخلاف طويل الأمد بشأن القضية.
ومما زاد من الغضب التركي، نشرت "شارلي إيبدو" على غلافها رسماً كاريكاتيرياً يصوّر أردوغان جالساً بملابسه الداخلية ممسكاً بمشروب معلب مع امرأة ترتدي الحجاب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مسؤولون أتراك إن أنقرة ستتخذ خطوات قانونية ودبلوماسية ردّاً على هذا الرسم، الذي وصفوه بأنه "محاولة مثيرة للاشمئزاز" منها "لنشر عنصريتها الثقافية وكراهيتها". وأفاد بيان أصدرته وزارة الخارجية التركية بأنها استدعت القائم بأعمال السفير الفرنسي الأربعاء للاحتجاج على الرسم الساخر.
وأشار أردوغان إلى أنه لم يطّلع على الرسم الذي يسخر منه "لأنني أعتبر أن من الخطأ حتى النظر إلى مثل تلك المنشورات غير الأخلاقية"، مؤكداً أن غضبه نابع من الإساءة للنبي وليس من "الهجوم المقزز الموجّه لي". وأضاف أن الغرب "يتّجه مرة أخرى إلى فترة بربرية"، مردفاً، "يريدون حرفياً إعادة إطلاق الحملات الصليبية. منذ الحملات الصليبية، بدأت بذور الشر والكراهية تتساقط على تلك الأراضي (المسلمة) وكان هذا هو الوقت الذي تبدد فيه السلام".
وذكرت وسائل إعلام تركية أن ممثلي الادعاء فتحوا تحقيقاً بحق المسؤولين في "شارلي إيبدو".
"تصرف أحمق"
إيرانياً، اعتبر المرشد الأعلى علي خامنئي، أن دعم الرئيس إيمانويل ماكرون للرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد هو "تصرف أحمق"، وذلك في رسالة إلى الشباب الفرنسي نشرها موقعه الرسمي الأربعاء.