بينما تحتدم المنافسة بين مرشحَي الانتخابات الأميركية بدا جو بايدن في اليومين الماضيين، متفائلاً بالانتصار أكثر من أي وقت مضى، في حال احتسبت جميع الأصوات، وقال بعد ليلة طويلة من فرز البطاقات الانتخابية، "من الواضح أننا فزنا بعدد كافٍ من الولايات للوصول إلى 270 صوتاً المطلوبة للفوز".
بايدن تحت النيران
لكن، ما كان لافتاً في خطاب بايدن، الذي ألقاه مساء الأربعاء في مدينة ويلمينغتون بولاية ديلاوير، دعوته إلى الوحدة والعمل المشترك والتوقف عن معاملة المعارضين كأعداء، فضلاً عن التأكيد أن خوضه معركة الانتخابات كمنتم للحزب الديمقراطي لن يثنيه عن ممارسة سلطاته كرئيس لكل الأميركيين، مشدداً على أن الرابطة التي تجمع مواطنيه، ستبقى عصية أمام محاولات تمزيقها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
غير أن صحيفة "وول ستريت جورنال"، وجهت انتقادات لاذعة للمرشح الديمقراطي، وقالت إنه على الرغم من حظوظه المتزايدة ليصبح الرئيس المقبل، فإننا كلما تفحصنا عن كثب نتائج الانتخابات على الصعيد الوطني، بدت النتيجة وكأنها هزيمة لبقية حزبه، بخاصة الأجندة التقدمية، وأشارت إلى أن حملته ركزت على استعراض كيف تتميز شخصية نائب الرئيس السابق وسياساته على الرئيس الحالي، بينما لم يقدم أجندته بشكل واضح.
وتلفت "وول ستريت جورنال" في مقالة لهيئة تحريرها، نُشرت أمس الخميس، إلى محدودية التأييد الذي حظي به بايدن وتأخره في تكوين التحالفات في الكونغرس، مقارنةً باتساع القاعدتين الجماهيريتين التي أيدت سياسات باراك أوباما في عام 2008 وبدرجة أقل ترمب في عام 2016، مشيرةً إلى خسارة الديمقراطيين مقاعد في مجلس النواب، ومكاسبهم في الضواحي التي حققوها عام 2018، بينما تستمر معاناتهم في المناطق الريفية". وتابعت الصحيفة، "لن تظهر النتائج الكاملة لأسابيع، لكن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي قد تجد أن أغلبيتها قد تقلصت إلى النصف أو أكثر مما كانت عليه قبل 20 عاماً".
على أساس ذلك، تفترض الصحيفة الأميركية أن يكون لبايدن نفوذ على "بيلوسي المتضائلة"، وجناح "بيرني ساندرز - إليزابيث وارين" في التجمع الديمقراطي بمجلس الشيوخ، لكن سيتعين عليه المخاطرة بإثارة غضب اليسار السياسي الذي دعمه على أمل أن يكون حصان طروادة المختلف عن ترمب ويحقق لهم أغلبية تقدمية جديدة. وتختتم وول ستريت جورنال مقالتها بالقول، "بحكمتهم الكبيرة، ربما اختار الناخبون بايدن، لكنهم تركوا الحزب وأفكاره الراديكالية وراءهم".
خطاب بايدن وقضايا ترمب
وسط الغموض الذي يلف خيارات ترمب في حال خسارته الانتخابات، فإن النبرة المتسامحة التي سادت في خطاب بايدن تبعث برسالة مطمئنة للرئيس الجمهوري، ربما تدفعه لإعادة ترتيب حساباته، والظفر بهدنة تحصّنه من مرافعات القضاء وخصومه المنتظرين فرصتهم للانقضاض، واستكمال دعاواهم التي تأجل بعضها بسبب حصانة الرئيس وسلطاته التي تمكنه من إحباط القضايا المرفوعة ضده.
لكن، ترمب لا يبدو ميالاً إلى الاستسلام، إذ ما زال يطمح إلى كسب أصوات بعض الولايات المتأرجحة، في الوقت الذي يتوقف الحسم على خمس ولايات لم تعلن نتائجها النهائية بعد؛ هي بنسلفانيا وجورجيا ونورث كارولاينا وأريزونا ونيفادا، في خضم معركة انتخابية وقانونية لا يُعرف متى ستنتهي ولأي مرشح ستبتسم.
وبات في رصيد بايدن 253 صوتاً من إجمالي 270 لازمة لحسم سباق الرئاسة، فيما حقق ترمب 214 صوتاً، ويعقد آماله على الولايات المتقدم فيها وهي جورجيا ونورث كارولاينا وبنسلفانيا، ونيفادا أو أريزونا اللتين ترجحان المرشح الديمقراطي، فضلاً عن المعارك القانونية التي يقودها بهدف تغيير النتائج الأولية.
وأمام الأرقام التي ترجح فوز بايدن، ومشارفة الفرز على نهايته في غالبية الولايات، تتوجه الأنظار نحو مصير سيد البيت الأبيض في مواجهة القضايا التي ستؤرقه بشكل كبير بعد انتهاء ولايته، بخاصة إذا لم يوطد علاقته مع الديمقراطيين، وهناك ما يقرب من تسع دعاوى قضائية يتعين عليه التعامل معها، تتوزع بين أنشطة تجارية "مضللة"، واتهامات بالاعتداء الجنسي.
من أهم القضايا التي أثيرت في الآونة الأخيرة، التخلف عن دفع الضرائب الفيدرالية، وفقاً لما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" في تقريرها الذي نشر في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي عن البيانات الضريبية لترمب خلال نحو عقدين من الزمن. وقالت، إن الرئيس ادعى خسائر فادحة سمحت له بدفع 750 دولاراً فقط من ضرائب الدخل في عام 2016.
بحسب موقع "بيزنس إنسايدر"، من المرجح أن يواجه ترمب سلسلة من التحقيقات الفيدرالية، واتهامات بشأن دوره في التستر على مبالغ قدمها للعارضة كارين ماكدوغال مقابل سكوتها عن علاقة مزعومة معه، وأطلق هذه الادعاءات محاميه السابق مايكل كوهين الذي حكم عليه بالسجن أكثر من 3 سنوات في 2018، بعد إقراره بالذنب في انتهاكات تمويل الحملات الانتخابية.
ويورد نورم آيزن، زميل في معهد بروكينغز، أن عوامل أسهمت في تجنب الرئيس المثول أمام المحكمة منها سلطة الرئاسة، وبطء النظام، مضيفاً أن سيد البيت الأبيض كان الهدف لعدد من الدعاوى والتحقيقات، غير أنه استغل البيروقراطية، لينجو منها كما أفلت من قضية سجلات الضرائب. وأوضح آيزن، أنه سوف يكون عرضة للمساءلة، وسيزداد الضغط عليه بفعل الإجراءات القانونية التي يحتمل أن تتصاعد حدتها بمغادرته منصبه.
ونجحت بعض الدعاوى القضائية ضد الرئيس وشبكة مؤسساته في الخروج بتسويات، كان منها موافقته على حل مؤسسة دونالد جي ترمب بعدما كشف تحقيق بولاية نيويورك أنها كذبت باستمرار بشأن العمل الخيري. وبعض القضايا تمت تسويتها في التحكيم، ومنها دعوى رفعها سائق ترمب، نويل سينترون في 2018، زعم أنه لم يتسلم حقوقاً مالية قدرها 200 ألف دولار.
وأفادت شبكة "إن بي سي نيوز" في سبتمبر، أن قاضياً فيدرالياً في واشنطن العاصمة رفض طلباً للرئيس لإسقاط دعوى قضائية تزعم أن منظمة ترمب استغلت أموالاً غير ربحية من أجل مصالحه، وزعمت الدعوى، التي رفعها المدعي العام كارل راسين في يناير (كانون الثاني)، أن اللجنة المعينة من قبل الرئيس المنتخب لتكون مسؤولة عن حفل التنصيب الرئاسي أنفقت أكثر من مليون دولار في فندق ترمب على الرغم من علمها أنه تم فرض رسوم زائدة.
وتزعم موظفة سابقة في حملة ترمب تدعى ألفا جونسون أن الرئيس بادر بتقبيلها من دون أخذ موافقتها خلال تجمع انتخابي في فلوريدا عام 2016، لكنها لم تواصل معركتها وقالت لـ"ديلي بيست"، بعد إسقاطها الشكوى عام 2019، "إنني أقاتل ضد شخص يملك موارد غير محدودة". وفي قضية مشابهة، أقامت سيدة تدعى سمر زيرفوس، كانت قد شاركت في برنامج تلفزيوني قدمه ترمب عام 2005، دعوى تتهم فيها الرئيس الأميركي بالتشهير بها من خلال إنكار مزاعمها بأنه اعتدى عليها جنسياً في عام 2007، مؤكدة أنها تملك أدلة ورسائل بريد إلكتروني. تصاعدت الدعوى إلى أن أُعطي ترمب مهلة لتقديم إفادة، لكن القضية تعرضت لاحقاً للإيقاف المؤقت.
في يونيو (حزيران) 2019، اتهمت كاتبة الرأي إي جان كارول الرئيس باغتصابها في متجر في نيويورك في منتصف التسعينيات، لكنه نفى لاحقاً تلك المزاعم، قبل أن ترفع كارول دعوى تشهير. وفي سبتمبر الماضي طلب البيت الأبيض من وزارة العدل، التدخل للدفاع عن الرئيس في القضية، وفي حال خسارته قد يجبر على تقديم عيّنة من الحمض النووي للتأكد من صحة الادعاء، وإذا صحت مزاعمها قد يواجه السجن المؤبد.
ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، يواجه ترمب دعوى قضائية ناجمة عن مشاجرة بين حراس الأمن ومجموعة من المتظاهرين الذين احتجوا أمام برج ترمب عام 2015، واشتكى بعضهم من أن حراس الأمن قاموا بدفعهم وتخريب لافتاتهم، متهمين رئيس أمن البرج بالاعتداء على أحدهم، بينما حاول آخر خنق متظاهر. وواجهت القضية في سبتمبر 2019، انفراجة قصيرة بعدما أصدر قاض فيدرالي أمراً يلزم الرئيس بالإدلاء بشهادته في القضية، غير أن قاضياً آخر أوقف الحكم مؤقتاً.