مع تخطي إجمالي عدد المصابين بفيروس كورونا في لبنان 100 ألف مصاب وأكثر من 770 وفاة، دق القطاع الصحي ناقوس الخطر.
فالقدرة الاستعابية للمستشفيات الحكومية التي أولتها وزارة الصحة الاهتمام الأكبر وصلت إلى حدودها القصوى، فيما المستشفيات الخاصة الرازحة تحت تفلت سعر صرف الدولار وعدم دفع الدولة المستحقات المتوجبة عليها، عاجزة عن تجهيز أجنحة وغرف عناية خاصة بمرضى الكورونا.
عجز القطاع الصحي دفع بمجلس الوزراء إلى اتخاذ القرار المر، وهو إقفال البلاد لأسبوعين من 14 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 30 منه، على الرغم من تردي الأوضاع الاقتصادية واشتداد الضائقة المالية وارتفاع أعداد العاطلين عن العمل والفقراء.
قرار على الرغم من أهميته صحياً، فإنه يشكل ضربةً جديدةً للقطاعات الإنتاجية والاقتصادية التي تلفظ أنفاسها والتي ستطبق مرغمةً القرار وإنما بشروط لكي لا يدفع القطاع الخاص مجدداً ثمن فشل السياسات الحكومية وسوء تطبيقها.
أطراف الإنتاج تمهل الدولة أياماً قبل الانتفاض
يؤكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد أن المجلس سيراقب تطبيق قرار الإقفال التام في أيامه الأولى لتلمس إذا ما كان جوهر القرار يطبق كما الالتزام بالإجراءات، والأهم تحديد إذا ما كان التطبيق انتقائياً.
فالإقفالات السابقة شهدت العديد من التجاوزات في مناطق أصبحت معروفة، وهي تهدد بتفلتها على عكس المناطق الملتزمة التي تتكبد الخسائر جراء التزامها بالإقفال.
وبينما يؤكد عربيد أن كل القطاعات تحت القانون، يكشف أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي يحاور السلطة، التي فرضت الإقفال، بانتظام ليضعها أمام مسؤولياتها، فيما الكلفة المرتفعة على أطراف الإنتاج تفرض حسن التطبيق.
ويحذر عربيد من أن الاستثناءات الملحوظة في قرار الإقفال قد تحد من فرص نجاحه، سائلاً عن:
مدى قدرة الوزارات المختصة على تحسين القطاع الصحي خلال 15 يوماً من الإقفال.
لماذا لم تدفع الدولة المستحقات عليها إلى المستشفيات لتحضير أجنحة جديدة؟
هل من آلية لفرض التزام الموطنين بالإجراءات لتخفيف أعداد المصابين اليومية؟
هل تستطيع الدولة بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية لتطبيق الإقفال بشكل صارم أم سنشهد كالعادة مناطق تقفل ومناطق تستفيد من منافسة أصبحت غير شرعية؟
ويلفت عربيد إلى أنه في حال فشل الدولة في تطبيق قراراتها ستلجأ القطاعات إلى معاودة العمل خلال أيام، فيما الرفض قاطع لتمديد الإقفال خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المهم لتحريك العجلة الاقتصادية وتعويض الخسائر التي ستأتي من الإقفال خلال هذين الأسبوعين.
أما كلفة الإقفال فستتحملها، وفق عربيد، الطبقات الفقيرة والموظفون في القطاع الخاص والمياومون والشركات التي لم يعد لديها مناعة لكونها استنفدت طاقاتها، فيما الحكومة والدولة غائبتان عن أي دعم مالي أو إجراءات تحفيزية تحمي الشركات المتوسطة والصغيرة. والخوف الأكبر، يتابع عربيد، فهو من مروحة الاستثناءات الكبيرة التي قد تحد من فعالية الإقفال ولا توقف ارتفاع أعداد المصابين.
لا مساعدات للقطاع التجاري
يؤكد رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، أن الجميع يدرك خطر فيروس كورونا وضرورة التعايش معه.
ويذكر شماس أن التجار التزموا من اليوم الأول بالإجراءات الوقائية الضرورية، بنسبة التزام فاقت 92% بحسب متابعة من قبل شركة أجنبية كلفت بالتدقيق في مدى تطبيق المؤسسات للإجراءات الوقائية التي أقرتها الحكومة اللبنانية.
الإقفال التام غير مبرر للقطاع التجاري، بحسب شماس، الذي يستغرب الاستثناءات الكثيرة التي لحظها القرار الأخير للحكومة.
ويتابع شماس، "من سخرية القدر أن القطاع الأكثر التزاماً هو عملياً القطاع الوحيد الذي يعاقب ويقفل".
ويلقي شماس الضوء على واقع غياب أي إعانات أو مساعدات من جانب الدولة للتجار وموظفيهم. فالموجة الأولى من الإقفال نتج عنها إغلاق عدد كبير من المؤسسات، خصوصاً أنها لم تلحظ أي مساعدات من جانب الدولة لضمان استمرار بعض الأعمال. أما اليوم، ومع تردي الأوضاع الاقتصادية، فيتوقع شماس الأسوأ، أي مزيداً من الضرر وإغلاق المؤسسات وتسريح الموظفين.
ويحمل شماس الحكومة مسؤولية الوضع الصحي المتردي. فالأجهزة المعنية لم تضبط انتشار الوباء من حيث إلزام المواطنين بالإجراءات، والحكومة لم تعمل على مدى الأشهر التسعة الماضية على تجهيز القطاع الاستشفائي لمواجهة الموجة الثانية المتوقعة للوباء. وفي حال طوارئ صحية لم تعمد إلى سداد المستحقات عليها إلى المستشفيات لتمكينها من تجهيز أجنحة خاصة لمرضى كورونا.
تقاعس الدولة يسبب البطالة
من ينظر إلى لائحة الاستثناءات في قرار الإقفال الذي أقرته الحكومة اللبنانية يدرك، بحسب نائب رئيس النقابات السياحية في لبنان ونقيب أصحاب المطاعم والملاهي والمقاهي طوني الرامي، أن الإقفال جزئي وليس كلياً، وهو بالتالي لن يجدي نفعاً ولن يؤدي إلى النتائج المرجوة.
خسائر القطاع السياحي تقدر بنحو 500 مليون دولار شهرياً، يوضح النقيب الرامي بالنظر إلى مبيعات عام 2018 التي بلغت قيمتها ستة مليارات دولار.
فبحسب الرامي، كل القطاعات الإنتاجية تدفع اليوم ثمن عدم قيام الدولة بمهماتها، خصوصاً عدم دفعها مستحقات المستشفيات.
أما القطاعات الأكثر تضرراً، فقطاع المطاعم الذي تعثر عمله بسبب الإجراءات الاعتباطية المتخذة لمواجهة فيورس كورونا. وبحسب طوني الرامي، فإن "تقاعس الدولة يخرب الاقتصاد ويكبد خسائر لمئات الآلاف من الموظفين في القطاع السياحي".
ويرى الرامي أن الدولة تقفل المؤسسات وتزيد من حالات الإفلاس والتعثر والبطالة والفقر من دون أن تكون قد وضعت خطة عمل واضحة ومجدية تترافق مع الإقفال لدعم القطاع الصحي.
ويخلص الرامي إلى أن المعادلة باتت وظيفة مقابل سرير، أي أنه لكي نوفر سريراً لمريض كورونا نضحي بوظيفة أو أكثر.
استثناءات قرار الإقفال
ويلحظ قرار الإقفال استثناء بعض القطاعات، وهي:
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
- الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها وفقاً لآلية تصدر بموجب قرارات عن الوزراء أو عن السلطة صاحبة الصلاحية بالحد الذي لا يتجاوز 25 في المئة، وذلك تحت طائلة المسؤولية على من يخالف تلك القرارات.
- المؤسسات الرئيسة لدى وزارة الدفاع الوطني والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لأمن الدولة والمديرية العامة للدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني وأفراد الشرطة البلدية والحراس البلديين وأفواج الإطفاء على اختلافها.
- وزارة الصحة العامة والمستشفيات والمستوصفات الحكومية والخاصة ومراكز الرعاية الاجتماعية، وكل ما يرتبط بالقطاع الصحي في المجالات الاستشفائية والصيدلانية والمخبرية، والأدوية وتصنيعها مع تأمين جميع مستلزمات هذا القطاع من مواد ومعدات واحتياجات.
- المديرية العامة للضمان الاجتماعي والمديرية العامة لتعاونية موظفي الدولة وصناديق التعاضد الضامنة وشركات التأمين والمراقبين الصحيين والمدققين والـTPA، وذلك بما يرتبط بالموافقات الاستشفائية والصحية والصيدلانية والمخبرية.
- مطار رفيق الحريري الدولي وكل ما يرتبط بإدارته، كما وإدارة جميع المرافئ البحرية والبرية.
- مؤسسة كهرباء لبنان وسائر المؤسسات والشركات التي تتولى تأمين وتوزيع التيار الكهربائي في جميع المناطق اللبنانية، وذلك بكل ما يرتبط بالإنتاج والتغذية والتوزيع والصيانة.
- وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو وكل ما يرتبط بقطاع الاتصالات لناحية تأمين خدمة الإنترنت وشبكتي الهاتف الثابت والخليوي.
- المديرية العامة للنفط لدى وزارة الطاقة والمياه وإدارة منشآت النفط، وذلك بكل ما يرتبط بتأمين المحروقات وتوابعها وتخزينها وتوزيعها بما فيها محطات المحروقات والشركات والمؤسسات التي تتولى استيراد وتخزين وتوزيع الغاز.
- المديرية العامة للموارد المائية ومؤسسات المياه والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني والمديرية العامة للاستثمار، وذلك بما يرتبط بتأمين المياه وتخزينها وتوزيعها والشركات والمؤسسات الخاصة التي تتولى تعبئة وتوزيع المياه.
- مصرف لبنان والمصارف والمؤسسات المالية وبالتنسيق مع جمعية مصارف لبنان وشركات ومؤسسات تحويل وتوزيع ونقل الأموال ومؤسسات الصيرفة، وذلك بالحد الأدنى الواجب لتأمين مقتضيات تسيير العمل لديها.
- وزارات الصناعة والزراعة والاقتصاد والتجارة، وذلك بكل ما يرتبط باستيراد وتصدير المنتجات الزراعية والحيوانية، إضافة إلى جمع ونقل وتوزيع المحاصيل والمنتجات الزراعية.
- القضاة والمحامون بما يرتبط بتأمين المحاكمات عن بعد من أجل البت بطلبات إخلاء سبيل الموقوفين، كما والنظر في القضايا الطارئة والأمور المستعجلة.
- أعضاء السلك الدبلوماسي.
- المنظمات غير الحكومية NGO التي تتولى حصراً المساعدة في المجالين الصحي والغذائي على أن تستحصل على ترخيص يصدر عن وزارة الداخلية لتسهيل عملها ونشاطها.
- المطاحن والأفران وكل ما يرتبط بتصنيع وتخزين وبيع المواد الغذائية الأساسية والمنتجات الزراعية والمواد اللازمة لها وخدمات التوصيل في المطاعم والباتيسري فضلاً عن باقي المصانع بمعدل ثلث اليد العاملة لديه.
- الشركات والمؤسسات العاملة في مجال نقل البضائع جواً وبراً وبحراً.
- إدارة وعمال الفنادق والشقق المفروشة وشركات الأمن والحراسة، إضافة إلى شركات جمع ونقل وكنس النفايات ومستخدميها.
- العاملون في القطاع الإعلامي والمطبوعات الصحافية، وذلك بالحد الأدنى.
- تنفيذ واستكمال أعمال الترميم والتدعيم وكل ما يرتبط بها من مستلزمات في المنطقة المتضررة من جراء انفجار مرفأ بيروت.
منع الخروج والولوج إلى الشوارع والطرقات يومياً من الساعة الخامسة مساءً ولغاية الخامسة من صباح اليوم التالي خلال مدة الإقفال التام.