في مؤشر يعزز مخاوف أسواق النفط، أجلت مجموعة "أوبك+" التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا وحلفاء آخرين، اجتماعها المرتقب اليوم الثلاثاء، بينما لم تتوصل المجموعة الوزارية لمنظمة "أوبك" لقرار بشأن تخفيضات الإنتاج خلال العام المقبل.
وشهد اجتماع "أوبك" أمس، بعض التوافق في الآراء بين وزراء التكتل لتمديد التخفيضات لثلاثة أشهر، إلا أن أجواء الاجتماع شهدت توترات غير عادية ومن دون التوصل إلى اتفاق، إذ لا يزال اللاعبون الرئيسيون مختلفين حول حجم النفط الذي ينبغي ضخه وسط طلب ضعيف بسبب جائحة فيروس كورونا.
مستويات الانتاج
وسيبحث وزراء "أوبك+" ما إذا كان سيتم المضي وفقاً لما هو مخطط له في إضافة مليوني برميل من النفط إلى الإنتاج الحالي بداية من يناير (كانون الثاني) أو الإبقاء على مستويات التخفيضات التي ساعدت بالفعل في تعافي أسعار النفط، وذلك في وقت لا يزال الكثير من الدول ذات الاقتصادات الكبرى يعاني من موجة ثانية من تفشي فيروس كورونا.
وبحسب محللين، ينبئ الفشل في التوصل إلى اتفاق بالتأثير سلباً في أسعار النفط التي تتعافى مدفوعة بآمال أن تقود لقاحات كورونا إلى السيطرة على الجائحة ومن ثم عودة النشاط للاقتصاد العالمي، ونمو الطلب على الوقود.
وكان من المقرر أن تعقد مجموعة "أوبك+"، اجتماعها اليوم، ولكن تأجل 48 ساعة لمنح الوزراء بعضاً من الوقت "لمزيد من المشاورات" كتمهيد للتوصل إلى اتفاق.
ويعتبر هذا التأجيل، المتوقع بعد الإخفاق في التوصل إلى توافق في مشاورات أولية، الأحد، مؤشراً واضحاً على دراماتيكية سريعة في المشهد داخل مجموعة "أوبك+" ومدى عمق الانقسام داخله.
4 أسباب رئيسية
وقال المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي، إن تأجيل الاجتماع يظهر مدى عمق الخلافات والانقسامات داخل مجموعة "أوبك+"، ويرجع ذلك إلى 4 أسباب رئيسية. الأول، عدم الالتزام من أعضاء "أوبك" والمنتجين خارجها، فعلى سبيل المثال، زادت روسيا إنتاجها 400 ألف برميل إلى جانب زيادة الإنتاج من كل من العراق ونيجيريا، فيما أبدت الإمارات رغبتها في دعم تمديد لخفض الإمدادات فقط بشرط تحسن امتثال أعضاء المجموعة بتعهدات الخفض.
ولفت إلى أن السبب الثاني للخلاف بين كبار المنتجين على كمية النفط التي يتعين عليهم ضخها في ظل ضعف الطلب على الخام، فيما يتمثل السبب الثالث في عدم وجود رؤية واضحة لحجم الطلب العالمي على النفط ومدى نجاح اللقاحات الجديدة لكورونا في تحقيق التعافي المطلوب.
وخلص المتخصص في شؤون النفط الحرمي بقوله، "الحفاظ على السقف الحالي للإنتاج واستمرار التخفيضات بمليوني برميل يومياً حتى الربع الأول من العام المقبل هو القرار المناسب للجميع، ولكن أعتقد أنه من الصعب الوصول إلى قرار في الظروف الراهنة والخلافات الموجودة داخل أوبك+".
وأضاف "أن أي زيادة في الإنتاج ستؤدي بطبيعة الحال إلى تراجع الأسعار وعودة النفط الصخري إلى الواجهة مرة أخري، لافتاً إلى أن مستويات الأسعار الحالية تبقى مغرية للجميع لزيادة الإنتاج".
هبوط أسعار النفط
ونزلت أسعار النفط اليوم الثلاثاء، إذ عادت المخاوف بشأن زيادة المعروض إلى الواجهة بعد إرجاء منتجين كبار محادثات بشأن سياسة الإنتاج لعام 2021 والتي قد تمدد تخفيضات في الوقت الذي تواصل فيه جائحة كورونا تقويض الطلب على الوقود.
وهبط خام برنت 11 سنتاً أو ما يعادل 0.25 في المئة إلى 47.76 دولار للبرميل، بعد أن هبط ما يزيد على واحد في المئة أمس الاثنين. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 24 سنتاً أو ما يعادل 0.5 في المئة إلى 45.09 دولار للبرميل، بعد أن نزل 0.4 في المئة في الجلسة السابقة.
وارتفع الخامان القياسيان نحو 27 في المئة بعد أن أثارت تطورات لقاح لكورونا الآمال في تعاف اقتصادي قد يعزز الطلب على الوقود.
وشهدت أسعار النفط صعوداً الأسبوع الماضي مدفوعاً بآمال في التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا وتوقعات بتمديد تخفيضات مجموعة "أوبك+".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التوصل لتسوية
ومن جانبه، قال بنك الاستثمار الكندي "آر بي سي كابيتال ماركتس" في مذكرة بحثية، "ستتوصل المجموعة على الأرجح إلى تسوية تحفظ ماء الوجه، فيما النتيجة الأكثر ترجيحا هي تمديد قصير تليه عودة تدريجية للإنتاج".
مقترح روسي
وتقترح روسيا زيادة إنتاج المجموعة 0.5 مليون برميل يومياً اعتباراً من يناير المقبل، فيما أطلقت الإمارات إشارات عن رغبتها في دعم تمديد لخفض الإمدادات فقط إذا تحسن امتثال أعضاء المجموعة لتعهدات الخفض، بحسب مصادر لوكالة "رويترز".
خلافات ليست كبيرة
وأفاد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يعتزم مناقشة شروط صفقة "أوبك+" مع كبرى شركات النفط الروسية، وذلك قبيل اجتماع الخميس، مضيفاً أن الخلافات بين روسيا وأوبك ليست كبيرة مثلما كانت في أوائل 2020 عندما أدت إلى انهيار المحادثات وقفزة في الإنتاج.
وجاء تصريح بيسكوف رداً على سؤال للصحافيين بهذا الشأن، الثلاثاء، مضيفاً أن جدول بوتين لا يزال لا يشمل إجراء محادثات هاتفية مع القيادات في دول أخرى في "أوبك+".
وبحسب المتحدث باسم الكرملين، فإن العمل التحضيري لاجتماع "أوبك+" جار، ويشرف عليه نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك (وزير الطاقة الروسي السابق).
ويتعين على "أوبك+" التوصل إلى توازن دقيق بين دفع الأسعار للصعود بما يكفي لمساعدة موازنات الدول الأعضاء لكن ليس بشكل حاد يؤدي لزيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي المنافس.
ويميل إنتاج النفط الصخري للارتفاع عندما تتجاوز الأسعار 50 دولاراً للبرميل، ومما يزيد التحديات داخل "أوبك+".
تخفيضات إنتاج النرويج النفطي
على صعيد متصل قالت وزارة البترول والطاقة النرويجية "إن تخفيضات إنتاج النفط التي تنفذها البلاد منذ يونيو (حزيران) من المقرر انتهاؤها في 31 ديسمبر (كانون الأول).
وأعلنت النرويج في أبريل (نيسان) أنها ستقلص الإنتاج في الشهور السبعة الأخيرة من العام الحالي، وذلك بعد هبوط حاد لأسعار الخام في أوائل 2020 في ظل تأثير جائحة كورونا على الطلب.
ودعمت الخطوة تخفيضات كبيرة لمجموعة "أوبك+" التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا وعدة منتجين آخرين ليست النرويج منهم.
ومن المقرر أن تجتمع المجموعة مجدداً هذا الأسبوع للتفاوض بشأن المزيد من التخفيضات.
وقالت الوزارة "النرويج ليست ضمن أوبك+ وهي ليست مدعوة لهذا الاجتماع".
وقالت "الإجراءات التي اتخذتها أوبك+ ودول أخرى خلال الجائحة كانت حاسمة وناجحة في تحقيق الاستقرار بسوق النفط بما يعود بالنفع على كل من المنتجين والمستهلكين".