ملخص
أكد رئيس طائفة الموحدين الدروز الشيخ الهجري دعمه القوي لترشيح السيدة محيثاوي لتولي هذا المنصب، نظراً إلى سجلها النزيه والخبرة الطويلة في العمل الحكومي، ومن جهة ثانية لضرورة إسناد المناصب لأبناء المحافظة في إطار تطبيق "اللا مركزية"، خلال وقت تعتمد "حكومة الإنقاذ" على إجراء تعيينات للمحافظين في مناطق غير تلك التي يتحدرون منها ومن الإسلاميين المعارضين حصراً، من الذين عملوا في مجال الحكومة في إدلب قبل سقوط النظام.
بادرت أوساط سياسية وشعبية ودينية في محافظة السويداء جنوب سوريا إلى ترشيح سيدة من أبناء المدينة لمنصب محافظ، في خطوة تعد الأولى من نوعها وتشهد اختيار أبناء المدينة محافظهم، إذ درجت العادة على صدور مرسوم رئاسي بتعيين المحافظ من قبل رئيس الجمهورية، يمثله داخل محافظته.
ويتمتع اختيار الهيئات السياسية والشعبية بمباركة من رأس هرم طائفة الموحدين الدروز أثناء لقاء في الـ25 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، كمنطلق لضمان المساواة في المسؤوليات والواجبات واحتراماً للتعددية والتنوع وفي ظل مرحلة انتقالية تعيشها سوريا، إذ ظلت محافظة السويداء (تبعد من دمشق 110 كيلومترات) خارج سيطرة الدولة.
وبحسب قوانين الإدارة المحلية، ينتخب أبناء المدينة هيئة يطلق عليها اسم "مجلس المدينة"، تهدف إلى إقرار مشاريع خدمية وتنموية وانتخاب مجلس محافظة يشمل عدد مقاعد تضم ممثلين عن المدينة ومناطق الريف، وهو مجلس يرسم المشاريع ويقر قرارات شاملة عن المحافظة. وفي حين كان المدنيون يختارون ممثليهم تحت ضغط النظام الذي يفرض مرشحين لينتخبوا بطريقة غير ديمقراطية، ليس من حق أبناء المدينة اختيار محافظهم إذ يعين بمرسوم رئاسي، ويكون من خارج المحافظة.
وأكد مدير إعلام انتفاضة السويداء والحراك السلمي مرهف الشاعر لـ"اندبندنت عربية" صحة المعلومات الواردة، عن ترشيح السيدة محسنة محيثاوي من قبل الهيئة العامة لحراك السويداء السلمي، وبمباركة الرئيس الروحي حكمت الهجري دون أي قرار رسمي صدر من دمشق حتى إعداد هذا التقرير. وأكد الشاعر "وجود إرادة مجتمعية في التعيينات، تتمثل خصوصاً برفض العناصر البعثية ومديري المؤسسات التابعين للنظام السابق والذين مارسوا عمليات فساد بحق المؤسسات والموظفين والأهالي.
السيرة الذاتية
ومحسنة صالح المحيثاوي من مواليد عام 1970 في قرية "لبين" بالسويداء وتنتمي إلى الطائفة الدرزية، حصلت على إجازة جامعية بالتجارة والاقتصاد في جامعة دمشق، وعملت خلال أوائل التسعينيات من القرن الماضي في مديرية المالية داخل السويداء، وتدرجت في العمل المهني إذ تسلمت مواقع وظيفية منها رئيسة قسم الخزانة. ويُشهد لها بالنزاهة والتميز بالعمل ومعارضة الفساد، إلى أن قدمت استقالتها خلال مارس (آذار) 2023 احتجاجاً على الفساد في مديرية المالية.
تأييد واسع
وكان رئيس طائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري بارك الترشيح، وناقش مع وفود من الإدارة الانتقالية التي زارت محافظة السويداء هذا القرار، الذي أيدته الفعاليات الشعبية والسياسية والدينية.
وتحدثت الناشطة في حقوق المرأة في سوريا إيمان صفدي عن "أهمية تولي السيدة محيثاوي هذا المنصب"، مضيفة أنه "في حال تسلمت المنصب فستكون سابقة في تاريخ الحياة السياسية والحكومية ليس في السويداء فحسب، بل على المستوى الوطني".
وأفادت بأن "الحكومات السورية السابقة حرصت على تسلم وجوه نسائية مقاعد في الوزارة وكان معظمها في ميادين الاقتصاد والثقافة، وكسبت المرأة مقاعد في البرلمان (مجلس الشعب)، وتولت منصب نائب رئيس جمهورية، وسجلت حضورها كمستشارة وتبوأت مناصب إدارية منها مدير عام، وأثبتت نفسها في مفاصل الحياة الوظيفية كافة، لكن لم نسمع عن تسلم امرأة لمنصب محافظ وهذا يدل على ثقة عالية بمواصفات المرشحة حتى تتمكن من العمل، لا سيما مسؤولية المحافظ وهي خليط بين العمل الميداني والخدمي والسياسي والشعبي، ولابد من الثقة بقدرات النساء وإتاحة الفرص لهن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تمكين المرأة
يأتي ذلك وسط استبعاد "إدارة العمليات العسكرية" التي تحكم البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، المرأة من مقاعد "حكومة الإنقاذ". إلا أنه وعلى خلفية اعتراضات المجتمع المدني الذي طالب بتمثيل المرأة، صدر قرار بتعيين رئيسة لمكتب شؤون المرأة في حكومة تصريف الأعمال هي عائشة الدبس، التي تحدثت عن حقوق النساء المعتقلات في سجون النظام وطالبت بتعويضهن من النظام السوري السابق والنظام الإيراني.
وجزمت عائشة الدبس في حديثها عن تمكين المرأة السورية بضرورة "صناعة نموذج سوري خاص للمرأة في المجتمع يناسب الواقع، من ثم عدم استيراد نماذج من خارج البلاد". وأشارت إلى "دعوة النساء السوريات في الداخل والخارج لحضور حوار وطني وجلسات نقاش لوضع نموذج تمكين المرأة".
تطبيق اللا مركزية
في الأثناء، أكد رئيس طائفة الموحدين الدروز الشيخ الهجري دعمه القوي لترشيح السيدة محيثاوي لتولي هذا المنصب نظراً إلى سجلها النزيه والخبرة الطويلة في العمل الحكومي، ومن جهة ثانية لضرورة إسناد المناصب لأبناء المحافظة في إطار تطبيق "اللا مركزية"، في وقت تعمد "حكومة الإنقاذ" على إجراء تعيينات للمحافظين في مناطق غير تلك التي يتحدرون منها، ومن الإسلاميين المعارضين حصراً من الذين عملوا في مجال الحكومة في إدلب قبل سقوط النظام.
في غضون ذلك، أثارت التعيينات الأخيرة لمناصب رفيعة في الدولة استياء شعبياً من عدم إشراك جميع المكونات السورية الطائفية والمذهبية في الحكومة، وعدم تسليمهم مناصب إدارية في المؤسسات بحسب ما أفاد ناشطون مدنيون، ما زاد من نقمة السوريين وغطى على فرحتهم بإسقاط حكم الطاغية.
وبينما لا يزال مصير مجهول ينتظر إدارة البلاد والحكم فيها، دعت عضو التجمع المدني لمى بدور إلى "حوار وطني يضم خبراء، وتشكيل دستور يكفل الحياة المدنية وحقوق المرأة".