نبه قائد سابق لشرطة العاصمة البريطانية إلى أن ثقة مجتمع السود في أجهزة الشرطة، بلغت أدنى مستوى لها منذ نحو عقود.
ورأى ليروي لوغان الذي تولى رئاسة "جمعية الشرطيين من أصول أفريقية" Black Police Association (منظمة تناهض العنصرية في قوى الشرطة) لمدة 30 سنة، أنه مورست "أعمال ضبط أمنية قاسية" على مدى أعوام، مشيراً إلى أن السكان السود كانوا في ما يبدو الأكثر عرضةً على نحو واسع للصعق بالأسلحة الكهربائية، مقارنة مع أقرانهم البيض.
وأشار إلى أن الشباب السود يشعرون كما لو أنهم "موضع استهداف أكثر، وحماية أقل" من جانب الشرطة وينظرون إلى عناصرها على أنهم مفترسون.
القائد السابق لشرطة العاصمة البريطانية الذي قرر الانضمام إلى المؤسسة بعد مشاهدته عنصرين من أفرادها يعتديان على والده، قال لبرنامج Times Radio Breakfast (تبثه محطة "تايمز راديو" الإذاعية عبر الإنترنت)، إن "إخفاقات النظام" التي كانت مثاراً للجدل قبل نحو 20 سنة لا تزال قائمة.
وأضاف ليروي لوغان: "ما زلنا نلحظ وجود مشكلات حقيقية تؤكد أن التعامل اليومي لوحدات الشرطة مع المجتمع، ولا سيما مجتمع السود، ليس إيجابياً". وقال "في الواقع، إن مستوى الثقة في الأجهزة بلغ أسوأ حد له منذ نحو عقود".
وأردف لوغان "لقد لاحظنا من خلال رد الفعل على مقتل ستيفن لورانس (مراهق بريطاني أسود من بلامستيد جنوب شرقي لندن، قتل في هجوم ذي دوافع عنصرية عام 1993)، كيف شعر الشباب بأنهم مستهدفون ولا يحظون بحماية كافية من جانب الشرطة، فهم ينظرون إلى عناصرها على أنهم مفترسون، على الرغم من أنهم يرتدون الزي الرسمي نفسه".
وأشار إلى أن هذا الشعور "لا ينبع من مجرد أنهم اختبروا يوماً سيئاً مع الشرطة، بل هو حصيلة أجيال وأعوام طويلة من الممارسات الشرطية القاسية، التي بتنا نشهد مفاعيلها الآن. إن ذلك لا يمكن السماح به".
الضابط السابق الذي حصل على "وسام الإمبراطوية البريطانية" MBE (ثالث أعلى مرتبة في تصنيف الأوسمة) تقديراً لإنجازاته في قوى الشرطة، لفت إلى أن نحو ثمانية من كل 10 أفراد عُرضوا للصعق بأسلحة كهربائية، هم من السود. وأضاف أن أكثر من 8 في المئة من الأشخاص المدرجة أسماؤهم ضمن قاعدة بيانات الحمض النووي هم من السود (مع أنهم يشكلون 3 في المئة فقط من عدد سكان البلاد) وليس من البيض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأتي تصريحات ليروي لوغان هذه في تعليق على كلام كريسيدا ديك الرئيسة الراهنة لشرطة العاصمة البريطانية التي أكدت خلال عطلة نهاية الأسبوع لصحيفة "صنداي تايمز"، وجود قضايا تتعلق بالتمييز والعنصرية داخل أجهزة الشرطة في بريطانيا.
وأضافت في حديثها مع الصحيفة "لطالما قلت إن شرطة العاصمة ليست في منأى عن العنصرية أو التمييز أو الانحياز. إلا أننا لا نتسامح على الإطلاق مع الأشخاص الذين يظهرون سلوكاً عنصرياً، ونعمل على طرد العناصر التي تلجأ إلى مثل هذا التصرف، ولا نرحب بهم، وقد أُبلغ عن الغالبية الساحقة من هؤلاء من قبل الزملاء. في الواقع أنا لست ساذجة، علي أن أقر بأن الأجهزة الأخرى ليست خاليةً تماماً من مثل هذه السلوكيات، بما في ذلك المؤسسات الأخرى داخل المجتمع البريطاني أو في لندن بشكل عام".
معلوم أن السكان السود، يشكلون نحو 8 في المئة من الوفيات المسجلة التي تحدث أثناء الاعتقال لدى أجهزة الشرطة في بريطانيا، على الرغم من أن عددهم في حدود 3 في المئة من مجموع سكان البلاد.
في المقابل، أشارت بيانات إلى أن عناصر شرطة العاصمة كانوا أكثر ميلاً بنحو أربعة أضعاف، إلى استخدام القوة ضد السود مقارنةً بالبيض. وفي الوقت الذي استخدمت فيه شرطة العاصمة القوة 62 ألف مرة في الفترة الممتدة ما بين عامي2017 و2018، كان أكثر من ثلث تلك الحالات ضد أفراد من أصول سوداء.
يضاف إلى ذلك، وجود أعداد كبيرة من الأفراد السود داخل سجون المملكة المتحدة، وقد توصل تقرير "لامي ريفيو" Lammy Review لعام 2017 (مراجعة أجرتها لجنة برئاسة النائب البريطاني ديفيد لامي عن طرق معاملة نظام العدالة الجنائية للسود والآسيويين وآخرين من الأقليات العرقية)، إلى أن السود يشكلون قرابة 12 في المئة من المساجين. وأشار إلى أن نحو نصف عدد المحتجزين ما دون ثمانية عشر عاماً، ينتمون إلى خلفيات عرقية من أصول سوداء أو من أبناء الأقليات الأخرى.
تجدر الإشارة، أخيراً، إلى أن آلاف المتظاهرين كانوا قد احتشدوا في جميع أنحاء المملكة المتحدة خلال فترة الصيف الماضي، احتجاجاً على وحشية تصرفات الشرطة والعنصرية الممنهجة والمتكررة التي تتبعها، وذلك بعد وفاة جورج فلويد أثناء اعتقاله على يد عناصر من الشرطة الأميركية.
© The Independent