تظل تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية غير مسبوقة من حيث الحجم والشمولية على معظم القطاعات، ولا شك أن قطاع السياحة والسفر كان الأكثر تأثراً، وهو ما جعل الناقلات الجوية حول العالم تعاني ظروفاً صعبة. وعلى الرغم من إعادة كثير من دول العالم فتح حدودها تدريجياً، فإن حالة من عدم اليقين لا تزال سائدة مع الموجة الثانية، وتكرار رفع القيود على السفر وإعادة فرضها.
وحول أوضاع قطاع الطيران ومدى تأثره بالجائحة والإجراءات الاحترازية المقبلة، ومستقبل السياحة والسفر بعد انكشاف ظلمة الوباء، قال أحمد بن سعيد آل مكتوم، الرئيس الأعلى لـ"طيران الإمارات"، "كنا نتوقع أداءً استثنائياً للشركة هذا العام، لولا كورونا وتأجيل (إكسبو 2020 دبي). أمامنا من الآن عشرة أشهر، لحين استضافة الحدث العالمي، في وقت تشير جميع الدلائل المتوفرة إلى أن اللقاح سيعم العالم. وحقيقة نحن متفائلون بالمستقبل، ونتطلع إلى دورة متميزة من المعرض العالمي، ما سينعكس إيجاباً على جميع الأنشطة الاقتصادية، وأبرزها قطاع الطيران والسفر".
إجراءات احترازية وتأمين ضد المخاطر
وأضاف أحمد بن سعيد، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "تعلمنا كيف نتعامل مع الجائحة سواء على مستوى الدول أو الشركات والصناعات، أو حتى في حياتنا كأفراد وجماعات. ومع استعداد العالم لتلقي جرعات اللقاح فإننا في (طيران الإمارات) متفائلون بأن هذا سيعيد بعض الاستقرار إلى الطلب على السفر، ويطلق مرحلة تعافي الاقتصاد العالمي".
وتابع، "(طيران الإمارات) بادرت بمراجعة وإعادة تصميم كل خطوة في رحلة العميل، بدءاً من إجراءات السفر وحتى الوصول إلى الوجهة النهائية للحد من المخاطر، وجعل الطيران آمناً إلى أقصى حد ممكن". موضحاً "تشمل الإجراءات توزيع أطقم نظافة مجاناً على جميع الركاب عند عمل إجراءات السفر، تحتوي على أقنعة وقفازات ومعقم لليدين ومناديل مضادة للبكتيريا. وجرى تركيب حواجز واقية على كاونترات إجراءات السفر والجوازات لتوفير مزيد من الطمأنينة والسلامة للعملاء والموظفين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستكمل الرئيس الأعلى لـ"طيران الإمارات"، "أما على متن الطائرة فيرتدي أفراد أطقم الخدمة معدات الوقاية الشخصية. كما أن مستلزمات الراحة، مثل المراتب والبطانيات والوسائد وسماعات الرأس معقمة ومغلفة، كما أزيلت جميع المطبوعات. وتخضع جميع الطائرات عند العودة إلى دبي بعد كل رحلة لعملية تنظيف وتعقيم شاملة". مشيراً إلى أن "طيران الإمارات" "أصبحت أول ناقلة على مستوى العالم تقدم لركابها تغطية طبية مجانية لأي نفقات تتعلق بالإصابة بكورونا، إذا ظهرت عليهم الأعراض أثناء سفرهم ووجودهم بعيداً عن بلدانهم. كما أضافت، أخيراً، تأميناً شاملاً ضد مختلف المخاطر لجميع الركاب من دون أي تكلفة إضافية".
وواصل، "بفضل هذه الإجراءات مجتمعة وتعامل الشركة الاحترافي مع تداعيات الجائحة، نالت (طيران الإمارات) مكانة (الناقلة الأعلى أماناً) في العالم، وفقاً لتصنيف سيف ترافيل باراميتر، الذي يشمل قاعدة البيانات الشاملة حول بروتوكولات الصحة والسلامة المتعلقة بكورونا ومبادرات تجارب السفر المعلنة التي تؤثر على القرارات في الأوضاع المستجدة".
استئناف تشغيل رحلات طيران الإمارات إلى 100 مدينة
سألنا أحمد بن سعيد، عن استعدادات الناقلة الإماراتية للانطلاق مجدداً مع الإعلان عن ثلاثة لقاحات وبدء عمليات التلقيح فعلياً في عدد من دول العالم، أجاب، "بدأنا سنتنا المالية في الأول من أبريل (نيسان) بتوقف تام لعمليات الركاب، لكننا كنا من أوائل الناقلات التي عادت لتشغيل رحلات دولية، اعتباراً من 21 مايو (أيار)، وواصلنا إعادة خدماتنا إلى مزيد من المدن حتى وصلنا اليوم إلى استئناف تشغيل رحلاتنا إلى مئة مدينة. ونتطلع لاستعادة جميع محطات شبكة خطوطنا ما قبل الجائحة، ومع بدء مختلف دول العالم في اعتماد وتعميم اللقاحات، فإن ثقة الناس بالسفر ستزداد، ونحن مستعدون لخدمة الطلب".
وعن الخسائر التي لحقت بالشركة بسبب تداعيات الأزمة التي خلفها الوباء، وإن كانت "طيران الإمارات" ستلتزم بطلبات شراء الطائرات التي تقدمت بها أم ستلغيها، قال، "لا يوجد ناقلة جوية في العالم لم تتكبد خسائر هذا العام، و(طيران الإمارات) ليست استثناء من هذا الوضع. توقفت رحلاتنا لنقل الركاب تماماً شهرين تقريباً منذ بدء الجائحة. وعلى الرغم من أننا استأنفنا التشغيل تدريجياً اعتباراً من 21 مايو (أيار)، وبدأنا بتسع وجهات، ووصلنا حالياً إلى مئة وجهة، فإن عدد الرحلات لم يعد كما كان في السابق. ومع إقدام مزيد من الدول على فتح مطاراتها وتخفيف القيود على السفر، فإننا نواصل توسيع شبكة خطوطنا وزيادة عدد الرحلات وفقاً لمعدلات الطلب".
وأشار إلى أنه "في النصف الأول من السنة المالية 2020- 2021 من 1 أبريل- 30 سبتمبر (أيلول)، بلغت خسائرنا 12.6 مليار درهم (3.4 مليار دولار)، مقارنة بأرباح العام الماضي خلال المدة ذاتها التي بلغت 862 مليون درهم (235 مليون دولار)، وذلك نتيجة لتوقف حركة الطيران نحو شهرين، والقيود الصارمة على الطيران والسفر حول العالم بسبب الجائحة".
وفيما يتعلق بأسطول طيران الشركة وطلبات الشراء، قال أحمد بن سعيد "أسطولنا يتألف حالياً من 270 طائرة، منها 116 طائرة A380، و11 طائرة شحن بوينغ 777F، و10 طائرات بوينغ 777-200LR، والباقي طائرات بوينغ 777-300ER، وهي من أحدث الأساطيل في الأجواء، إذ لا يزيد معدل أعمارها على 64 شهراً. والشركة لديها طلبيات شراء جديدة من طرازات بوينغ 787 (30 طائرة)، وبوينغ X 777 12 طائرة، وإيرباصA350 50 طائرة، إضافة إلى بقية طلبية إيرباصA380 7 طائرات". مشيراً إلى تواصلهم وتشاورهم الدائم مع كل من "إيرباص" و"بوينغ"، ومؤكداً أن طلبات الشركة العملاقة من الطائرات لا تزال قائمة.
إغلاق الحدود والقيود على السفر أبرز التحديات
وعن توقعاته لعودة الطلب مجدداً على السفر في 2021، والتحديات التي تواجههم مستقبلاً، قال الرئيس الأعلى لطيران الإمارات، "الناس عبر العالم يتوقون إلى السفر بعد توقف طويل، ونحن متفائلون بمستقبل الصناعة. قطاع السفر قوي ومهم ومساهم رئيس في الاقتصاد العالمي، ينبغي علينا أن نكون مرنين ومهيأين لركوب موجة النمو التالية".
أما أبرز التحديات التي تواجه عودة الطلب على السفر العام المقبل فيرى أنها تكمن في "إغلاق الحدود والقيود على السفر". منوهاً إلى أن الالتزام بمعايير الصحة والسلامة أثبت أنه أنجع من الإغلاق والحواجز.
كورونا خفض كلفة وقود الناقلة 83 في المئة
وفيما يتعلق بالتراجع الكبير هذا العام في أسعار النفط، ومن ثم الوقود، وإن كان ذلك أسهم في تقليل الخسائر التي تسببت بها الأزمة لقطاع الطيران، أشار أحمد بن سعيد إلى أن أسعار الوقود انخفضت في الوقت الذي شهد توقف حركة الطيران. لكن، مع ذلك نتائج الشركة النصف السنوية كشفت أن تكاليف الوقود هبطت 83 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. ويرجع ذلك إلى انخفاض أسعار النفط، فضلاً عن تقلص كميات الوقود المستخدمة 76 في المئة، نتيجة الانخفاض الكبير في عمليات الطيران خلال فترة الأشهر الستة حتى نهاية سبتمبر (أيلول). منوهاً إلى أن الوقود كان قد استأثر في السنوات الماضية بأكبر نسبة في التكلفة التشغيلية، لكنه شكل 11 في المئة فقط من التكلفة التشغيلية في الأشهر الستة الأولى من السنة المالية الجارية، مقارنة مع 32 في المئة في الفترة ذاتها من السنة المنصرمة.
وتحدث أحمد بن سعيد عن توجهات الشركة لخفض الإنفاق في ظل أزمة كورونا، مشيراً إلى أن "طيران الإمارات" كانت قد اتخذت خلال أحداث عالمية في السنوات السابقة "إجراءات لخفض الإنفاق"، موضحاً "من الطبيعي أن تنسحب هذه الإجراءات على الوضع الحالي". لكنه أكد أن أياً من هذه الإجراءات "لم ولن يؤثر في معايير وجودة المنتجات والخدمات التي توفرها للعملاء". أما بالنسبة إلى العنصر البشري، فقال "نبذل كل ما في وسعنا للإبقاء على موظفينا ذوي الخبرة والكفاءة بقدر ما نستطيع".
وأضاف، أن هدفهم الحالي يكمن في استعادة شبكة خطوط الناقلة وأعداد الرحلات إلى مستوى ما قبل الجائحة (143 محطة). لا شك أن "طيران الإمارات" ستواصل في المديين المتوسط والبعيد توسيع شبكة خطوطها والوصول إلى وجهات جديدة، ذلك أن استراتيجيتها منذ البداية تقوم على ربط دبي ودولة الإمارات مع أكبر عدد من العواصم والمدن الرئيسة في العالم.