Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"عشاء سمك" يمدد مفاوضات "بريكست" 4 أيام

اتهامات لبوريس جونسون بالفشل الدبلوماسي واحتمالات خروج بريطانيا من دون اتفاق تتزايد

بريطانيا تخوض مفاوضات شاقة مع الأوروبيين يسودها القلق والتوتر قبل موعد نهاية الفترة الانتقالية لبريكست (غيتي)

يواصل فريقا التفاوض بشأن اتفاقية تحكم العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد نهاية الفترة الانتقالية لخروج بريطانيا من أوروبا (بريكست) في منتصف ليل الحادي والثلاثين من ديسمبر (كانون الأول)، على أن يكون نهاية يوم الأحد آخر موعد لتحديد مدى إمكانية التوصل لاتفاق.

كانت تلك هي النتيجة الأساسية للقمة الأوروبية البريطانية في بروكسل بين رئيس الوزراء بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وهي ثالث قمة هذا الأسبوع في محاولات شبه يائسة لإنقاذ المفاوضات بشأن اتفاق "بريكست"، وكانت القمتان السابقتان عبر الهاتف، أما قمة الأربعاء فكانت عشاء عمل مطولاً في بروكسل استمر نحو 3 ساعات.

عشاء أسماك

لم يصدر بيان مشترك عن القمة، ما اعتبره المراقبون دليلاً على عدم إحراز أي تقدم يذكر على صعيد القضايا الخلافية الثلاث: مساواة القواعد والقوانين (فيما يخص الدعم الحكومي ومعايير البيئة وقوانين العمل)، وآلية التحكيم في حالة انتهاك بنود الاتفاق، وحقوق الصيد. وفي لفتة ذات دلالة، كان عشاء العمل في مقر المفوضية الأوروبية كله من الطعام البحري، فكان عبارة عن مقبلات من السبيط، وطبق رئيس من السمك مع البطاطا المهروسة. واعتبر البعض ذلك مقصوداً لتذكر رئيسة المفوضية الأوروبية رئيس الوزراء البريطاني بأهمية صيد الأساطيل الأوروبية في المياه البريطانية، والذي يبلغ حجمه ما يزيد على 786 مليون دولار (650 مليون يورو) سنوياً.

وفي تصريحات مقتضبة عقب القمة، قالت أورسولا فوندير لاين، إنهما "أجريا محادثات حيوية ومهمة، ووصلنا إلى فهم واضح لمواقف كل طرف"، لكنها اعترفت بأن تلك المواقف "تظل متباعدة جداً". وهذا ما خلص إليه أيضاً مسؤول حكومي بريطاني عقب القمة بالقول إن "هوة واسعة جداً ما زالت قائمة بين الجانبين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت فون دير لاين: "اتفقنا على أن يجتمع الفريقان على الفور لمحاولة حل هذه القضايا الأساسية، وسنصل إلى قرار نهائي بنهاية عطلة الأسبوع". ويوجد فريق التفاوض البريطاني بقيادة ديفيد فروست في بروكسل، حيث يستأنف المفاوضات مع الفريق الأوروبي بقيادة ميشال بارنييه، لكن من غير الواضح على ماذا سيتفاوضان إذا لم تكن القيادة السياسية للجانبين أصدرت لهما تعليمات جديدة بشأن "الخطوط الحمر" وإلى أي مدى يمكن التنازل للوصول لحلول وسط.

فشل جونسون

غادر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بروكسل بعد قمة عشاء العمل مباشرة قرب منتصف الليل عائداً إلى لندن ليواجه عاصفة من الانتقادات من المعارضة السياسية لحزب المحافظين الحاكم. وانتقد حزب العمال المعارض فشل جونسون في الوفاء بما وعد به حين قال مطلع العام إن "اتفاق (بريكست) مطبوخ وجاهز". أما الحزب القومي الاسكتلندي فاتهم رئيس الوزراء بأنه "فاشل في الدبلوماسية والقيادة".

وتعليقاً على الجمود الحالي في مفاوضات اتفاق "بريكست"، كتبت نائب رئيس حزب العمال أنغيلا راينر على حسابها في موقع التواصل "تويتر": "بعد عام من وعده بصفقة مطبوخة وجاهزة، فشل بوريس تماماً في تقديم أي شيء، ويقع فشله في تقديم الصفقة التي وعد بها على عاتقه وحده".

وغرد زعيم الحزب القومي الاسكتلندي في البرلمان إيان بلاكفورد قائلاً: "عدم التوصل لاتفاق فشل ذريع على صعيد الدبلوماسية والقيادة على بوريس جونسون أن يتحمل تبعاته. فبالإضافة إلى التأثير الاقتصادي والصحي لوباء كوفيد-19، هذا ضرر نوقعه على أنفسنا. إن اختلال التجارة، وفرض الرسوم، وارتفاع الأسعار، وضياع الوظائف ليس ثمناً علينا دفعه"، لكن بوريس جونسون لا يواجه المعارضة فحسب، بل إن هناك انقساماً داخل حزبه بين المتشددين لصالح "بريكست" من دون اتفاق وبين التيار التقليدية الذي يريد "بريكست" باتفاق لتفادي الأضرار الاقتصادية الهائلة الناجمة عن الخروج من دون ترتيبات مع أوروبا.

وقبل مغادرته إلى بروكسل مساء الأربعاء، غرد جونسون مكرراً التأكيد أن بريطانيا "ستنتعش بشكل هائل كدولة مستقلة"، بغض النظر عن نجاح مفاوضات اتفاق "بريكست"، أو فشلها. ويتناغم ذلك مع أصوات المتشددين تجاه العلاقة مع أوروبا في حزب المحافظين.

وبدأ القلق والتوتر يسيطران على الأعمال في بريطانيا مع ضيق الوقت نحو موعد نهاية الفترة الانتقالية، بينما من غير الواضح كيف سيتم التصرف في حال "بريكست" من دون اتفاق. وحتى في حالة الاتفاق، لم يعد هناك وقت لمعرفة تفاصيل شكل الاتفاق ولا الإجراءات المطلوبة لاستمرار التجارة اليومية مع أوروبا.

وأعلنت شركة "هوندا" بالفعل وقف الإنتاج في مصانعها في بريطانيا نتيجة تأخر وصول شحنات التوريدات المعطلة في الموانئ البريطانية. وحذرت سلسلة محلات "تيسكو" من نقص في السلع الأساسية إذا لم يتم التوصل لاتفاق واضح مع أوروبا.

وتستورد بريطانيا نحو 60 في المئة من احتياجاتها من الخضراوات والسلع الطازجة من أوروبا يومياً، ومن شأن تعطل تلك الشحنات في طوابير الانتظار على منافذ الدخول من أوروبا أن يؤدي إلى تلف الأغذية، وبالتالي شحها وارتفاع أسعارها للمستهلك البريطاني.

القمة الأوروبية

لا يقتصر القلق على الجانب البريطاني، فقد بدأت بعض الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد تعبر عن قلقها وتطالب بسرعة إعداد خطط طوارئ لمواجهة احتمال "بريكست" من دون اتفاق. وسيطغى هذا الأمر على اجتماعات المجلس الأوروبي الخميس والجمعة في بروكسل، حيث ستطلع رئيس المفوضية أورسولا فون دير لاين القادة الأوروبيين على نتائج اجتماعها مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

وقبل الموعد النهائي الذي حدد للوقت الإضافي لمفاوضات اتفاق "بريكست" بعد أربعة أيام، ستظهر مؤشرات الحسم، ما ستتفق عليه القمة الأوروبية. وهناك تياران في أوروبا: الأول تقوده ألمانيا، ومعها السويد ودول أخرى تريد "بريكست" باتفاق، والثاني تقوده فرنسا ومعها هولندا ودول أخرى لا تريد اتفاقاً بأي ثمن وتتشدد في ضرورة تنازل بريطانيا في قضيتي مساواة القواعد والقوانين وحقوق الصيد، لكن حتى ألمانيا لا تريد اتفاقاً بأي ثمن. فقد صرحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بأنه على الرغم من رغبتها في التوصل لاتفاق يحكم العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، فإنه لا يمكن المخاطرة بسلامة السوق الموحدة، وهي تعني ضرورة التزام بريطانيا بقواعد ومعايير أوروبية تضمن عدم إعطاء الحكومة البريطانية ميزات تنافسية لشركاتها على حساب نظيراتها الأوروبية.

المزيد من اقتصاد