Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماكرون غامر بالانتخابات لكن لا يزال هناك أمل

هذه هي المرة الأولى التي ينجح فيها اليمين المتطرف بالحلول في المرتبة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية بفرنسا

مارين لوبن من "التجمع الوطني" تدلي بصوتها في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية في الـ30 من يونيو 2024 (أ ف ب)

ملخص

وضعت نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئيس ماكرون في موقف صعب مع تأثيرات ذلك في الاستقرار الوطني وفي الاتحاد الأوروبي، نظراً إلى الدور المركزي الذي تلعبه فرنسا. وعلى رغم عدم حسم فوز "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، فإن البرلمان القادم لن يحقق الاستقرار للسياسة الفرنسية

"دخلنا إلى مكان مجهول"، هذا هو التقييم الأكثر حيادية بعد ظهور نتائج الدورة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية. لكن على رغم أنها مرحلة غير معهودة، فإن الأسبوع المقبل من الحملات الانتخابية لن يكون عدوانياً تماماً كما كان يخشاه أولئك القلقون – في فرنسا وأوروبا – في شأن الاجتياح الساحق لليمين المتطرف.

نعم، لقد حل حزب "التجمع الوطني" الذي تقوده مارين لوبن - النسخة المخففة إلى حد ما من حزب والدها "الجبهة الوطنية" - في المرتبة الأولى، وحصل على 34 في المئة من مجمل الأصوات. وهذه هي المرة الأولى التي يحل فيها اليمين المتطرف أولاً في الانتخابات في فرنسا ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو حدث فريد يرسل تردداته الصادمة إلى مختلف أنحاء أوروبا.

لكن هذا لم يكن الانتصار الكبير الذي توقعه البعض، بما أن ناخبي "التجمع الوطني" قد يكونون أكثر ميلاً من غيرهم لإخفاء نياتهم في التصويت أمام منظمي استطلاعات الرأي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإذا كانت هناك من مفاجأة، فهي الأداء القوي نسبياً لـ"الجبهة الشعبية الجديدة" – تحالف اليسار الذي شكل على وجه السرعة لخوض هذه الانتخابات، والذي حصل على 28 في المئة من الأصوات.

أما ائتلاف "معاً" (أنسامبل) Ensemble الوسطي الذي يدعم الرئيس إيمانويل ماكرون، فقد حصد 22 في المئة من الأصوات، وكان ذلك أكثر بسبع نقاط مما حققه الحزب في انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي الأخيرة. وهكذا تظهر الصورة السياسية لفرنسا منقسمة إلى ثلاثة اتجاهات - حيدان نحو اليمين ولكن مع مقاومة حازمة من اليسار، وتماسك الوسط بقيادة ماكرون.

ويعتمد تقييم أداء الأحزاب على مقارنتين. فمقارنة بالانتخابات الأوروبية التي جرت الشهر الماضي، فقد حسن "التجمع الوطني" بقيادة لوبن نتيجته بـ1.5 نقطة فحسب، و"معاً" لماكرون، بـ7 في المئة.

أما مقارنة بتكوين البرلمان الفرنسي الحالي، فإن "التجمع الوطني" يتوقع أن يضاعف عدد مقاعده من 88 إلى أكثر من 200، بينما قد تتقلص المجموعة الداعمة لماكرون من 170 إلى أقل من النصف.

وبدأت الحملة الانتخابية للجولة الثانية الأحد القادم بعد دقائق من إغلاق صناديق الاقتراع، عندما دعا إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الحالي، غابرييل أتال، إلى توحيد الجهود ضد "التجمع الوطني".

من جانبها، هنأت مارين لوبن مؤيدي حزبها وبصورة مثيرة للاهتمام، شددت على أن حزبها ليس مجرد تيار متطرف، بل حزب شرعي وجزء من المشهد السياسي الفرنسي السائد.

ولا يمكن أن تكون عملية الدفاع الاستباقية تلك إلا أن تؤشر إلى درجة من الشعور بالضعف التي يمكنها أن توحي بالطريق بالنسبة إلى أعداء الحزب في الأيام المقبلة. ففيما يبدو أن نتائج دورة الانتخابات الأولى كانت قاطعة، فإنها لا تسمح بتنبؤات يمكن الاعتماد عليها في ما يتعلق بالنتيجة النهائية، وشكل تركيبة البرلمان الجديد.

كل المرشحين الذين نجحوا بحصد أكثر من 12 في المئة من الأصوات في دائرتهم الانتخابية يمكنهم أن يتأهلوا للمنافسة في الدورة الثانية، وحجم المشاركة المرتفع وغير المعتاد - نحو 65 في المئة - يعني أنه ربما سيكون هناك معارك ثلاثية وحتى رباعية بين المتنافسين أكثر مما تشهده الانتخابات الفرنسية في العادة.

وقد يكون هذا في صالح "التجمع الوطني". لكن تحرك "الجبهة الشعبية الجديدة" اليسارية الفوري الذي حصل من شأنه أن يعرقل هذا ويمنع "التجمع الوطني" من الحصول على غالبية شاملة.

وعقد اليسار صفقة مع ائتلاف "معاً" يتنحى بموجبها مرشحوهم في جولة الإعادة في الدوائر الانتخابية التي يتمتع فيها مرشح الحزب الآخر بفرصة أفضل لهزيمة مرشح "التجمع الوطني". هذه الاستراتيجية لإبقاء اليمين المتطرف خارج السلطة هي تقنية معروفة من الماضي، عندما كانت تسمى "جبهة الجمهورية" – مصممة لـ"إنقاذ الجمهورية".

ومن خلال عملية احتساب الأرقام (وكل شيء يعتمد على الأرقام)، يمكن أن يؤدي ذلك إلى حرمان "التجمع الوطني" من الحصول على غالبية برلمانية، والتي لا يزال الحزب يتمنى تحقيقها، أو حتى دفعه إلى المركز الثاني خلف اليسار. لا يبشر أي من هذا بالخير لاستقرار السياسة الفرنسية، في الأقل في المستقبل القريب.

الاحتمال الوارد هو أن الرئيس ماكرون سيضطر إلى العمل، في أفضل الأحوال، مع برلمان معلق، حتى لو تم تجنيبه برلماناً بغالبية يمينية متطرفة. من المرجح أن يبرهن التحالف الرباعي لليسار بأنه هش، ومعه قد يكون "التجمع الوطني" – إذا شعرت لوبن أن حزبها حرم بصورة غير عادلة من الغالبية بما يمكن أن تراه خدعة من الدولة العميقة – أقل استعداداً للتعاون مما كان يمكن أن تكون عليه الحال.

وقد يواجه الرئيس ماكرون أيضاً ناخبين متجهمين ومحبطين، إذا شعر أولئك الذين صوتوا لمصلحة "التجمع الوطني" أن أصواتهم جرى تجاهلها بصورة غير عادلة. إن أفضل ما يمكن أن يأمله على الأرجح هو أن تقوم القوى الوسطية في الائتلاف اليساري في التحالف مع حزب "معاً" لإنتاج غالبية من قوى الوسط في البرلمان تكون قادرة على العمل.

لكن العمل على اختيار رئيس للحكومة والتوافق على برنامج تشريعي - ناهيك بالنجاح في التوصل إلى المصادقة عليه - قد يبدو وكأنه مهمة صعبة للغاية، في الأقل إذا نجح ذلك البرلمان الجديد في الصمود.

ويمنع الدستور الفرنسي من إجراء انتخابات تشريعية جديدة خلال عام [من الانتخابات الأخيرة]. إلى ذلك الحد، من الممكن أن نجادل أن الرئيس ماكرون قد خسر الرهان الذي كان قد أجراه قبل ثلاثة أسابيع، عندما اختار القيام بالدعوة إلى إجراء هذه الانتخابات المبكرة رداً على تراجع حزبه أمام "التجمع الوطني" في انتخابات البرلمان الأوروبي.

وسواء فعل ذلك بدافع من الطيش أو الحسابات المدروسة قد يتضح فقط عندما يكتب مذكراته بعد انتهاء فترة رئاسته. إذا كان ذلك بدافع الحسابات – باعتبار أن فترة حكم قصيرة لليمين المتطرف يمكن أن تحصن الناخبين الفرنسيين ضد انتخاب رئيس من "التجمع الوطني" في المرة المقبلة – فقد يمكن أن تثبت صحة قراره، لكن هذا لا يمكن معرفته حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2027 على أقرب تقدير.

لكن، قد يبدو لنا أن الرئيس ماكرون قد حرم نفسه في الأقل من سنة، من أصل السنوات الثلاث المتبقية من عهده الرئاسي حتى لو لم تكن نتائج الجولة الثانية الأسبوع المقبل سيئة لدرجة تقنعه بالتنحي. لكن دفاعاً عن ماكرون، يمكننا أن نقول إنه في الأصل، كان يواجه برلماناً معلقاً، لذا فإن وضعه الجديد قد لا يكون أسوأ بكثير.

لكن، ومهما سيحصل، فمن الصعب أن نرى وضع ماكرون الجديد أفضل مما كان عليه مع البرلمان القديم، وهو ما كان يأمله بكل تأكيد. بالنظر إلى الوراء - على رغم أن الرئيس الفرنسي نادراً ما يبدو مهموماً من النظر إلى الوراء - ربما كان من الأفضل لماكرون أن يلتزم البرلمان الذي كان لديه. وفي الأسبوع المقبل، سيقوم بتحليل الأرقام، جنباً إلى جنب مع بقية فرنسا لمعرفة ما يمكن إنقاذه مما تبقى من فترته الرئاسية.

وعليه، الأسبوع المقبل سيكون حاسماً بصورة أكبر من أي وقت آخر في التاريخ الفرنسي الحديث في تحديد ليس فقط مستقبل فرنسا، بل أيضاً مستقبل الاتحاد الأوروبي، نظراً إلى مركزية فرنسا في الاتحاد الأوروبي ودور ماكرون كأحد السياسيين القلائل الذين يفكرون في مستقبله. على الصعيدين الوطني والدولي، هذا وقت سيئ خصوصاً لفرنسا لوجود رئيس يكون ضعفه ظاهراً إلى هذا الحد.

وفي ظروف تهيمن عليها الحرب الأوكرانية، والمحادثات المهمة المتوقعة في قمة "ناتو" الأسبوع المقبل، إضافة إلى انطلاق الألعاب الأولمبية المتوقع بعد ثلاثة أسابيع في باريس، تحتاج فرنسا إلى التحدث بصوت موحد وحلفاؤها يحتاجون إلى معرفة موقفها بوضوح.

© The Independent

المزيد من آراء